` `

تأثير المعلومات المضللة في الانتخابات التركية

فراس دالاتي فراس دالاتي
سياسة
14 مايو 2023
تأثير المعلومات المضللة في الانتخابات التركية
تعدّ الأخبار المضللة خطرًا على الديمقراطية (Getty)

تتجه أنظار العالم اليوم الأحد 14 مايو/أيار إلى تركيا، حيث تجري الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي يترشح فيها مجددًا الرئيس رجب طيب أردوغان مقابل ثلاثة مرشحين آخرين، أبرزهم مرشح تحالف الأمة المعارض وزعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو.

وقبيل الانتخابات سارع العديد من القائمين على الحملات الانتخابية، لنشر ادعاءات تخص الطرف الآخر، فيما يلي أبرزها.

اتهام المعارضة بالتعاون مع جماعات إرهابية

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الأحد السابع من مايو الجاري، متسائلًا "هل سيصوت مواطنو وطني لصالح هؤلاء؟" ثم يشير إلى شاشة كبيرة خلفه تُظهر ما بدا أنه لقطات للحملة الانتخابية لمنافسه كمال كليجدار أوغلو، يقول للمشاهدين "دعونا نذهب إلى صندوق الاقتراع معًا".

بعد بضع ثوانٍ، وخلال عرض فيديو يُظهر مشاهد للمرشح كليجدار أوغلو، يظهر مراد قرايلان، أحد مؤسسي حزب العمال الكردستاني، المصنّف كمنظمة إرهابية لدى تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

اتضح لاحقًا أن ذلك المقطع غير حقيقي وتم التلاعب به من خلال دمج مقطعي فيديو مختلفين. فالجزء الأول من المقطع يعود لأحد لحملة إعلانية لكليجدار أوغلو يطلب فيه من الناس التصويت ويعد بالفوز في صناديق الاقتراع، لكنه لا يحتوي على لقطات قرايلان أو أحد أعضاء حزب العمال الكردستاني. أما المقطع الثاني فيعود إلى إعلان القائد في حزب العمال الكردستاني عما سماّه "بداية الكفاح المسلح" منذ أكثر من ثلاثة عقود، بحسب وكالة فرات للأنباء التي نشرته، وهي منفذ إخباري كردي.

وفي مثال آخر عرض أردوغان الأسبوع الفائت مقتطفًا من مقال صحفي على شاشة كبيرة، يشير إلى أنّ كليجدار أوغلو قد أدين بالاحتيال في عام 1996. لكن في المقال الأصلي، الذي سرعان ما اكتشفه صحفيون من موقع Teyit التركي لتقصّي الحقائق، كان كليجدار أوغلو قد شجب بالفعل الاحتيال الذي يرتكبه الأشخاص الذين استغلوا وكالة الضمان الاجتماعي التركية، التي تولى رئاستها بعد ذلك.

وقال جولين كافوس، المؤسس المشارك لموقع Teyit، إنّ الأساليب الفعلية لنشر المعلومات المضللة لا تزال كما هي. إذ تعتمد بشكل أساسي على الصور والوثائق التي تم اجتزاؤها أو إخراجها من سياقها، وأضاف "يمكن أن يكون لمقاطع الفيديو هذه تأثير حقيقي على الأشخاص الذين لم يتلقوا سوى القليل من التدريب في مجال الإعلام والأدوات الرقمية".

كما انتشر مقطع فيديو حصد ملايين المشاهدات على تيك توك، ظهر فيه كمال كليجدار أوغلو يتحدث للكاميرا ويقول فيه، إنّ الرئيس أردوغان هو قائد هذا القرن، لكن المقطع كان مولدًا بتقنية التزييف العميق. وبالبحث العكسي عن المقطع، اتضح أنه مجتزأ من مقطع فيديو نشرته قناة Diamond Tema على يوتيوب، بتاريخ الثالث من مايو الجاري للتوعية بمخاطر التزييف العميق.

محاولة زعزعة الثقة بحكومة أردوغان

انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي في التاسع من مايو الجاري، ظهر فيه عضو في تحالف حكومة أردوغان، ديفيليت بتشيلي، يقول فيه إنّه سيحاسب أردوغان وعائلته عندما يتسلّم زمام السلطة، ليتضح لاحقًا أنّ المقطع تم التلاعب به عبر التعديل على الصوت، إذ يعود المقطع المصور إلى حديث للصحافة مطلع فبراير/شباط من إحدى المناطق المتضررة من الزلزال، وفيه أعلن بتشيلي عن دعمه للرئيس أردوغان في مختلف القضايا.

فيما يعود حديث بتشيلي المركّب صوتيًا على المقطع إلى خطاب ألقاه عام 2014، وعبّر فيه عن معارضته للرئيس رجب طيب أردوغان ووعيده له بمحاسبته. مما ساهم بتضليل الرأي العام حول العلاقات في تحالف حكومة أردوغان ومدى ثقة أطراف التحالف ببعضهم البعض.

اتهامات متبادلة بين أردوغان وكليجدار أوغلو

ومن دون تقديم أي دلائل، ادعى كليجدار أوغلو في تغريدة نشرها على تويتر يوم 11 مايو أنّ قراصنة روس جندهم فريق أردوغان يعدّون مقاطع فيديو مزيفة ومقاطع صوتية تم التلاعب بها، بهدف تشويه سمعة المنافسين قبل أيام من الانتخابات.

وقال في تغريدته "أصدقاؤنا الروس الأعزاء، أنتم وراء المونتاج والمؤامرات والمحتوى والمقاطع المزيفة التي تم الكشف عنها في هذا البلد أمس. إذا كنتم ترغبون في استمرار صداقتنا بعد 15 مايو، ارفعوا يدكم عن الدولة التركية. ما زلنا نؤيد التعاون والصداقة".

وردّ أردوغان بالمثل، قائلًا إنّ "جيشًا من المتصيدين" يعملون لصالح خصمه، إذ قال لزعيم المعارضة في خطاب عام عرض على شاشات التلفزيون "أنت تستخدم الأكاذيب والمعلومات المضللة، أنت تضع مخططات لم يكن حتى الشيطان يفكر فيها".

انسحاب المرشح محرم إينجه عقب نشر فيديو زائف

بدوره أعلن المرشح الرئاسي التركي الآخر محرم إينجه، الذي خسر أيضًا أمام رجب طيب أردوغان في عام 2018، انسحابه من الانتخابات بعد أن بلغت شعبيته قرابة الـ10 في المئة في استطلاعات الرأي، على خلفية نشر شريط جنسي مزعوم له مولّد بتقنية التزييف العميق باستخدام لقطات مأخوذة من "موقع إباحي إسرائيلي"، بحسب صحيفة ذا غارديان.

وعلّق إينجه على الحادثة قائلًا "ليس لدي مثل هذه الصور، ولا يوجد مثل هذا التسجيل الصوتي. هذه ليست حياتي الخاصة، إنها افتراء. إنها ليست حقيقية". فيما قال في مؤتمر صحفي "أنا أنسحب من السباق. إنني أفعل هذا من أجل وطني". وأضاف "ما رأيته في الـ 45 يومًا الفائتة، لم أره منذ 45 عامًا".

الجدير بالذكر أنّ مكتب المدعي العام في أنقرة، قال إنّه فتح تحقيقًا بشأن ظهور ذلك الشريط الجنسي الملفّق ومصدر إنشائه ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي.

تدابير شركات التواصل الاجتماعي خلال الانتخابات التركية

في السابع من إبريل/نيسان الفائت، أعلنت شركة ميتا المالكة لموقعي فيسبوك وانستغرام وتطبيق واتساب، أنها ستُفعّل مركز عمليات لضمان أمن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية ومن أجل محاربة المعلومات المضللة والأخبار الزائفة، ضمن مبادرة شاملة تجمع الخبراء في جميع أنحاء الشركة بما في ذلك فرق الهندسة والقانون والبحث والتحليل، لتحديد التهديدات المحتملة عبر تطبيقاتها والاستجابة السريعة.

وقالت ميتا حينها إنّها في حالات محددة ستزيل المعلومات الزائفة من موقعي فيسبوك وانستغرام تمامًا، إذا ما اتضحت أنّها ستساهم في عنف وشيك أو تسبب ضررًا جسديًا، أو إذا كان محتوى يهدف إلى قمع التصويت، مثل المعلومات غير الصحيحة حول تواريخ التصويت والمواقع والوقت والأساليب.

وبالنسبة لأنواع المعلومات المضللة الأخرى، تركز الشركة على إبطاء الانتشار بحيث يراها عدد أقل من الأشخاص وتوجيه الأشخاص إلى المعلومات من مصادر موثوقة، وإخطار الأشخاص الذين يشاركون المحتوى بأن المعلومات خطأ. وللقيام بذلك، أوضحت "ميتا" أنها تعمل مع أكثر من 90 منظمة مستقلة لتقصي الحقائق تابعة لجهات خارجية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك منصات تركية.

ومنذ ساعات، نشر حساب العلاقات الحكومية الدولية الخاص بتويتر تغريدة مفادها أنّه تم اتخاذ إجراءات لتقييد الوصول إلى بعض المحتوى في تركيا اليوم -دون تحديد ذلك المحتوى أو الجهات التي تنشره- وذلك استجابة للإجراءات القانونية ولضمان بقاء تويتر متاحًا للشعب التركي. 

وأوضح تويتر أنّه تم إبلاغ أصحاب الحسابات بهذا الإجراء بما يتماشى مع سياسات المنصة. مع الإشارة إلى أنّ ذلك المحتوى المقيّد في تركيا سيبقى متاحًا في بقية أنحاء العالم.

المعلومات المضللة تهدد الديمقراطية

في مقطع فيديو سجّله إيملي سايكليجا، رئيس تحرير موقع Tayit التركي لتقصّي الحقائق، أوضح أنّ الموقع نشر قرابة الـ 150 مادة تفنّد الأخبار الزائفة والمضللة منذ بداية الحملات الانتخابية. مضيفًا أنه تم استغلال كارثة الزلزال والأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد من قبل السياسيين ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر معلومات بهدف التضليل.

واختتم حديثه قائلًا "بعض تلك المعلومات المضللة ارتبط بمجتمع المثليين، وبعضها الآخر ادّعى أن حزب العمال الكردستاني يدعم حلف المعارضة، وعلى الرغم أنه من الصعب أحيانًا تفنيد تلك الادعاءات، إلا أننا دائمًا نحاول تزويد العامة بالسياق العام لها، ونحاول تقديم معلومات صحيحة للمجتمع التركي. فمن المهم تمكين الديمقراطية".

لذا، أثبتت المعلومات المضللة أنها أداة فعالة في تقليب الرأي العام والتأثير على مجريات الانتخابات في تركيا، كما أدى انتشار تلك المعلومات والدعاية الكاذبة عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الأخرى إلى تضخيم الانقسامات السياسية الموجودة مسبقًا، وتعميق الاستقطاب داخل المجتمع التركي. وقد ظهر تأثير ذلك في إضعاف المؤسسات الديمقراطية وتآكل الثقة فيها.

وعليه، يجب على القادة السياسيين إدراك الضرر الناجم عن المعلومات المضللة وإعطاء الأولوية للتدابير التي تعيد الثقة في المؤسسات الديمقراطية. إذ سيعتمد نجاح الديمقراطية على المدى الطويل في تركيا وأماكن أخرى على القدرة على مكافحة انتشار المعلومات المضللة وضمان أن تظل العمليات الانتخابية حرة ونزيهة.

نتائج انتخابات تركيا

ومن المتوقع أن تُعلن النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية التركية، البرلمانية والرئاسية، مساء اليوم الأحد 14 مايو. وكانت قد افتُتحت مراكز الاقتراع في جميع المراكز المخصصة في تركيا منذ الثامنة من صباح اليوم الأحد، وأُغلقت في تمام الساعة الخامسة من بعد الظهر.

المصادر:

العربي الجديد

Kemal Kılıçdaroğlu

ANF News

teyit

DEEPFAKE TEHLİKESİ

Izlesene

France24

The Guardian

Bloomberg

Hrw

اقرأ/ي أيضًا

فيديو زيارة أردوغان لزعيم جماعة إسماعيل آغا قديم وليس قبيل الانتخابات الجارية

هل ستبطل الأصوات الممنوحة لمحرم إنجه بعد انسحابه من انتخابات الرئاسة التركية؟

الأكثر قراءة