` `

هل كانت الصين آخر دولة زارها الرئيس الروماني تشاوشيسكو قبل إعدامه؟

عمر قصير عمر قصير
سياسة
24 سبتمبر 2023
هل كانت الصين آخر دولة زارها الرئيس الروماني تشاوشيسكو قبل إعدامه؟
أُعدم الرئيس الروماني نيكولاي تشاوشيسكو في ديسمبر 1989(Getty)

قُبيل زيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الصين، تداول إعلاميون وسياسيون ونشطاء سوريون ادعاء مفاده أن الصين كانت الرحلة الخارجية الأخيرة للرئيس الروماني الراحل، نيكولاي تشاوشيسكو، قبل أن يُعدم هو وزوجته في أعقاب ثورة قامت ضده في ديسمبر/كانون الأول عام 1989.

الزيارة الخارجية الأخيرة لتشاوشيسكو قبل إعدامه كانت إلى الصين
لقطة شاشة لمنشور يدّعي صاحبه أن الزيارة الخارجية الأخيرة لتشاوشيسكو قبل إعدامه كانت إلى الصين

تحقق مسبار من الادعاء المتداول وتبيّن أنه مضلّل، إذ إن الصين، ورغم أنها كانت حليفة لتشاوشيسكو، لم تكن آخر بلد زاره قبل إعدامه. ففي الثامن عشر من ديسمبر عام 1989، أي قبل سبعة أيام من إعدامه، سافر تشاوشيسكو إلى إيران، تاركًا مهمة قمع ثورة اندلعت في مدينة تيميشوارا الرومانية لقوات الجيش والأمن الروماني.

الرئيس الروماني تشاوشيسكو رفقة نظيره الإيراني رفسنحاني في طهران في 20 ديسمبر/كانون الأول 1989
الرئيس الروماني تشاوشيسكو رفقة نظيره الإيراني رفسنحاني في طهران في 20 ديسمبر/كانون الأول 1989 (Getty)

إعدام الرئيس الروماني نيكولاي تشاوشيسكو

عاد تشاوشيسكو من إيران في 20 ديسمبر، ليجد أن المظاهرات المعارضة قد انتشرت في مدن البلاد، فقرر إلقاء خطاب جماهيري أمام حشد كان يفترض أنه لمؤيّدين له. وفي الخطاب، ألقى تشاوشيسكو باللوم على "المحرضين الفاشيين" الذين افتعلوا اضطرابات تيميشوارا، لكن الحشود ردت على كلماته بسخرية واستهجان وراحت تهتف ضده.

ولم تفلح محاولاته لاسترضائهم عبر تقديم وعود بزيادة الأجور والمساعدات الاجتماعية، وعندها أدرك أنّه في خطر لجأ إلى مبنى حكومي، في حين امتلأت شوارع بوخارست بمئات آلاف من المتظاهرين.

وفي اليوم التالي (22 ديسمبر)، انتشرت أنباء عن انتحار أحد كبار القادة العسكريين، وزير الدفاع فاسيلي ميليا. كما انتشرت شائعات مفادها أنّه اغتيل بأمر من تشاوشيسكو، الذي أعلن حالة الطوارئ عبر الإعلام الرسمي، إلا أن الجيش رفض قراره وانحاز للمتظاهرين.

وفي ظل وجود حشود من المتظاهرين حول مبنى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم، استخدم تشاوشيسكو وزوجته طائرة مروحية للفرار، قبل أن يهبطا اضطرارًا في منطقة تارغوفيست البعيدة 50 كيلومترًا عن بوخارست، عقب تلقيهما تهديدات من الجيش بإسقاط المروحية. وأُلقي القبض عليهما واحتجزا في قاعدة عسكرية (حامية قوات النخبة في تارغوفيست).

وفي ليلة عيد الميلاد (25 ديسمبر) خضع تشاوشيسكو وزوجته لمحاكمة صورية سريعة، اتُهما فيها بارتكاب جرائم إبادة جماعية وتدمير اقتصاد رومانيا وإصدار أوامر للجيش بقتل المواطنين الرومانيين، وجمع ثروة بطرق غير مشروعة ومحاولة الفرار من البلاد، وحكم عليهما بناء على ذلك بالإعدام رميًا بالرصاص.

تشاوشيسكو وزوجته إيلينا أثناء زيارتهما إلى المملكة المتحدة عام 1978
تشاوشيسكو وزوجته إيلينا أثناء زيارتهما إلى المملكة المتحدة عام 1978 (Getty)

هل زار تشاوشيسكو الصين سرًّا بعد عودته من إيران؟

ويكشف الخط الزمني للأحداث، أن احتمال قيام تشاوشيسكو بزيارة سرية إلى الصين، إذا ما افترضنا ذلك جدلًا، في الفترة ما بين تاريخ عودته من إيران (20 ديسمبر) وتاريخ إعدامه (25 ديسمبر)، هو احتمال ضئيل جدًا، لأن تشاوشيسكو ظهر خلال الفترة ذاتها بشكل متكرر عبر وسائل الإعلام أو أمام الجمهور في رومانيا.

الموقف الإيراني من سقوط جكم تشاوشيسكو؟

بعد أيام من إعدام تشاوشيسكو، نشرت صحيفة ذا واشنطن بوست الأميركية مقالًا بعنوان "إيران أُحرجت من زيارة تشاوشيسكو"، وقالت فيه إن رئيس رومانيا حصل على بعض المساعدة في اللحظات الأخيرة من الرئيس الإيراني، الذي يشعر الآن بالحرج بسبب مساعدته للرئيس المهزوم. وأضافت الصحيفة أنّ "الرئيس الإيراني علي أكبر هاشمي رفسنجاني حاول دعم تشاوشيسكو بإرسال رجال أمن إيرانيين إلى رومانيا لحمايته".

لقطة شاشة من مقال واشنطن بوست عن ردة فعل الرئيس الإيراني بعدما علم بحقيقة الوضع في رومانيا
لقطة شاشة من مقال ذا واشنطن بوست عن ردة فعل الرئيس الإيراني بعدما علم بحقيقة الوضع في رومانيا

وذكرت الصحيفة أن تشاوشيسكو وضع خلال اليوم الثاني من زيارته إلى إيران، إكليلًا من الزهور على قبر الخميني، وأنه طلب المساعدة من رفسنجاني بعدما وردته أنباء عن خروج الأمور عن السيطرة في رومانيا. وأضافت أن الرئيس الإيراني وعد بتوفير عدد من حراسه الشخصيين لحماية نظيره الروماني عند عودته، وأنه أرسل في اليوم التالي فرقة من الحرس الثوري الإيراني سرًا إلى بوخارست.

وقالت ذا واشنطن بوست إن رفسنجاني طرد سفير إيران لدى رومانيا، لأنه لم يخبره في الوقت المناسب عن حقيقة ما يحصل في رومانيا وعن حجم الثورة هناك، كي يجنبه الحرج والإهانة التي لحقت به جراء استضافة تشاوشيسكو.

زيارة بشار الأسد إلى الصين

حلّ رئيس النظام السوري، بشار الأسد، يوم الخميس 21 سبتمبر/أيلول الجاري في الصين، للمشاركة في افتتاح دورة الألعاب الآسيوية، التي تستضيفها مدينة هانغجو. والتقى خلال زيارته بالرئيس الصيني شي جيبينغ.

وقالت وكالة الأنباء السورية "سانا"، إن اللقاء شهد توقيع ثلاث وثائق تعاون، بينها مذكرة تعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، وهو مشروع صيني لإنشاء سكك حديد تربط الصين بآسيا وأوروبا وأفريقيا. أمّا الرئيس الصيني فأعلن خلال لقائه بشار الأسد أنّ بكين ودمشق أقامتا "شراكة استراتيجية."

وتعدُّ الصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد منذ عام 2011، بعد روسيا وإيران. كما دعمت باستمرار نظام الأسد منذ اندلاع الثورة ضده عام 2011، إذ صوتت مرّات عدّة ضد قرارات تدينه في مجلس الأمن الدولي، واستخدمت إلى جانب روسيا حق الفيتو لوقف قرارات أخرى.

اقرأ/ي أيضًا

هل أغفلت قناة الحدث في تغطيتها لاحتجاجات السويداء جزءًا من مطالب المتظاهرين؟

الصورة لشلالات في سوريا وليست لينابيع تفجرت عقب زلزال المغرب

الأكثر قراءة