نشرت صحف ووسائل إعلام إسرائيلية وأميركية، خبرًا يوم أمس الأحد 15 أكتوبر/تشرين الأول، مفاده أن الاحتلال الإسرائيلي استأنف تزويد جنوبي قطاع غزة بالمياه بشكل جزئي، عقب ضغوط كبيرة تلقاها من من الجانب الأميركي.
ونقلت عن وزير الطاقة إسرائيل كاتس، أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن توصلا إلى اتفاق يوم أمس الأحد 15 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ستوفر بموجبه إسرائيل المياه لمناطق جنوب غزة. وأشار وزير الطاقة إلى أنّ قرار استئناف إمدادات المياه جزئيًا للفلسطينيين يتماشى مع السياسة الإسرائيلية بشأن غزة.
من جهته، قال مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة جيك سوليفان خلال مقابلة له مع قتاة سي إن إن الإخبارية، يوم أمس، بأنه تواصل مع نظيره الإسرائيلي صباح يوم الأحد، وأكد له أن إسرائيل فتحت أنابيب المياه لوصولها إلى جنوب غزة، عقب تواصل مستمر مع الجانب الإسرائيلي حول هذا الموضوع خلال الأيام القليلة الفائتة، حسب قوله.
ولكن، ما حقيقة الادعاءات الإسرائيلية، وهل وصلت المياه بالفعل إلى الفلسطينين جنوب غزة؟
شهود عيان ينفون لمسبار توفر المياه في جنوب غزة
وللتحقق من صحة ما أفادت به المصادر الإسرائيلية والأميركية، تواصل مسبار اليوم الاثنين 16 أكتوبر، مع ستة مواطنين فلسطينيين متواجدين في مدينة رفح جنوبي القطاع، وقد نفوا جميعهم توفر المياه أو عودتها عقب القرار الإسرائيلي باستئناف إمدادات المياه يوم أمس.
إذ صرّح المواطن م.م بالقول "لا وجود للمياه في الخزانات لدينا"، فيما أفادت المواطنة ر.أ من رفح بأنّ المياه شأنها شأن بقية الخدمات منقطعة بشكل كامل، والمواطنة ح.ج، والمواطن أ.أ أكدوا أن المياه مقطوعة.
من جهته، قال المواطن و.ف لمسبار إنه بحسب آخر تواصل مع شقيقته الموجودة في رفح أمس، فإن المياه مقطوعة من المصدر. وأخيرًا أفاد ه.خ بأن المياه منقطعة حاليًا، فيما وصلت لهم بعض المياه عبر الأنابيب أمس مدة ساعتين فقط.
وزارة الداخلية تنفي استئناف إسرائيل تزويد جنوب غزة بالمياه
وفي تصريح صحفي صدر اليوم 16 أكتوبر، نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة، إياد البزم، ضخ سلطات الاحتلال مياه الشرب إلى أي من محافظات القطاع، وقال محذرًا من تدهور الوضع المائي "يعاني قطاع غزة من أزمة حادة جدًا في توفر مياه الشرب في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، ونؤكد أن الاحتلال لم يضخ أي لتر من مياه الشرب إلى أيّ من محافظات القطاع لليوم العاشر على التوالي، مما اضطر المواطنين لشرب مياه غير صالحة، وإن ذلك ينذر بأزمة صحية خطيرة تهدد حياة المواطنين".
ما أثر رفع الحصار عن المياه في ظل انقطاع باقي الخدمات عن غزة؟
في التاسع من أكتوبر الجاري، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، فرض حصار شامل على قطاع غزة، إذ قال "نفرض حصارًا كاملًا على مدينة غزة. لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود. كل شيء مغلق. نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقًا لذلك" على حد تعبيره.
وفي يوم الجمعة الثالث عشر من أكتوبر الجاري، أمهل الاحتلال الإسرائيلي جميع القاطنين في شمال القطاع مدة 24 ساعة لإخلائه تمامًا بما في ذلك المستشفيات والمراكز الطبية، عقب إعلانه التحضير لاجتياح بري للقطاع.
إثر ذلك صدرت تقارير أممية منددة بالقرار، نظرًا إلى مساهمته في تعميق الأزمة الإنسانية في القطاع عقب الأثار المدمرة للقصف الصاروخي الإسرائيلي المكثق على القطاع. ففي يوم الجمعة أصدر الفريق الأممي في فلسطين، بيانًا أشار فيه إلى أن المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم النساء والأطفال، يعانون من الرعب والإصابات والصدمة. وأفاد بأن الغارات الجوية الإسرائيلية التي أسفرت حينها عن مقتل أكثر من 1800 شخص، وقد دمرت أيضًا البينة التحتية للقطاع، فيما حرم الحصار الكامل المدنيين من الكهرباء والغذاء والوقود والمياه النظيفة.
وفي السياق، كان منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة مارتن غريفيثس، قد قال في مؤتمر صحفي في جنيف نُشر ملخصه اليوم، حول الأمر الإسرائيلي للفلسطينيين بالانتقال من شمال غزة إلى جنوبي القطاع "لا يمكن أن تطلب من الناس الابتعاد عن طريق الخطر بدون مساعدتهم على ذلك وعلى أن يذهبوا إلى مكان يختارونه تتوفر به المساعدة الإنسانية التي يحتاجونها". مشددًا على ضرورة ضمان وصول المساعدات إلى غزة، نظرًا لسوء الأوضاع الناتجة عن الحرب الجارية على القطاع.
ومن جهتها، اعتبرت منظمة الصحة العالمية أوامر إسرائيل بالنزوح من شمال غزة بما في ذلك المستشفيات والمراكز الطبية بمثابة "حكم بالإعدام على المرضى والمصابين"، منوهة إلى أن إخلاء 22 مستشفى في شمال القطاع من أكثر من ألفي مريض يُعالجون في أقسامها الداخلية سيزيد من تفاقم الكارثة الإنسانية وكارثة الصحة العامة في غزة.
فإذا تم الأخذ بعين الاعتبار حجم الدمار الواسع في البنية التحية الذي أشارت له التقارير الأممية، وطبيعة الأبنية القائمة عاموديًا في القطاع لاستيعاب الاكتظاظ السكاني، إذ تبلغ الكثافة السكانية داخل مدينة غزة أكثر من 500 نسمة لكل 100 متر مربع في العديد من أقسامها، فإن قرار إسرائيل باستئناف إمدادات المياه إلى جنوب القطاع في ظل انقطاع الكهرباء اللازمة لضخها ووصولها إلى السكان، وتعرّض أنانيب وشبكات المياه في الأبنية السكنية إلى التدمير، هو قرار أشبه بأن يكون عديم الفائدة ولا يقلل من حجم الكارثة الإنسانية.
هل قرار تزويد جنوب القطاع بالمياه جزء من بروباغندا إسرائيلية؟
من غير المستبعد أن يكون هذا القرار الإسرائيلي، مجرد بروباغندا للتخلص من عبء الضغط الدولي نتيجة تقاقم الأزمة الإنسانية في القطاع إثر الغارات المكثفة عليه، فمنذ بداية الحرب الجارية على القطاع، جيّش الاحتلال أذرعه الإعلامية للترويج لدعاية كاذبة مفادها أن إسرائيل تحرص على حياة المدنيين وتمارس أعلى القيم الأخلاقية في حربها أمام “قوىً من الشر المحض”، وهي حماس.
وفي حين بالغ الاحتلال بتصوير الطرف الآخر بأنه مصدر تهديد للعالم أجمع، نفى عنه أي صفة إنسانية تلزمه باحترام حقوق الشعب الفلسطيني في القطاع حتى الأساسية منها.
هذا وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن عدد القتلى في قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي بلغ قرابة 2750 قتيلًا، إلى جانب مايزيد على 9700 جريح، أما الضفة الغربية فقد سجلت مقتل 58 شخصًا، وأكثر من 1250 جريح.
المصادر
اقرأ/ي أيضًا
وصف إسرائيل بأنّها الخير الذي يواجه الشر في غزة: ما حقيقة الادعاءات المضللة لحنانيا نفتالي؟
أبرز الادعاءات المضللة حول عملية طوفان الأقصى