يتجدد الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي عن محمد الدرة الذي تعرض مع والده لوابل من رصاص الجنود الإسرائيليين في 30 سبتمبر/أيلول عام 2000، ووثقت الكاميرات بالفيديو لحظة مقتله.
مؤخرًا، بالتزامن مع مقتل الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة برصاص جنودٍ إسرائيليين، تجدد ذكر اسم محمد الدرة على موقع تويتر، وكان من بين ما انتشر حوله تغريدات مضللة وزائفة تشكك في مقتله بالجملة أو تشكك في مقتله على يد جنودٍ إسرائيليين.
أجرى "مسبار" تحليلًا للتغريدات التي تضمنت ادعاءات مضللة عن محمد الدرة، مع تتبع لحسابات تفاعلت مع اسم محمد الدرة مباشرةً عقب مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة، بالتشكيك في أنه قُتل.
التشكيك في مقتل محمد الدرة قديم، رافق مشهد تعرضه لإطلاق الرصاص من جنودٍ إسرائيليين في سبتمبر 2000. ومع مواقع التواصل الاجتماعي، يتجدد التشكيك ما بين الحين والآخر، مع تبني الرواية الإسرائيلية.
لكن بعد بث مقطع الفيديو الذي يُظهر إطلاق الرصاص على أبو عاقلة أثناء تغطيتها الصحافية، ومن ثمّ عقد مقارنات بين طريقة قتلها وطريقة قتل الدرّة؛ تجدد التشكيك في مقتل الدرّة متقاطعًا مع تشكيك في أن تكون أبو عاقلة قُتلت برصاص إسرائيلي، استنادًا إلى الرواية الإسرائيلية حينها، والتي أنكرت واتهمت مسلحين فلسطينيين، قبل أن تتراجع مع إثباتات التحقيقات المستقلة بأنّ أبو عاقلة قتلت برصاص الجيش الإسرائيلي.
رافقت التغريدات المشككة في مقتل الدرة، صورة لجمال الدرة والد محمد، مع ابنه الأصغر الذي سُمّي محمد على اسم شقيقه الشهيد.
رصد "مسبار" تغريدات بالصورة تشكك بنبرة ساخرة، جاء فيها: "الشهيد مع والده بعد 22 عامًا"، وكانت بتاريخ 10 مايو/أيّار 2022، أي قبل مقتل أبو عاقلة بيوم.
يوم مقتل أبو عاقلة، أي 11 مايو، ظهر وسم #محمد_الدرة، وانتشرت الصورة مع الادعاء المضلل سواءً بالوسم أو باسم محمد الدرة.
في حوالي الساعة 12 ظُهر يوم 11 مايو، بعد ساعات من مقتل شيرين أبو عاقلة، نشر حساب يحمل اسم بدر القحطاني صورة جمال الدرة مع ابنه الصغير محمد، إلى جانب صورة الشهيد محمد الدرة أثناء تعرضه لوابل الرصاص الإسرائيلي، معلقًا: "عرفتوهم؟ صدمة".
توالت بعد ذلك التغريدات المشككة في مقتل محمد الدرة، والتي جاءت وسط زخمٍ من التغريدات المتعاطفة التي قارنت بين مشهد مقتل الدرة ومشهد مقتل شيرين أبو عاقلة. ولاحظ "مسبار" أن معظم الحسابات التي شاركت تغريدات مشككة في مقتل الدرة، حسابات خليجية أو تدّعي أنّها لأشخاص من الخليج العربي.
بعض الحسابات مجهولة الهوية بمعنى أنّها لا تقدم بيانات شخصية حقيقية سواءً صورة المستخدم أو التعريف به. وبعضها لا ينشط إلا عبر التعليقات فقط، وهو سلوك يناسب الحسابات التي تم إنشاؤها لأغراض تغذية حملات معينة.
من بين تلك الحسابات، حساب باسم “فهد بن محمد بن عبد العزيز” يضع صورة لمحمد بن سلمان وباسم مستخدم هو @zone_2021.
أُنشئ الحساب في 14 مارس/آذار 2021 وينشر مُستخدمه من العاصمة السعودية الرياض. بتحليل مجمل تغريداته وهي 1149 تغريدة حتى وقت إجراء التحليل، يتبيّن أنّ 8.4% فقط تغريدات أصلية، بينما أكثر من 90% منها تعليقات.
من بين العديد من الموضوعات التي يتفاعل الحساب معها، يركز بشكل أساسي على فلسطين بصورة سلبية.
من بين الحسابات التي تفاعلت مع اسم محمد الدرة أيضًا حساب يُدعى جلنار، وباسم مستخدم هو @j_fire_، وقد أُنشئ في مارس/آذار 2020، بهويّة مجهولة.
رغم تركيزه على قضايا وموضوعات تتعلق بشؤون سعودية داخلية، نجد الحساب معنيًا أيضًا بفلسطين، عبر مجموعة تغريدات تحمل جميعها محتوى سلبي تجاه الفلسطينيين والقضية الفلسطينية.
من بين تلك التغريدات، سلسلة نشرها في مايو 2021 حول محمد الدرة، قال إنّها تكشف أنّ مقتل الدرة لم يكن إلا "مشهدًا تمثيليًا".
يتقاطع المحتوى السلبي حول محمد الدرة مع وسم #فلسطين_ليست_قضيتي، إذ تشترك معظم الحسابات التي تفاعلت مع اسم محمد الدرة أو وسم #محمد_الدرة بنشر محتوى سلبي، في تفاعلها أيضًا على وسم #فلسطين_ليست_قضيتي.
أجرى "مسبار" تحليلًا لأكثر من 450 تغريدةٍ على وسم #فلسطين_ليست_قضيتي، ليتبيّن أنّ أغلب الحسابات المتفاعلة مع الوسم تنشط من السعودية.
خلال عشرة أيّام حققت التغريدات على الوسم وصولًا لنحو 770 ألف مستخدم، ويبدو سلوك التفاعل مع الوسم مثيرًا للريبة، خاصةً أنّ أكثر من 63% من التفاعل عبارة عن إعادة تغريد في حين أن التغريدات الأصلية تأتي بنسبة حوالي 18%، و18.8% تعليقات.
هذا ويُشار إلى أنّ نحو 7% من التفاعل على الوسم بالتغريد أو إعادة التغريد أو التعليقات، كان باستخدام جهاز حاسوب.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تحليل حساب “بنفسـ𝒱𝐼𝒪𝐿𝐸𝒯ـج” الأكثر تفاعلًا على الوسم خلال المدة التي أجرينا عليها التحليل؛ تكشف عن سلوك مستخدم يثير الشكوك، خاصةً أنّ هوية الحساب مجهولة.
وتمثل التغريدات الأصلية للحساب نسبة ضئيلة من مجمل تفاعله على موقع تويتر، إذ تبلغ 2.2%، في حين تبلغ نسبة إعادة التغريد أكثر من 80%، وتقترب التعليقات من نسبة 18%.
إذًا فعناصر التطابق واضحة بين الحسابات المتفاعلة على اسم محمد الدرة والحسابات المتفاعلة على وسم #فلسطين_ليست_قضيتي: حسابات مجهولة الهوية، لا تنتج محتوى أصلي سوى القليل، بينما تعتمد بشكل أساسي على إعادة التغريد. كما أنّ أغلبها حسابات تُغرّد من السعودية.
وجود هذه الحسابات، وعملها بهذه الطريقة، يثير شكوكًا تدعو للبحث المستمر في حقيقتها وماهية الجهات التي تقف وراءها، خاصة وأنها تصل إلى أعداد كبيرة من المستخدمين، الذين قد يتضررون بصورة مباشرة أو غير مباشرة من التضليل الذي تمارسه هذه الحسابات، في مواضيع تلمس قضايا شعوب بأكملها، وتأثر على مصيرها.
المصادر
اقرأ/ي أيضًا
صحافيون فقدوا سمعتهم ووظائفهم بسبب فبركتهم الأخبار والمصادر
مؤشر مسبار لأبرز الأخبار الزائفة خلال النصف الأوّل من عام 2022