تتداول حسابات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، حديثًا، مقطع فيديو يدّعي ناشروه أنه لمصريين يهاجرون بطريقة غير نظامية إلى ليبيا، للعمل هناك أو للهجرة سرًّا منها إلى أوروبا.
تحقق "مسبار" من الادّعاء المتداول ووجد أنّ أغلب ناشري المقطع على منصة إكس نقلوه عن مستخدم نشره وقال، باللغة الإنجليزية، إنّه من الحدود الليبية المصرية، قبل أن يتّضح من خلال ردوده على التعليقات أن المقطع لمهرّبين وليس لمهاجرين غير نظاميين.
مهربون على حدود مصر مع ليبيا
كما عثر مسبار على مقطع فيديو تظهر فيه حقائب ظهر مشابهة، منشورًا على صفحة قناة فضائية ليبية بتاريخ 16 يونيو/حزيران 2022. وقالت الصفحة إن المشاهد من منطقة امساعد الليبية على الحدود الشمالية الشرقية مع مصر، وأن من يظهرون في الفيديو هم مهربون مصريون يحملون بضائع غير معروفة النوع والمصدر والوجهة، مضيفةً أنهم يستغلّون تراخي الجهات الأمنية على حدود البلدين للتنقل بأريحية مطلقة.
ووجد مسبار أيضًا مقاطع مشابهة منشورة حديثًا على تيك توك، قال ناشروها إنها من منطقة السلوم الحدودية بين مصر وليبيا، دون أن يذكروا طبيعة النشاط الذي يقوم به من يظهرون في المقطع.
وعلى يوتيوب عثر مسبار على مقطع مشابه نُشر في 13 حزيران عام 2022 مرفقًا بعنوان "تهريب حدود مصر ليبيا السلوم".
منطقتا السلوم وامساعد على الحدود الليبية المصرية
وبالعودة إلى خرائط غوغل، لاحظ مسبار أن منطقتي السلوم وامساعد متجاورتين، وأنهما تقعان على طرفي الحدود بين مصر وليبيا.
ويُلاحظ أن الحقائب التي يحملها الأشخاص في مقاطع الفيديو متطابقة من ناحية الشكل والحجم واللون، وأنها تحمل كتابة مرفقة بما يبدو أنه رمز، وكلّ تلك مؤشرّات توحي بأنّ عبور هؤلاء الأشخاص للحدود يتم في إطار نشاط منظّم، وليس في إطار هجرة أشخاص.
التهريب على الحدود المصرية الليبية
انتعش التهريب على الحدود المصرية الليبية منذ تراخي القبضة الأمنية الليبية بعد سقوط نظام القائد الراحل معمر القذافي عام 2011. وتشمل عمليات التهريب التبغ والسجائر والمواد الغذائية والأسلحة والذخائر والمخدرات والمحروقات. وقالت مصادر أمنية ليبية عام 2021 إن العصابات الإجرامية تعتمد عائدات التهريب مصدرًا للتمويل.
الهجرة غير النظامية للمصريين إلى أوروبا عبر ليبيا
تنطلق معظم القوارب التي تقل المصريين إلى إيطاليا من ليبيا، وأشار تقرير أصدرته وكالة الاتحاد الأوروبي للهجرة في يوليو/تموز 2022، إلى أن ثلاثة من كل خمسة وافدين غير نظاميين إلى إيطاليا ما بين مارس/آذار ويونيو/حزيران 2022 كانوا مصريين، وأن 79 في المئة منهم كانوا رجالًا بالغين، في حين تزايدت أعداد القصر غير المصحوبين بذويهم.
وأرجع التقرير أسباب هجرة المصريين إلى تردّي الوضع الحقوقي في مصر، والقيود المفروضة على حرية التعبير وسوء أوضاع السجون وحالات الاختفاء القسري والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء.
ويهاجر آلاف المصريين للعمل في ليبيا والاستفادة من ارتفاع قيمة الدينار الليبي، مقارنة بالجنيه المصري. غير أنّ التكلفة الباهظة لطرق السفر النظامية خلال فترة تعليق الرحلات الجوية بين مطارات مصر وليبيا، دفعت المصريين الراغبين بالعمل في ليبيا للاستعانة بمهرّبي البشر، الذين يتولّون إرشادهم عبر مسالك بريّة بعيدة عن أعين السلطات وعن خطر الألغام المنتشرة في المنطقة، فيقطعون بعض المسافة على متن سيارات وبعضها سيرًا على الأقدام، قبل أن يصلوا إلى مراكز احتجاز لا يُطلق سراحهم منها إلا بعد دفع ذويهم في مصر مستحقّات تهريبهم، التي تقدّر بحوالي 10 آلاف جنيه مصري.
واستؤنفت في سبتمبر/أيلول عام 2021 الرحلات الجوية المباشرة بين مطاري طرابلس غربي ليبيا والقاهرة بعد توقف دام سبع سنوات بسبب تردّي الوضع الأمني في ليبيا. في حين استؤنفت الرحلات المباشرة بين مطاري القاهرة ومطار بنغازي شرقي ليبيا في إبريل/نيسان 2022.