تشنّ إسرائيل منذ بدء عملية طوفان الأقصى، في السابع أكتوبر/تشرين الأول الفائت، حربًا شرسة على قطاع غزة. وتستخدم في الحرب أسلحة مختلفة أوقعت إلى اليوم آلاف الضحايا من المدنيين الفلسطينيين ودمّرت قطاعًا واسعًا من البنية التحتية. وبالموازاة، تعترض منظومة القُبّة الحديدية الإسرائيلية الصواريخ التي تُطلقها المقاومة ردًّا على الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزّة.
ومع دخول العدوان أسبوعه الخامس، ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ادعاءٌ مفاده أنّ منظومة القبة الحديدية أُنشئت بأموال دفعتها العراق، عن طريق الأمم المتحدة، لإسرائيل تعويضًا عن قصفها بـ 39 صاروخًا عام 1991.
وتداول الناشرون الادعاء مرفقًا بفيديو مقابلة أُجريت مع وزير الدفاع العراقي الأسبق، عبد القادر العبيدي، قال فيها إنّ العراق دفعت 39 مليار دولار، أي تعويض قدره عشر مليارات عن كل صاروخ، لإسرائيل وأن تلك الأموال استُخذمت لتمويل مشروع القبة الحديدية.
تحقّق "مسبار" من الادّعاء ووجد أنّ العراق دفعت مبلغًا أقل بكثير من 39 مليار دولار لإسرائيل تعويضًا عن الصواريخ التي أطلقتها باتجاهها إبان حرب الخليج. في حين لم يجد ما يدلُّ على أنّ تلك الأموال أُنفقت على مشروع القبة الحديدية.
مجلس الأمن يُلزم العراق بدفع تعويضات للمتضررين في حرب الخليج
بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، شنّ تحالف دولي حربًا على العراق بعد غزوها الكويت عام 1991. وبعد انتصار التحالف الدولي في الحرب، فُرضت عقوبات دولية على العراق، منها حصار دام 12 عامًا، والمراقبة الدولية لأسلحة الدمار الشامل، والتعويضات التي ألزم مجلس الأمن العراق بدفعها للدول والحكومات والمنظمات والأفراد المتضررين من غزو الكويت.
قيمة التعويضات التي فرضت على العراق ومستحقوها
بحث مسبار في قرارات مجلس الأمن ووجد أنّ لجنة مختصّة قد تأسّست للنظر في طلبات التعويض وتحديد قيمتها ومستحقّيها.
وبحسب الأمم المتحدة، فقد بلغت قيمة المطالبات 352 مليار دولارًا، أقرت اللجنة منها 52.4 مليار دولارًا لدول من بينها الكويت، التي حصلت على الحصة الأكبر، وتلتها تركيا، والسعودية، والأردن، وإسرائيل وغيرها.
وقُدّرت أضرار الصواريخ التي سقطت على إسرائيل بـ 74 مليون و563 ألف دولار، وهو مبلغ أقل بكثير من الذي صرّح به الوزير العبيدي. وبالعودة إلى مصادر إعلامية، تبيّن أنّ تسليم التعويضات بدأ تدريجيًا مطلع أغسطس/آب عام 2001. وقُسّم المبلغ على 68 شركة، و31 شخصًا.
هل استُخدمت التعويضات التي دفعتها العراق لإسرائيل في بناء القبة الحديدية؟
بالبحث في موقع شركة رافايل لأنظمة الدفاع المتقدمة، التابعة للحكومة الإسرائيلية، والمصنّعة لمنظومة القبة الحديدية، وجد مسبار أنّ إسرائيل شرعت في صُنع القبة الحديدية عام 2007، وأنّها أتمت العمل عليها عام 2011.
وبالبحث عن مصادر تمويل المشروع، وجد مسبار أنّ القبّة أُنشِأت بتمويل أميركي قيمته 205 مليون دولار، حصلت عليه إسرائيل بعد زيارة الرئيس الأميركي الأسبق أوباما إليها، عام 2010. واعتُبر ذلك المبلغ زيادة على المبلغ الذي طلبته إسرائيل من أميركا، ضمن برنامج التمويل العسكري الأجنبي، والذي قُدّر بثلاثة مليارات دولار عام 2011.
القبة الحديدية
تعتبر القبة الحديدية واحدة من أنظمة الدفاع الإسرائيلية المختصّة في التصدّي للصواريخ قصيرة المدى، وقذائف الهاون، والطائرات المسيّرة، وصواريخ كروز وغيرها. تستخدمها إسرائيل في حماية المستوطنات من صواريخ القسّام وحزب الله. تتميّز المنظومة بالاستجابة السريعة لأيّ مقذوف وتحديد وجهته وتدميره.
وفي السنوات الأخيرة، وخاصة خلال معركة سيف القدس عام 2021، تمكّنت كتائب القسّام من اختراق تلك المنظومة، عبر إطلاق رشقات صاروخية كثيفة، تربك قدرتها على الرصد والتصدي. واستطاعت كتائت القسّام بفضل تلك الثغرة قصف تل أبيب مرّات عدّة.
اقرأ/ي أيضًا
الفيديو قديم وليس لإطلاق المقاومة الفلسطينية صواريخ تجاه تل أبيب
ما أسباب امتناع تونس والعراق عن التصويت لصالح القرار الداعي لهدنة إنسانية في غزة؟
