أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعتراف روسيا باستقلال إقليميّ دونيتسك ولوغانسك شرقيّ أوكرانيا، في خطاب وجّهه إلى الأمّة الروسية يوم الاثنين 21 فبراير/شباط الجاري، قال فيه أيضًا إنّ فكرة الدولة الأوكرانيّة بحدّ ذاتها مجرد خيال. مُضيفًا أنّ أوكرانيا اختراعٌ للزعيم البلشفي فلاديمير لينين، الذي أعطى أوكرانيا عن طريق الخطأ إحساسًا بأنّها دولة، من خلال منحها الاستقلال الذاتي داخل الدولة السوفييتية التي بدأت بالتشكّل عقب الثورة البلشفية عام 1917.
وفي تقرير لها، ذكرت صحيفة ذا نيويورك تايمز إنّ قراءة بوتين لتاريخ الدولة الأوكرانية ليس دقيقة وربما تنطوي على تضليل وإغفالٍ للسياق التاريخي لتشكّل أوكرانيا بوصفها دولة. إذ تشترك روسيا وأوكرانيا في الجذور التي تعود إلى الدولة السلافية الأولى (كييفان روس)، وهي إمبراطورية من القرون الوسطى أسّسها الفايكنغ في القرن السابع الميلادي.
كما أنّ الواقع التاريخي لأوكرانيا معقّد، ويمتدّ لألف عام من تغيير الأديان والحدود والشعوب. إذ تأسست العاصمة كييف قبل موسكو بمئات السنين، ويدّعي كلٌّ من الروس والأوكرانيين أنّها مسقط رأس ثقافتهم ودينهم ولغتهم الحديثة.
يتداخل التاريخان الأوكراني والروسي، فالبلدان يشتركان في الديانة المسيحية الأرثوذكسيّة، ولدى شعبيهما العادات والتقاليد والمأكولات نفسها. وينظر العديد من الروس إلى أوكرانيا على أنّها "الأخ الأصغر" لأمّتهم. لكن لطالما كانت النزعة القوميّة الأوكرانية مصدر إزعاج للسلطات الروسية منذ الحقبة القيصرية التي سبقت الثورة الشيوعية.
وجاء في التقرير أنّ العديد من مناطق شرقيّ أوكرانيا كانت تحت سلطة الأمبراطورية الروسيّة، بيدَ أنّ بعض الأجزاء الغربية منها كانت تابعة لسلطة الإمبراطوريّة النمساويّة المجريّة، لبولندا أو ليتوانيا.
وذكر بوتين في خطابه، أنّ أوكرانيا استغلّت ضعف الاتحاد السوفييتي في عهد الرئيس الأسبق ميخائيل غورباتشوف لتُعلن استقلالها. لكنّ الحقيقة أنّ الشعب الأوكراني هو الذي صوّت في استفتاء ديمقراطي لصالح استقلال أوكرانيا عام 1991.
وهكذا فإنّ قراءة بوتين لتاريخ تشكّل أوكرانيا يأتي في إطار عدم النظر إليها كدولة مستقلة تستحق أن يتمّ احترام سيادتها، وفي سياق تبرير أيّ تدخل عسكري أو غزوٍ محتمل لها، والدليل إعلانه استقلال إقليميّ دونيتسك ولوغانسك شرقيّ أوكرانيا.
المصادر:
