` `

حول صحافة البيانات ودورها في تقصّي الحقائق

نور حطيط نور حطيط
أخبار
15 سبتمبر 2022
حول صحافة البيانات ودورها في تقصّي الحقائق
أحدث دخول البيانات إلى عالم الصحافة ثورة في تقصي الحقائق (Getty)

يقول برونو بريتون الرئيس التنفيذي لشركة بلوم أناليتيكس "مستقبل المعلومات هو صحافة البيانات". 

نعيش اليوم في عالمٍ رقميّ، أحدث تحولات عميقة في الساحات العامّة والحياة الواقعية والافتراضية التي لم تعد مفصولة عنا. وفي خضم هذه الحركة التكنولوجيا العملاقة، عادت الأرقام لتحيا من جديد، وأصبحت صحافة البيانات من الأفرع الأهم حاليًا وفي المستقبل الآتي لا محالة.
وإذا أردنا باختصار تعريف صحافة البيانات، يمكن القول أنَّها عملية تعتمد على رصد وجمع وتحليل البيانات الكبيرة، لأهداف عدة مثل عرض قصة صحفية بصريًّا أو رقميًّا بطريقة مفهومة و مبسطة للجماهير، أو للتحقق من ادّعاءات من خلال تحليل البيانات المرتبطة فيها. 
 

دور صحفي البيانات 

في صحافة البيانات، من المهم أن يطرح الصحفيّ على نفسه أسئلة من قبيل: هل الأرقام دقيقة؟ هل الأرقام تثبت أو تدحض فكرة ما؟ ما سبب نشر هذه البيانات وما الغاية منها؟ كيف يمكن معالجة وتحليل البيانات بشكل صحيح؟ 
هذه الأسئلة من شأنها أن تقود الصحفي للعمل على برامج مثل برنامج إكسل، ومحرر مستندات غوغل، وجداول فيوجن، واستخدام خرائط غوغل وبينغ لاستكشاف البيانات الجغرافية وتوضيحها مرئيًا، من أجل التوصل إلى النتائج المرجوة.

ولفهم أعمق لعمل صحفيي البيانات إليكم هذا النموذج التطبيقيّ الذي عرضته صحيفة ذا غارديان بالتعاون مع فريق من الأكاديميين.

مشروع “قراءة أحداث الشغب” نموذجًا

تعرضت المملكة المتحدة في صيف عام 2011 لموجة من أعمال التخريب والشغب. صرّح وقتها مسؤولون سياسيون أنَّ هذه الأعمال لا صلة لها بالوضع الاجتماعي المتردي، إنما هي من أعمال مجرمين قاموا بعمليات سلب ونهب وسرقة وتعدي على الممتلكات العامة، ودعا كبار الساسة من التيار المحافظ وقتذاك، إلى إغلاق "الإعلام الجماهيري والاجتماعي"، مُدّعين أنّ هذه الأحداث تمّ الدعوة لها والتحريض على فعلها في مواقع التواصل الاجتماعي.
تعاونت صحيفة ذا غارديان آنذاك مع كلية لندن للاقتصاد لإنشاء مشروع عُرف باسم قراءة أحداث الشغب، بهدف التحقق من هذه القضية (ادعاءات رجال السياسة حول أسباب أحداث الشغب ودور وسائل التواصل الاجتماعي فيها).

استعانت الصحيفة بصحافة البيانات لتقصي حقيقة أعمال الشغب، كما أنهم عملوا مع فريق آخر من الأكاديميين، بقيادة الأستاذ روب بروكتر من جامعة مانشستر لفهم كيفية عمل مواقع التواصل الاجتماعي ودور المنصات في التحريض على أعمال النهب والسلب.

جُمع حينها 2.6 مليون تغريدة مرتبطة بأحداث أغسطس/آب 2011، حُرّض فيها على أعمال الشغب، ونُشرت نتائج المرحلة الأولى من المشروع خلال الأسبوع الأول من التغطية، إذ تضمنت المرحلة الأولى قراءة لأحداث الشغب عن طريق الخرائط، من خلال عرض المواقع الجغرافية المؤكدة لأحداث الشغب، واستخدموا أدوات تخطيط جاهزة للعمل على جمع الروابط بين الأحداث ومعرفة الأسباب وراءها. 

كما نشرت الصحيفة توضيحًا مرئيًا للوسوم المنتشرة وقتها، وتبيّن أنَّ موقع تويتر لم يحرض على أعمال الشغب والنهب، بل على العكس، كان من الوسوم المستخدمة، وسم بعنوان #riotcleanup وهي حملة أقيمت حينها لتنظيف الشوارع.

في المرحلة الثانية، نشرت الصحيفة بالتعاون مع الفريق الأكاديمي، توضيحين مرئيين، أولهما مقطع فيديو قصير يعرض جميع الأماكن التي أُقيمت فيها أحداث الشغب، واستعانت الصحيفة بمتخصصين لرسم خرائط النقل، من شركة ITO WORLD من أجل صنع نموذج لأكثر الطرق التي من المحتمل أن يسلكها مثيرو الشغب.
أمّا التوضيح الثاني، فركّزّ على كيفية انتشار المعلومات الزائفة على منصة تويتر، فقد حللت الصحيفة بالتعاون مع الفريق الأكاديمي سبع إشاعات انتشرت حينها، وابتكر فريق العمل جدولًا لترميز التغريدات وقسموها بين الذين يكررون الشائعة والذين يرفضونها. ووضح الفريق النتائج التي أظهرت سرعة انتشار الإشاعات وتطور دورة حياتها مع الوقت. مما وفر معلومات مهمة جدًا عن كيفية التعامل مع أحداث مماثلة قد تحدث في المستقبل.

الثورة التي أحدثها دخول البيانات إلى عالم الصحافة صنعت فارقًا كبيرًا ولكن لاشكّ أن افتقار البيانات للتنظيم، أو التلاعب فيها أحد أسباب الوقوع في مصيدة التضليل، وقد حصل وأن تم استخدامها بالفعل لغايات التضليل بهدف تحقيق مآرب سياسية، انتخابية، أو شخصية أو تجارية، وفضيحة شركة البيانات كامبردج أناليتيكا خير مثال على هذا.

المصادر

The Data Journalism Handbook: How Journalists Can Use Data to Improve the News

IJNET

Data Scientest

The Guardian

France24

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة