هذا المقال مُترجم من النسخة الإنجليزيّة لموقع مسبار.
خلال الأشهر الستة الفائتة، تعرّض العديد من الرياضيّين، ومُعظمهم من لاعبي كرة القدم، إلى إصابات مختلفة، واضطر لاعبون آخرون للاعتزال مُبكّرًا.
وتعرّض اللاعب الدنماركي، كريستيان إريكسن، لأزمة قلبية حادة خلال مباراة الافتتاح لبطولة أُمم أوروبا (يورو 2020)، فيما أعلن لاعب نادي برشلونة الإسباني، سيرخيو أغويرو، اعتزال كرة القدم بعد إصابته بمرضٍ في القلب، في حين زُوّد لاعب مانشستر يونايتد فيكتور ليندلوف، بجهاز لمراقبة نبضات القلب بعد إصابته في مباراة لعبها فريقه ضدّ نادي نورويتش في ديسمبر/كانون الأول الفائت.
وفي وقتٍ سابق، أُعلن عن وفاة لاعب المنتخب العماني، مخلد الرقادي، بعد تعرضه لنوبة قلبيّة خلال تدريبات الإحماء مع فريقه. وفي يناير/كانون الثاني الفائت أُدرج اللاعب القطري، عثمان كوليبالي، في قائمة اللاعبين الذين يُعانون من مشاكل قلبيّة، وذلك بعد فقدانه الوعي خلال مباراة جرت ضمن دوري نجوم قطر لكرة القدم.
على إثر ذلك، استخدم المناهضون للقاحات كورونا، تلك الحوادث المُربكة ليثبتوا بها وجود علاقة بين لقاحات كوفيد-19 والمشاكل القلبيّة التي أُصيب بها الرياضيون، فجمعوا قائمة بحالات اللاعبين الذين تعرّضوا للإصابة أو الوفاة، وادّعوا أنّ للأمر علاقة مباشرة بتلقي لقاحات كورونا، ومن ثمّ روجوا لذلك الادعاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مع تركيزهم على أنّ أبرز الأعراض الجانبية للقاحات كورونا هي مشاكل التهابات القلب، والتي حذّرت الشركات المُصنّعة للقاحات من ظهور أعراضها.
رغم ذلك، لا تُعد النوبات القلبية ظاهرة جديدة في تاريخ الرياضة، وذلك بحسب حالات الانهيار المُوثّقة بين الرياضيين والتي يُؤدي بعضها إلى الوفاة خلال ممارسة النشاط الرياضي.
ووفقًا لإحدى الدراسات العلمية، تبين أنّ النوبات القلبيّة غالبًا ما تكون أكثر شيوعًا لدى مُمارسي الرياضة لأنّ التمارين الرياضيّة تزيد من احتماليّة عدم انتظام ضربات القلب لدى الأشخاص الذين يُعانون بالفِعل من اضطرابات في القلب. بناء على ذلك، باشرت بعض الأندية الرياضيّة بإجراء فحوصاتٍ طبيّة للرياضيين بهدف الكشف عن أيّ اضطرابات قلبيّة مُحتملة لديهم قبل المُشاركة في المنافسات الرياضية.
مع ذلك، نجح مُناهضو اللقاحات في إثارة قلق الجمهور بشأن السلامة والآثار الجانبيّة المُصاحِبة للقاحات كوفيد-19، إذ جرى استغلال الفترة القصيرة لحوادث الرياضيين المُبلّغ عنها، للادّعاء زيفًا بأن هناك علاقة مباشرة بين اللقاحات والنوبات القلبيّة الأخيرة التي أُصيب بها الرياضيون. ووفقًا لما جاء في تقرير حديث، فقد أُصيب قُرابة 300 رياضي بنوبات قلبيّة، وتُوفي أكثر من 167 منذ توفّر لقاحات كوفيد-19. وفي ظلّ ارتفاع الحالات المُعلن عنها للرياضيين الذين يُعانون مشاكل قلبيّة، عاد الجدل حول سلامة اللقاحات من جديد.
ولكن السؤال هنا، ما رأي الخبراء حول القضايا الحاليّة؟
ليس هنالك أيّ دليل يُثبت ادّعاءات وجود علاقة بين المشاكل القلبيّة للرياضيين ولقاحات كوفيد-19.
بحسب وكالة رويترز، صرّحت الوكالة التنظيمية لسلامة الأدوية ومنتجات الرعاية الصحيّة في بريطانيا (MHRA)، بأنّ تلك الادّعاءات غير مدعومة بما يكفي من الأدلّة. إضافة إلى ذلك، تُتابع الوكالة التنظيمية لسلامة الأدوية، عن كثب، التقارير الصادرة عن الحالات المُشتبه بإصابتها بمشاكل قلبية، كالتهابات عضلة القلب أو الشرايين.
كما صرّحت مؤسسة القلب الخيريّة البريطانيّة لوكالة رويترز، بأنها ليست على دراية بأيّ أبحاث علميّة مُحكمّة حول العلاقة المزعومة بين النوبات القلبيّة المُفاجئة لدى الرياضيين ولقاحات كورونا.
من جهته صرّح البروفيسور جيدو بيليس، رئيس عيادة طبّ القلب الرياضي في معهد الرياضة والتمارين الرياضيّة والصحّة، بأنّ أمراض القلب لدى لاعبي كرة القدم ليست الأكثر شيوعًا، فعادةً ما يُنصح الرياضيون بإجراء فحوصات دوريّة للقلب بهدف تحقيق أقصى درجة مُمكنة من الحماية لهم خلال مشوارهم الرياضي.
إلى جانب ذلك، فإن فايروس كوفيد-19، قد يُسبب أضرارًا في القلب حتى بعد التعافي منه. وهناك دراسة أجرتها رابطة جاما (JAMA)، فحصت التصوير المغناطيسي للقلب لـ100 شخصٍ تماثلوا للشفاء بعد إصابتهم بكوفيد-19 خلال فترة شهرين إلى ثلاثة أشهر الفائتة، لتُبيّن النتائج ظهور اضطرابات في معدل نبضات القلب لدى 78% من المرضى المُتعافين، إضافة إلى ظهور التهابات مُستمرة في عضلة القلب لدى 60% من عيّنة الدراسة.
النتائج أشارت أيضًا إلى ظهور مستويات عالية في إنزيم في الدم يُدعى التروبونين، والذي يُشير إلى الأضرار القلبيّة، وذلك لدى 76% من المرضى الذين خضعوا للاختبار.
المصادر:
اقرأ/ي أيضًا:
الدوافع النفسية خلف الاعتقاد بالمعلومات المضللة في الكوارث والأزمات
تأثير المعلومات المضللة المرتبطة بكوفيد-19 منذ بداية الجائحة