تؤثر الصحافة الإلكترونية والقنوات الإخبارية في الرأي العام بشكلٍ كبير، نظرًا لجمهورها غير المحدد جغرافيًا، و لطالما كانت المصداقية والشفافية من أهم الصفات التي يتعيّن التحلي بها في المواد التي تقدمها هذه الوسائل، لكن بسبب الحرب السياسية والاقتصادية أصبح التلاعب بالرأي واضحًا من خلال تحريف الأخبار أو حتى استخدام مصطلحات غامضة تُفسَّر بشكلٍ خاطئ؛ ما يؤدي إلى حدوث بلبلة في الرأي العام وتأثير شديد على القضايا الكبرى مثل قضية فلسطين.
معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي مستمرة وتحتاج إلى نقل تفاصيلها الدقيقة دون أي تحريف يُضيع أيّ حق من حقوق هذا الشعب، لكن قامت العديد من المواقع والقنوات الإخبارية خلال الفترة السابقة بالتلاعب بالمصطلحات؛ فانقلبت الصورة، إذ تُزوّر هذه المواقع والقنوات حقيقة الطرد الإسرائيلي القسري للمواطنين الفلسطينيين من منازلهم في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة كما فعلت قناة "سي إن إن" الإعلامية الأميركية بحجة أنها أراضي إسرائيلية لقوميين إسرائيليين، متناسيين أن هذه المستوطنات كانت منازل وأراضي للشعب الفلسطيني قبل طرده والاستيلاء عليها.
وكذلك استخدام لغة غامضة من قبل وسائل الإعلام في الغرب عند تغطية القضايا الفلسطينية، وبالتالي الإساءة إلى تمثيل هذه القضايا، إذ تروّج سي إن إن بانتظام لـ "صراع" بين الفلسطينيين والإسرائيليين، متجاهلين حقيقة أن هؤلاء محتلّون قانونيًا وموضوعيًا. فهم يتحدثون عن "الأراضي المتنازَع عليها" كما لو أنه لا يوجد هناك استعمار استيطاني غير قانوني يحدث في فلسطين، ويطرد الفلسطينيين من أراضيهم.
يشيرون بانتظام إلى عنف الجيش الإسرائيلي تجاه المتظاهرين السلميين على أنه "اشتباكات"، كما لو أن الطرفين متساويان. قد لا يدرك القارئ غير المطلع، أن هذه "الاشتباكات" حدثت نتيجة اعتداء الشرطة الإسرائيلية بشكلٍ منهجي على المُصليّن الفلسطينيين في إحدى أقدس الأماكن الإسلامية "المسجد الأقصى"، ورفضًا لطردهم من منازلهم وحقهم في المقاومة والدفاع عن وجودهم.
الاعتماد المفرط على التلاعب بالمصطلحات مثل استخدام مصطلح "صِدام" بدلاً من الحديث عن انتهاكات الاحتلال وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة يحجب المعلومات، حيث يتلاعب هؤلاء الصحفيين بشكلٍ استراتيجي بالمصطلحات وترتيب الأحداث من أجل تمرير نسختهم الخاصة من السرد لمصالح سياسية واضحة.
في إحدى الحالات، قامت صحيفة نيويورك بوست بتضليل القرّاء عمدًا من خلال نسب غارة جوية إسرائيلية إلى حماس. وتم في وقت لاحق تصحيح العنوان الرئيسي. وبالمثل، فإنّ تقرير موقع "بي بي سي" الأخير يقدم مثالاً آخر على هذا الأسلوب، فإن مصطلحات كـ "الصراع" و "الصواريخ والغارات الجوية" و"تركيز صواريخ المسلحين" و"الضربات الجوية الإسرائيلية" كلها مصطلحات تستخدم لوصف العنف.
أما عند وصف الإصابات في الإعلام الأميركي، يُكتب قُتل إسرائيليون "في هجمات صاروخية" بينما يشار إلى الضحايا الفلسطينيين بشكل مجرد على أنهم “عدد من القتلى”، دون وصف السبب والقصص خلف الحدث.
وكان وقّع أكثر من 250 صحفيًا، بما في ذلك مراسلي VICE News و WSJ ولوس أنجليس تايمز، خطابًا في يونيو 2021 يحث وسائل الإعلام على التوقف عن التعتيم على القمع الذي يتعرض له الفلسطينيّون.
المراجع