الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبّر بالضرورة عن رأي مسبار
وردت في تغطية قناة الحدث للمظاهرات التي اندلعت في محافظة السويداء جنوبي سوريا، مجموعة من التقارير. راجع "مسبار" تلك التي نُشرت في الفترة بين 17 أغسطس/آب و3 سبتمبر/أيلول الجاري.
بعد الرصد والتحقق تبين وجود نوع من الانتقائية في تغطية قناة الحدث الإخبارية لاحتجاجات السويداء، ظهرت عبر العناوين ومقدمات الأخبار والصور المصغرة ووصف مقاطع الفيديو. إذ تميّزت تغطية قناة الحدث مع بداية الاحتجاجات بالتركيز بشكل أساسي على المطالب الاقتصادية التي رُفِعَت من قبل المتظاهرين، مثل تحسين الوضع المعيشي ومكافحة الفساد وإقالة الحكومة وتخفيض أسعار المحروقات، في حين أغفلت مجموعة من المطالب الأخرى التي رفعها المتظاهرون، بما في ذلك المطالب السياسية.
يحلل "مسبار" في هذا المقال تقارير قناة الحدث التي رافقت بداية احتجاجات السويداء، ومقارنتها مع مضمون اللافتات التي رفعها المتظاهرون ومقاطع الفيديو للمظاهرات، والتقارير الصحفية لوسائل إعلام مختلفة، صدرت في نفس التاريخ.
مراجعة تقارير قناة الحدث عن احتجاجات السويداء
في تاريخ 20 أغسطس الفائت، ذكر تقريران للحدث أن مظاهرات السويداء خرجت بشكل أساسي ضد "الجوع، والبطالة"، وضد "تدهور الأوضاع الاقتصادية". وأهمل التقريران في العناوين ومضامين المقدمات الإخبارية للمذيعين رفع الشعارات السياسية من قبل المتظاهرين.
ففي تاريخ 17 أغسطس نقلت وكالة رويترز أن المتظاهرين رفعوا شعارات سياسية ضد النظام، وتُظهر اللافتات التي رفعها المتظاهرون في التاريخ نفسه، شعارات سياسية واضحة، كتطبيق القرار الأممي 2254 الصادر عن مجلس الأمن، كما يُظهر فيديو لمظاهرة بتاريخ 17 أغسطس رفع المتظاهرين لشعارات طالبت برحيل النظام.
لافتات توثق المطالب السياسية لاحتجاجات السويداء
بعد تاريخ 21 أغسطس، شهدت المظاهرات في السويداء تحولًا ملحوظًا، إذ انتقلت المطالب من التركيز الأساسي على الجوانب الاقتصادية إلى تبني مطالب سياسية ذات سقف عالٍ. ومع ذلك، أرفقت قناة الحدث تقريرها بتاريخ 21 أغسطس الفائت، بعنوان "احتجاجات في السويداء بسبب سوء الأوضاع المعيشية". وهذا ما تضمنته مقدمة الخبر أيضًا، كما لم تُشر الحدث في الخبر المفصل على موقعها على الإنترنت إلى أي مطالب سياسية للمتظاهرين.
وجد "مسبار" تعارضًا واضحًا بين عناوين تقارير قناة الحدث ومحتواها، مع ما ظهر في يافطات المتظاهرين التي رُفعت في تاريخ 21 أغسطس. إذ أظهرت اللافتات دعواتٍ لتحقيق تغييرات سياسية شاملة، تتجاوز مسألة تحسين الوضع الاقتصادي. كما أشارت تقارير صحفية من مصادر متعددة، مثل شبكة سي إن إن وقناة الحرة وفرانس24 إلى أنّ متظاهرين طالبوا برحيل النظام، ورفعوا شعارات سياسية واضحة.
كررت تقارير قناة الحدث بتاريخ 24 أغسطس، الإشارة إلى استمرار المتظاهرين في الخروج لأسباب اقتصادية ومعيشية. وذلك بالتباين مع ما ذكرته رويترز وما رفعه المتظاهرون من لافتات.
في تاريخ 25 أغسطس الفائت، أفاد تقرير الحدث أن المتظاهرين خرجوا في وقفة احتجاجية ضد الغلاء والانهيار الاقتصادي، وتجاهلت القناة المطالب الأخرى التي وردت في تقارير صحفية لوكالات متعددة في التاريخ نفسه.
إذ ذكر تقرير صحيفة العربي الجديد، أن المتظاهرين طالبوا برحيل النظام، وهو ما أكدته قناة فرانس24 التي أوضحت في تقريرها الإشارة إلى أن هدف المتظاهرين كان اقتصاديًا وسياسيًا.
وفي تاريخ 26 أغسطس، ذكرت الحدث أنّ المتظاهرين خرجوا مطالبين بتحسين الواقع المعيشي رافعين شعارات مناوئة للحكومة.
ولكن بمراجعة اللافتات التي رفعت، تبيّن وجود شعارات ذات طابع سياسي تستهدف النظام السوري على وجه التحديد، وليس الحكومة فقط. وهذا ما أكده تقرير العربي الجديد، وما نقلته صحيفة ذا غارديان.
في تاريخ 27 أغسطس، أعادت الحدث بث مضمون التقرير نفسه الذي نشرته في تاريخ 26 أغسطس دون تغيير. أما في يوم 28 أغسطس، فقد بثت تقريرًا قالت فيه إن المتظاهرين خرجوا تنديدًا بتردي الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار البنزين، مطالبين بإقالة الحكومة، وإيقاف منظومة الفساد.
إلا أنّه بالعودة للتقارير الصحفية في التواريخ نفسها، ذكرت وكالة رويترز أن المطالب الرئيسية كانت إنهاء الحكم الاستبدادي، كما أشارت ذا غارديان أن المتظاهرين طالبوا برحيل رئيس النظام السوري. وفي السياق ذاته نشرت صفحة السويداء24 على فيسبوك، مجموعة من اللافتات تظهر رفع المحتجين لشعارات مطالبة بإطلاق الحريات العامة، وتطبيق القرار 2254، كما نشرت الصفحة فيديو يحتوي مظاهرة رفعت شعارات تدعو لإسقاط النظام.
في تاريخ 29 أغسطس، ذكرت الحدث مجددًا أن المتظاهرين خرجوا لتحسين أوضاعهم المعيشية، لكنها أضافت في تقريرها أنهم طالبوا بإطلاق سراح المعتقلين، دون ذكر المطالب السياسية الأخرى كإسقاط النظام الذي نقلت وكالة أسوشييتد برس أن المتظاهرون نادوا بها، وأنهم أغلقوا فروع حزب البعث في المنطقة مع تحوّل المظاهرات من المطالبة بشعارات اقتصادية إلى شعارات سياسية. وعلاوة على ذلك ظهرت اللافتات المرفوعة بشكلٍ واضح، مطالبة المتظاهرين بالتغيير السياسي. كما نشرت صفحة السويداء 24 فيديو للمتظاهرين وهم يزيلون صورة لرئيس النظام السوري بشار الأسد.
في تاريخ الثالث من سبتمبر، ذكرت الحدث في تقريرين في صفحتها على منصة إكس، أن المتظاهرين خرجوا مطالبين "بتحسين ظروف المعيشة وبتغيير الحكومة". لم تذكر الحدث المطالب الأخرى السياسية الرئيسية التي نادى بها المتظاهرون والتي ظهرت ضمن اللافتات منذ 30 أغسطس، أي قبل ثلاثة أيام من نشر الحدث لتقريرها، نقلت الجزيرة وشبكة سي إن إن وتقرير للعربي الجديد أن الاحتجاجات نادت بإسقاط النظام بشكلٍ رئيسي. علاوة على ذلك شاركت صفحة السويداء24 فيديو لمظاهرة في تاريخ الثالث من سبتمبر طالب فيها المتظاهرون بإسقاط النظام.
تناقضات في مضامين تقارير الحدث عن احتجاجات السويداء
عثر "مسبار" في تاريخ 28 أغسطس على تقرير واحد لقناة الحدث يتميز بتناوله لأسباب المظاهرات بشكل متعدد الأبعاد. تناول هذا التقرير بشكل أوسع المطالب الرئيسية للمتظاهرين، ووضح كيفية تحول الاحتجاجات من التركيز على المطالب المعيشية إلى المطالب السياسية. إذ ذكرت بعض المطالب السياسية للمتظاهرين مثل تطبيق القرار الأممي 2254. وهذا ما يوضح وجود نوع من الاختلاف في الأنباء التي عرضت في التقارير بين التقرير المذكور والتقارير السابقة التي راجعناها. رغم ذلك ذُكر في التقرير أيضًا أن المتظاهرين طالبوا برحيل "الحكومة".
من خلال مراجعة "مسبار" للمصادر المختلفة، يتضح أن اهتمام المتظاهرين في السويداء امتد بسرعة منذ السابع عشر من أغسطس للمطالبة بمجموعة متنوعة من المطالب. وتركزت تقارير قناة الحدث بشكل رئيسي على المطالب الاقتصادية التي كانت جزءًا بارزًا من حركة الاحتجاج التي بدأت في 17 أغسطس 2023، إلا أنّ هذه التقارير لم تغطِ مجموعة واسعة من المطالب السياسية التي نادى بها المتظاهرون.
اقرأ/ي أيضًا
المظاهرة من مدينة حماة عام 2011 وليست من احتجاجات السويداء الأخيرة
نداء الشيخ أبو يوسف الصايغ إلى أهالي جبل العرب ليس خلال احتجاجات السويداء الأخيرة