تستخدم حسابات وصفحات إسرائيلية صورًا حديثة لعائلات فلسطينية على شاطئ دير البلح، جنوبي قطاع غزّة، كدليل على أنّ إسرائيل لا تستهدف إلا مقاتلي حماس وأنّها تفعل كل ما بوسعها لحماية أرواح المدنيين في غزة.
اللجوء إلى بحر غزة في ظل انقطاع المياه
للتحقّق من تلك المزاعم، بحث "مسبار" عن أصل تلك الصور، وتبيّن أنّها التُقطت في 29 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وأنّ من التقطها هو محمود حمس، مصوّر وكالة الصحافة الفرنسية.
أمّا من يظهرون في الصور ، فهم فلسطينيون قُطعت عنهم المياه العذبة والكهرباء فصاروا يستحمّون ويغسلون ملابسهم وأواني الطبخ الخاصة بهم بمياه البحر، على طول شاطئ دير البلح.
واطّلع مسبار على صور أخرى التقطها المصور في المكان واليوم ذاتهما، وشاهد فيها نساء فلسطينيات تغسلن وتنشرن الملابس على الشاطئ في الوقت الذي يستحم فيه أطفال بمياه البحر.
إسرائيل تقطع المياه والكهرباء والوقود عن قطاع غزة
في التاسع من أكتوبر الجاري، أعلن يوآف غالانت، وزير الدفاع الإسرائيلي، عن فرض حصار شامل على قطاع غزة، واصفًا سكّانه بـ "الحيوانات البشرية". وقال غالانت يومها "أمرت بفرض حصار شامل على غزّة. لا كهرباء، لا غذاء، لا ماء، لا غاز، أغلقنا كل شيء". وتلت تصريحاته العدائية تلك عملية طوفان الأقصى، التي اقتحم فيها مقاتلون من حركة حماس مستوطنات غلاف غزة، وألحقوا بإسرائيل خسائر بشرية غير مسبوقة.
وفي حين لا تزوّد إسرائيل غزة إلا بستة في المئة من إجمالي ما تستهلكه من المياه، إلا أنّ تغطية ما تبقى من احتياجاتها يتطلّب الكهرباء والوقود، اللذين يستخدمان لتشغيل مضخّات المياه ومحطّات تحلية مياه البحر.
ويهدّد استمرار قطع الوقود والكهرباء عن غزة بكارثة إنسانية، إذ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، في وقت سابق، عن بدء انتشار الأمراض المعدية المنقولة بالمياه، وحذرت من تفاقم الوضع في حال استمرار حرمان أكثر من مليوني فلسطيني من المياه النظيفة. فيما نقلت وسائل إعلام شهادات تفيد بلجوء بعض سكان القطاع إلى شرب مياه ملوثة أو مياه مالحة لري عطشهم.
الوضع الأمني في دير البلح
يستهدف الاحتلال الإسرائيلي ويقتل، منذ أسابيع، المدنيين في دير البلح. وقد قصف مساء يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول مبنى في مخيّم النصيرات، نزحت إليه عائلة مدير مكتب قناة الجزيرة، وائل الدحدوح، استجابة لدعوات إسرائيلية بالتوجه جنوبًا، بحجة أن مناطقه أكثر أمنًا للمدنيين. وتسبّب القصف الجوي في مقتل 12 فردًا من عائلة الدحدوح بيهم زوجة وائل، وابنته، وابنه، وحفيده. كما أفادت تقارير إعلامية إلى أنّ المبنى كان يأوي قرابة مئة شخص، جميعهم مدنيون.
يؤكّد ذلك كذب المزاعم الإسرائيلية حول عدم استهداف جيش الاحتلال للمدنيين، وحول كون مناطق الجنوب أكثر أمنًا من مناطق شمالي القطاع. كما يُظهر أن المدنيين في دير البلح معرضون للاستهداف مثلهم مثل بقية المدنيين في مختلف مناطق قطاع غزة.
إسرائيل تقتل أطفالًا فلسطينيين على شاطئ في غزة عام 2014
في أغسطس/آب 2018، نشر موقع The Intercept الأميركي تحقيقًا يكشف أدلّة تضمنها تقرير إسرائيلي سرّي، تثبت تعمّد إسرائيل استهداف أربعة أطفال كانوا يلعبون على الشاطئ في غزة بالقرب الميناء، في منتصف يوليو/تموز عام 2014. وأدّى القصف الإسرائيلي يومها إلى مقتل الأطفال الأربعة، البالغة أعمارهم ما بين 9 و11 سنة، أمام أعين صحافيين أجانب كانوا يقيمون في فنادق مجاورة.
وتضمّن التقرير شهادات ضباط إسرائيليين كانوا يتحكّمون في الطائرة المسيرة التي نفّذت الاعتداء. وقال الضبّاط بحسب ما جاء في التقرير، إنهم ظنّوا أن الأطفال مقاتلين من حركة حماس، وذلك على الرغم من أنّ الهجوم نفذ في وضح النهار.
وكانت إسرائيل قد اعتبرت، في وقت سابق، الهجوم الصاروخي الذي قتل الأطفال الأربعة على شاطئ غزة "حادثًا مأساويًّا"، إذ أشار تحقيقها إلى أنّ القصف استهدف موقعًا تابعًا لحماس، وأنّ الأطفال كانوا محض خسائر جانبية. غير أن الصحافيين الذين شهدوا على الاعتداء وتنقّلوا إلى مكان وقوعه لاحقًا، أكدّوا أنّ استهداف الأطفال كان على مرتين، وأنّ إسرائيل استهدفت في البداية طفلًا اختبأ داخل كوخ فيه معدّات للصيد عندما كان يلعب الغميضة مع أقربائه، في حين ركض أقرباؤه الثلاثة بعد استهدافه محاولين النجاة قبل أن يدركهم صاروخ ثانٍ أودى بحياتهم.
اقرأ/ي أيضًا
انحياز الإعلام الغربي في أسلوب صياغة الأخبار عن الحرب على غزة
مشهد قديم لإطلاق صورايخ وليس لاستهداف المقاومة مستوطنات إسرائيلية حديثًا