` `

هل وقع فيلم نشيد كشمير ضحية للرقابة الهندية على يوتيوب؟

لينا الرواس لينا الرواس
ثقافة وفن
13 أغسطس 2022
هل وقع فيلم نشيد كشمير ضحية للرقابة الهندية على يوتيوب؟
أزالت منصة يوتيوب الفيلم بعد أن وصلتها شكوى من الحكومة الهندية (Frontline)

الأفكار الواردة في هذه المدونة تعبّر عن آراء الكاتب وليس عن “مسبار” بالضرورة

في شهر مايو/أيار من هذا العام، وضع المخرج الهندي الشاب سانديب رافيندراناث فيلمه القصير "نشيد كشمير Anthem for Kashmir" على موقع يوتيوب، وهو فيلم وثائقي مدته تسع دقائق، يُوثّق فرار ناشط سياسي هندي من السلطات الهندية بعدما وقع ضحية لقاء سياسي مزيف في وادي كشمير.  

لم يمض شهرٌ واحدٌ حتى أرسل موقع يوتيوب رسالة إلى رافيندراناث فحواها أن كيانًا حكوميًا متمثلًا في لجنة الاختبارات التابعة لوزارة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات الهندية (MeITY)، اشتكى من الفيلم وطالب بحظره عن المنصة. 
أكّدت الرسالة على سرية التفاصيل، واكتفت بحذف محتوى الفيلم القصير مع وضع ملاحظة جديدة "المحتوى غير متوفر في نطاق هذا البلد بسبب شكوى قانونية من الحكومة". لم يتفاجأ مخرج الفيلم من رد الفعل الحكومي، بل وصفه "بالمتوقع في دولة يتم فيها اعتقال أشخاص بفعل منشوراتٍ على موقع فيسبوك فقط". 

وتأتي إزالة الفيلم عن المنصة في إطار حملة الحكومة الهندية على الجرائم الإلكترونية والأخبار الزائفة والمضللة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي بدأت في عام 2021، حين أصدرت الحكومة الهندية مجموعة من القرارات الجديدة تجبر فيها شركات التكنولوجيا والمنافذ الإخبارية، مثل موقعي فيسبوك وتويتر، على الامتثال لمطالب الرقابة الحكومية أو مواجهتها خطر التعرض للمساءلات القانونية، ومن ضمنها السجن للموظفين المحليين، ما لم تمتثل شركاتهم لطلبات إزالة المحتوى الذي تعتبره السلطات الهندية مضرًا بمصلحة وسيادة دولة الهند وأمنها وعلاقاتها الودية مع الدول الأجنبية بموجب المادة 69A من قانون العقوبات الهندي.

بدأت القوانين الجديدة بالتدفق في شهر فبراير تحديدًا، وذلك مع تصاعد حركة الاحتجاج من قبل مزارعي الهند التي استحوذت على اهتمام وطني ودولي، ودفعت الحكومة الهندية إلى التصادم مع شركة تويتر بسبب رفضها إزالة مئات المشاركات من قبل النشطاء والسياسيين حول الاحتجاجات ذاتها. 

لم يستجبْ موقع تويتر في بادئ الأمر، لكنه وافق على طلبات الحكومة الهندية وحذف بعضًا من المنشوارت التي تمس تلك الاحتجاجات وفقًا لمدونة رسمية نشرها في فبراير 2021. 

تهدد القوانين الجديدة وصول التطبيقات والمواقع إلى الهند وتضع هاتين الأخيرتين أمام خطر خسارة أكبر أسواقها في العالم، كما أنها تُوجّه العديد من أصابع الاتهام إلى نهج الحكومة الهندية وفلسفتها الأخيرة في تقييد المحتوى.
من جانبه، أدان اتحاد جمعيات الأفلام في الهند (FFSI) الحظر المفروض على الفيلم القصير، وردت وزارة التكنولوجيا الهندية في بيان لاحق أنها تتبع الإجراءات القانونية فحسب، مضيفة أن رافيندراناث لم يحضر إلى اجتماع يخص المسألة ذاتها.

في لقائه مع فرونت لاين، تحدث سانديب رافيندراناث عن ما اعتبره مفارقات غريبة، وذلك حين تغضب "دولة مسلحة نوويًا بفعل بضع دقائق من الفيديو وقوة القلم" وقال إن “قمع الحكومة لمن لهم وجهة نظر معارضة ينم عن الاستبداد الذي تشهده الدول الفاشية، خاصة الهند التي تريد غزو الفضاءات الفكرية والسيطرة الكاملة على طريقة تفكير الأمة وإيمانها وتصرفها”، مضيفًا "إنهم يغيرون المنهج الدراسي، ويُمجّدون أمثال سافاركار. من الواضح تمامًا أنهم يعيدون كتابة التاريخ حتى يتشرب الجيل القادم فكرتهم عن الدولة والسياسة وحتى القيم الحضارية".

يُذكر أن للمخرج رافيندراناث، الذي عمل سابقًا مهندس صوت، العديد من الأفلام القصيرة، ومنها Tharattu Pattu و The Bookshelf و Santhana Gopala و Diary of an Outsider و Sub Brothers.. لكنها المرة الأولى التي يتطرق فيها إلى واحدة من أكثر قضايا الهند حساسية؛ مسألة وادي كشمير، إذ يصور فيلم المخرج الشاب الإقليم المتنازع عليه منذ أربعينيات القرن الفائت في مرحلة معينة من تاريخه المعقد في أعقاب 5 أغسطس/آب 2019، وذلك بعد إلغاء السلطات الهندية "للوضع الخاص" في جامو وكشمير،  حيثُ أصدر رئيس الهند رام ناث كوفيند أمرًا رئاسيًا عبر المادة 370 من الدستور الهندي، وفيها يلغي جميع أحكام الاستقلال الذاتي الممنوحة للولاية، ويضع العديد من السياسيين
 الكشميريين تحت الإقامة الجبرية مع تعليقه خدمات الهاتف والإنترنت وفرض حظر التجوال.

 أراد المخرج الشاب إبراز العنف اليومي والمشاكل التي غالبًا ما يتم التستر عليها في كل من وسائل الإعلام السائدة والثقافة الشعبية، ومنها الاعتقالات القسرية والتغييب والخطف واللقاءات السياسية الوهمية والنساء الأرامل اللاتي تركن ليواجهن قدرهن وحيدات مع أطفالهن. 

خلافًا لفيلم The Kashmir Files الشهير، والذي تم انتقاده بشدة لتحيزه ضد مسلمي كشمير، يصوّر فيلم نشيد كشمير واقعًا آخر؛ الجنازات، الأسلاك الشائكة، الجدران التي تطفح بعبارات التمرد والثورة، الفقر الكاسح، والنساء الوحيدات بعد تغييب أزواجهن وأولادهن. ويفعل كل ذلك دون حوار، فالفيلم يحتوي على عبارةٍ واحدةٍ منطوقة، يوجهها عنصر أمن إلى الشاب الهارب عبر الفيلم "إذن تظن نفسك متمردًا؟" أما باقي الفيلم، فينساب صورًا  عن الواقع تحملها ألحان أغنية من كلمات سيد علي وآبي عباس وموسيقى رافيندراناث وسديب غوش، وينتهي بلقطةٍ يُحدِّق فيها البطل الهارب عبر وادي كشمير من خلال نافذة ذات قضبان، تصور كشمير وكأنها حبيسة بأسرها خلف قضبان السجن. 

يُذكر أنّ الحكومة الهندية منعت ما يقارب 78 قناة إخبارية و 560 عنوان URL على موقع يوتيوب منذ العام الفائت فقط، وفقًا لتصريحات وزير الإعلام والبث أنوراغ سينغ ثاكور.

المراجع

TIME

FRONTLINE

NEWSlaundry

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة