مطلع العقد الأول من القرن الـ21، انتشرت شائعات تربط بين لقاح مرض الحصبة والإصابة بفايروس النكاف، وبين لقاح الحصبة الألمانية والإصابة بالتوحد. تسببت هذه الشائعات في انخفاض معدلات تطعيم الأطفال بلقاحي الحصبة والحصبة الألمانية بنسبة 10% تقريبًا. وبطبيعة الحال، كان هذا الانخفاض في معدلات التطعيم، سببًا في ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة.
يتكرر الأمر مرة أخرى بعد مرور نحو عقدين من الزمن، ومع انتشار وباء كورونا، إذ كانت التخوفات دائمًا من تأثير الشائعات والمعلومات المضللة على الصحة العامة وارتفاع معدلات الإصابة، وبعد ظهور اللقاحات تجددت المخاوف مرة أخرى في ظل انتشار معلومات مضللة حولها، تربط بينها وبين نظريات مؤامرة أو بين إصابات بأمراض أخرى أو أعراض غير مثبة علميًا.
وظهرت مؤخرًا إحصائية وجدت أن المعلومات المضللة سبب مباشر في انخفاض معدلات التطعيم بلقاح كورونا في بعض مناطق ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأميركية.
أجرت مؤسسة مزارعي كاليفورنيا استطلاعًا للرأي بين المزارعين في كاليفورنيا حول لقاح كورونا، لتجد أنّ 35% ممن شملهم الاستطلاع معارضون بشدة تلقي اللقاح، في حين أعرب 15% عن ترددهم.
كانت المعلومات المضللة هي السبب وراء المعارضة والتردد. ومن بين المعلومات المضللة تسببًا في الرفض أو التردد، تلك التي ادعت بأن تلقي اللقاح يؤثر سلبًا على الخصوبة.
لا تزعم المؤسسة أن مواقع التواصل الاجتماعي وحدها السبب في انتشار شائعات تؤثر بشكل مباشر على معدلات تلقي اللقاح، بل أكدت أنّ وسائل الإعلام التقليدية لعبت دورًا كبيرًا في ذلك.
واستشهد المدير التنفيذي لمؤسسة مزارعي كالفورنيا، هرنان هرنانديز، بادعاء مضلل نُشر في قناة تلفزيونية تضمن اقتباسًا لحاخام يهودي من إسرائيل، ادعى أنّ أخذ لقاح كورونا يؤثر على الحياة الجنسية. وفقًا لهرنانديز، تسبب ذلك الادعاء المضلّل في أن يغيّر 100 من المزارعين الشباب رأيهم بشكل مفاجئ، واتخاذهم قرارًا بعدم تلقي اللقاح.
في مقابل الادعاءات المضللة، هناك حملات تصحيح بغرض التأكيد على سلامة اللقاحات وانعدام آثارها السلبية المزعومة. لكن يبدو أنّ حملات التضليل أقوى من حيث الانتشار، أو أنّ الناس لا يعبؤون بما فيه الكفاية بالتحذيرات العامة من المعلومات المضللة.
وسبق أن وجدت دراسة نُشرت في يونيو/حزيران الفائت، أنّ التحذيرات العامة من الادعاءات المضللة، ليس لها تأثير في الواقع على تفاعل الناس مع الادعاءات المضللة.
وبحسب مسؤول في إدارة الصحة العامة بإحدى مقاطعات كاليفورنيا، يظل بعض الناس يتساؤلون قبل تلقي اللقاح عمّا إذا كان آمنًا، فيما يتساءل البعض "هل هو حقيقي؟".
ومن بين أكثر الادعاءات المضللة أيضًا حول لقاح كورونا، هو الادعاء بتأثيره سلبًا على صحة الحوامل والأجنة والأطفال. ينتشر هذا الادعاء بشكل كبير لدرجة أن أطباءً يرددونه على نطاق واسع.
وبحسب إحصائية أميركية صادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض الوقاية منها (CDC)، فإنّ عدد وفيّات النساء الحوامل بسبب كورونا، في أميركا فقط، وصل حتى 27 سبتمبر/أيلول الفائت إلى 161 حالة وفاة، بينها 22 حالة وفاة في أغسطس/آب الفائت. وبشكل عام، فإنّ خطر دخول النساء الحوامل المصابات بكورونا إلى العناية المركزة، يصل إلى نسبة 70%.
اقرأ/ي أيضًا:
دراسة لقياس التأثير المباشر للأخبار الكاذبة على سلوك الناس
الانتقائية والخبراء المزيفون.. أدوات الإنكار العلمي وإرشاداتٌ لمواجهته
المصادر: