منذ أيام، كشفت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عمّا "قد يكون خطوة أخرى على طريق فتح العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية"، بحسب وصفها. إذ أعلنت هيئة الإذاعة الحكومية الإسرائيلية، أن مسلسلها الوثائقي، الذي عُرض في الأصل على قناة كان، نبوءة كاساندرا، سيُعرض على شبكة إم بي سي التلفزيونية السعودية.
المسلسل الإسرائيلي نبوءة كاساندرا
ويكشف مسلسل نبوءة كاساندا تفاصيل بعض العمليات التي نفذها جهاز الموساد، ويركز على عملية مشتركة استمرت عشر سنوات، تعاون فيها الموساد وإدارة مكافحة المخدرات الأميركية لـ "تعطيل تدفق مليارات الدولارات من عصابات المخدرات وعمليات غسيل الأموال في أمريكا اللاتينية إلى حزب الله وإيران".
وقالت قناة كان الإسرائيلية في بيان لها إنّ هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها بيع حقوق بث مسلسل تلفزيوني إسرائيلي لشبكة إعلامية سعودية. لكن هل يعني ذلك أنّ التعاون الثقافي بين الطرفين هو الأول من نوعه؟
إم بي سي والمحتوى الداعم للرواية الإسرائيلية
صحيح أن هذا هو المسلسل الإسرائيلي الأول الذي سيُبث على قناة إم بي سي، لكن في الواقع، فإن المجموعة المالكة للقناة أقدمت في السنوات الأخيرة على عدد من المبادرات والخطوات التي تقدّم من خلالها روايات تاريخية قد لا تكون دقيقة، وتخدم في جوهرها الرواية التي تحاول إسرائيل تقديمها، لكن بأعمال عربية من كتابة وإنتاج وتمثيل عربي.
فقد استهلت القنوات موسمها الرمضاني عام 2020 بعرض مسلسل "أم هارون"، الذي أدت بطولته الممثلة الكويتية حياة الفهد، والذي قدّم سردية تتبنى الرواية الإسرائيلية في كثير من جوانبها، إذ يعرض المسلسل قيام دولة إسرائيل دون الإشارة إلى النكبة أو الانتهاكات الإنسانية التي ارتكبتها المجموعات الصهيونية.
ويعرض المسلسل قصة "أم هارون"، وهي طبيبة يهودية عاشت في أربعينيات القرن العشرين، مدعيًا أنها واجهت مع أسرتها والجالية اليهودية في دول الخليج تحديات كبيرة، فيما تحدث مقطع من المسلسل عن تأسيس دولة "إسرائيل" عقب إنهاء الانتداب البريطاني على "أرض إسرائيل" بدلًا من فلسطين.
كما ربط المسلسل قيام الدولة على ما سمّاه "أرض إسرائيل"، بنوع من الاضطهاد الذي تعرض له اليهود في المشرق، في تناقض فج مع الحقائق التاريخية، فحتى نص وعد بلفور بكل ما مثله من انحياز، لم يطلق على فلسطين آنذاك اسم "أرض إسرائيل" الذي استُخدم في المسلسل.
مسلسل مخرج7 يعادي القضية الفلسطينية
وفي العام نفسه، استخدمت القناة حلقة من مسلسل "مخرج 7" الكوميدي السعودي، لاتهام الفلسطينيين بالحقد و"معاداة" الشعب السعودي، والدعوة للتطبيع الشعبي مع إسرائيل من خلال تكرار المقولات الشائعة الداعمة للتطبيع، المنطلقة من اعتبار الشعوب العربية غير معنية وغير ملزمة بالصراع مع إسرائيل طالما أنها لا تشكّل خطرًا مباشرًا عليها.
كما قدم المسلسل فكرة مفادها أن الشعب السعودي هو أولى بالأموال التي أُعطيت للقضية الفلسطينية، وأن الفلسطينيين لم يستحقوها.
إضافة إلى ذلك، روّج المسلسل إلى التطبيع مع إسرائيل بشكلٍ صريح، من خلال مشهد جاء في الحلقة الثالثة قيل فيه إن "إسرائيل موجودة عجبكم أم لم يعجبكم"، وأن القضية الفلسطينية "جعجعة وكلام وهي من ضيّعت العرب كل هذه السنوات"، وتضمن الحوار السخرية من فكرة زوال إسرائيل أو الطامحين بذلك، بالإضافة إلى عدد من النكات التي تسخر من الفلسطينيين والقضية الفلسطينية طوال المسلسل.
العربية تعرض مسلسل وشوشات من غزة
وفي يناير/كانون الثاني الفائت، بثّت قناة العربية، التابعة لمجموعة إم بي سي كذلك، مسلسلاً مكونًا من 30 حلقة قصيرة بعنوان "وشوشات من غزة"، وهو مشروع من إنتاج مشترك بين مركز اتصالات السلام، ومقره الولايات المتحدة، وصحيفة تايمز أوف إسرائيل الإسرائيلية، وفيه تستعرض شهادات لسكانٍ في غزة يروون فيها تفاصيل مختلفة من حياتهم داخل القطاع.
لكن المسلسل ركز على الشهادات التي تصف "انتهاكات حكومة حماس" بحق المدنيين، وتتجاهل بشكلٍ تام الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عام 2007، مثلًا تقول إحدى الشهادات "أريد أن تتحرر غزة من حماس.. عندها سيكون لدينا سيّاح ومسرح".
وبحسب جوزيف بارودي، المدير العام لمركز اتصالات السلام، فإن المسلسل يهدف إلى "تحدي أولئك الذين يبررون عنف حماس"، إلا أنه يصرف النظر في الوقت نفسه عن مسؤولية إسرائيل في تردّي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية داخل القطاع بسبب حصارها المستمر.
يذكر أن مركز اتصالات السلام، الذي جعل شعاره "الأمن والازدهار يتطلبان السلام بين الشعوب"، عمل في أكثر من مناسبة على الترويج لإسرائيل ورواياتها عبر وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي أو الأعمال الفنية، مثل أغنية "سلام الجيران" التي غناها التونسي الشعري والمغني الإسرائيلي زيف يحزقيل عام 2020.
منصة شاهد تبث أعمالها في إسرائيل
وفي سبيل تعزيز التعاون بين مجموعة إم بي سي وإسرائيل، وقعت منصة البث الإلكترونية، شاهد، اتفاقية مع شركة بارتنر الإسرائيلية المشغلة لشبكات الهاتف النقّال، حسبما أفاد موقع عرب48 الإخباري، نقلًا عن مجلة ذا ماركر الإسرائيلية في الثالث من مارس/آذار الفائت.
وبحسب المجلة، ستسمح الاتفاقية للشريك الإسرائيلي بالوصول إلى المحتوى الذي تقدمه منصة شاهد، مضيفة أنّ عملاء بارتنر الناطقين بالعربية سيكونون قادرين على تنزيل تطبيق شاهد وشراء الاشتراكات.
وجاءت هذه الخطوة بعد شهر من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن التطبيع مع السعودية "ممكن"، في تصريحات في مؤتمر هارتوغ للأمن القومي في تل أبيب، وذلك بعدما تزايدت التكهنات بأن الرياض قد تنضم إلى مجموعة من الدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في أعقاب عودة نتنياهو إلى السلطة كرئيس للوزراء الإسرائيلي في أواخر العام الفائت.
إذ ذكرت شبكة بلومبيرغ في فبراير أنّ البلدين "يكثفان" المحادثات الأمنية والعسكرية في الاجتماعات التي عقدت قبل اجتماع مجموعة العمل الأميركية الخليجية حول الدفاع والأمن في الرياض. لكن السعودية قالت إنها "تستبعد" التطبيع مع إسرائيل حتى يتم إنشاء دولة فلسطينية.
المصادر:
اقرأ/ي أيضًا: