` `

شركة ويكس للبرمجيات: تعزز السردية الإسرائيلية وتتحكم بآلاف المواقع الإلكترونية العربية

فراس دالاتي فراس دالاتي
تكنولوجيا
14 نوفمبر 2023
شركة ويكس للبرمجيات: تعزز السردية الإسرائيلية وتتحكم بآلاف المواقع الإلكترونية العربية
شركة ويكس الإسرائيلية تستضيف آلاف المواقع الإلكترونية العربية (Getty)

كشفت صحيفة ذا آيريش تايمز الإيرلندية، نهاية الشهر الفائت، عن سلسلة من الرسائل الداخلية التي شاركتها إدارة الشركة في دبلن، مع أعضاء فريق شركة ويكس (Wix) للبرمجيات، عبر تطبيق "سلاك" للعمل المشترك، حثّت فيها الموظفين على إظهار "الروح الغربية" لديهم في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تدعم إسرائيل، إذ جاء فيها "على عكس سكان غزة، فإننا نبدو ونعيش مثل الأوروبيين أو الأميركيين".

نُشرت الرسائل في قناة داخلية على سلاك تسمى "دعم السردية الإسرائيلية"، والتي أنُشئت ردًّا على عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها كتائب القسام في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت على ثكنات ومستوطنات غلاف غزة.

شركة ويكس تحث على دعم إسرائيل

ودعت القناة الموظفين إلى "الانضمام إلى مبادرة الشركة لإنشاء مقاطع فيديو وحملات إبداعية"، من أجل "دعم الرواية الإسرائيلية". ونصح أحد المنشورات الموظفين بتجنب التركيز على الأرقام عند النشر عن الهجمات التي تعرض لها الإسرائيليون، لأن "عدد القتلى والتفجيرات في غزة سيكون أعلى بكثير".

تسببت الرسائل الداخلية في قلق كبير بين عدد من الموظفين البالغ عددهم 500 موظف الذين يعملون في مكتب الشركة في دبلن، كما وصل الأمر لاتخاذ إجراءات إدارية بحق المخالفين منهم. إذ طردت الشركة إحدى موظفاتها، كورتني كاري (26 عامًا)، بعد أن انتقدت إسرائيل علنًا.

وفي منشوراتها على موقع لينكدإن، وصفت كاري إسرائيل بأنها “دولة إرهابية”، وانتقدت القصف العشوائي لغزة. وأضافت السيدة كاري، في وقت لاحق أنها تدين “جميع أشكال الإرهاب” ولا تدعم حماس. وبعد رد الفعل العنيف على تعليقاتها من الزملاء والعملاء، طردها شركة ويكس.

وفي بيان أصدرته الشركة، قال نير زوهار، رئيس مكتب ويكس في إيرلندا وكبير مسؤولي العمليات، إن تعليقات كاري "لا يمكن فهمها وغير قابلة للتفسير وغير مقبولة".

أثار قرار الشركة بإقالة كاري مخاوف في أيرلندا بشأن امتداد أثره على حرية التعبير في البلاد، كما تعرض لانتقادات من قبل عدد من المنظمات الحقوقية وحتى البرلمانيين والسياسيين. إذ علّق رئيس الوزراء الأيرلندي ليو فارادكار على الحدث بالقول "إن السيدة التي فصلتها شركة إسرائيلية بسبب تعليقاتها حول الحرب بين إسرائيل وغزة، يجب أن تطلب المشورة القانونية إذا كان فصلها نتيجة لآرائها السياسية".

صورة متعلقة توضيحية

ما هي شركة ويكس؟

"ويكس" (Wix.com Ltd.) هي شركة برمجيات إسرائيلية مقرها تل أبيب، ومُدرجة كشركة عامة في أسواق الولايات المتحدة، تقدم لعملائها خدمات تطوير الويب القائمة على السحابة، من أنظمة إدارة محتوى وتحرير واستضافات، وغيرها من الخدمات التي يحتاجها أي موقع على الإنترنت. كما تسمح للمستخدمين غير المختصين بالتقنية بإنشاء مواقع ويب قائمة على HTML5 ومواقع للجوّال بسهولة من خلال استخدام أدوات السحب والإفلات.

وإلى جانب المقر الرئيسي في تل أبيب والمكاتب الأخرى في إسرائيل، تمتلك ويكس أيضًا مكاتب في البرازيل وكندا وألمانيا والهند وأيرلندا واليابان وليتوانيا وبولندا وهولندا والولايات المتحدة وأوكرانيا وسنغافورة. وتقوم على نموذج أعمال مجاني، وتكسب إيراداتها من خلال الترقيات إلى نسخة "بريميوم".

من يملك شركة ويكس؟

لا يقتصر ضلوع الشركة في ترويج الرواية الإسرائيلية على مكتبها في أيرلندا، إذ واظبت الشركة على ذلك منذ تأسيسها، كما أنها وسّعت نشاطاتها في المنطقة العربية لتصبح واحدة من أكثر مواقع البرمجيات شعبية فيها، ويوجد اليوم آلاف المواقع الإلكترونية العربية المُستضافة على خوادمها.

نبذة عن شركة ويكس - Wix.com
نبذة عن شركة ويكس - Wix.com

بحسب موقع الشركة، ولدت ويكس عام 2006 من بنات أفكار مؤسسيها الثلاثة: أفيشاي إبراهيمي، ناداف إبراهيمي، وغيورا كابلان الذي "سرعان ما اكتشفوا أثناء بنائهم موقعًا على الإنترنت أن إنشاء موقع الويب الخاص بهم كان أمرًا صعبًا ومحبطًا ومكلفًا للغاية. وهذا ما قادهم إلى فكرة بناء منصة تمكن أي شخص من إنشاء موقع الويب الخاص به دون الحاجة إلى مهارات البرمجة أو التصميم".

وبحسب وثيقة التسجيل الخاصة بالشركة، الصادرة عن هيئة الأوراق المالية والبورصات في الولايات المتحدة، خدم أفيشاي إبراهامي، الذي يشغل منصب المدير التنفيذي في ويكس منذ عام 2010، في وحدة استخبارات الكمبيوتر الخاصة بجيش الدفاع الإسرائيلي من عام 1990 حتى عام 1992، بينما خدم غيورا كابلان في الوحدة نفسها بين عامي 1988 و1991.

صورة متعلقة توضيحية

علاقة ويكس بـ "الوحدة 8200"

رغم تأسيسها منذ خمسينيات القرن الفائت ومرورها بمراحل إعادة هيكلة وتسمية عديدة، إلا أن وحدة استخبارات الكمبيوتر الإسرائيلية بقيت في الظلال حتى العقد الماضي، ولم يكن هناك حتى اعترافٌ عام بوجودها. لكن في السنوات الأخيرة، بدأ المجنّدون السابقون في الوحدة 8200 مشاركة بعض المعلومات حول تجربتهم، وإعطاء لمحة عن حياتهم في الخدمة العسكرية.

في عام 2016، تكلّم أفيشاي أبراهيمي، مؤسس ويكس المشارك ورئيسها التنفيذي، رفقة عدد من زملائه، لمجلة فوربس الأميركية عن تجربتهم في الوحدة 8200. إذ كُلّف بمهمة اختراق أجهزة الكمبيوتر لدولة في حالة عداء مع إسرائيل، ولم يكشف هوية تلك الدولة. ومن أجل تأمين القدر الكبير من قوة الحوسبة اللازمة لتنفيذ مهمته، اختطف أنظمة دولتين أخريين -لم يذكرهما كذلك - مستخدمًا قوة المعالجة الخاصة بهما لفك تشفير بيانات النظام المستهدف.

صورة متعلقة توضيحية

إن مهام مثل هذه هي التي تجعل من الوحدة 8200 نقطة انطلاق لأكبر الشركات التقنية الناشئة في إسرائيل. إذ إنّ المهام الحساسة، والقدر الأدنى من التوجيه داخل الوحدة، يمنح الأفضلية في السوق لأعضاء الوحدة 8200 السابقين، كما أن الزي العسكري يحظى باحترام كبير في دوائر التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل.

ولم يقتصر الأمر على خدمة إبراهيمي في الجيش الإسرائيلي وتأسيسه الشركة في تل أبيب، إذ أتيحت له الفرصة لمغادرة إسرائيل لكنه رفض القيام بذلك. ورغم ضبابية القوانين الناظمة للبيانات في إسرائيل، وعدم الإفصاح عن المساهمين في هيكل الشركة في تل أبيب، إلا أن بعض أنشطتها اتّسق مع سياسات الحكومة الإسرائيلية، مثل إزالتها مواقع إلكترونية مؤخرًا بتهمة "ارتباطها بحماس"، وتنفيذ خطط "السلام الاقتصادي" لتوظيف مطورين ومبرمجين فلسطينيين لا يعرفون المشاريع التي يعملون عليها.

وفي مقابلة أخرى مع صحيفة تايمز أوف إسرائيل، قال إبراهيمي إنه تلقى العديد من عروض الاستحواذ على مر السنين: "عروض محترمة من شركات محترمة. لكن من المحتمل أن يستلزم ذلك نقل بعض عمليات الشركة إلى الخارج.. ولا نبحث في الشركة عن هذا النوع من الخروج".

صورة متعلقة توضيحية

يقول إبراهيمي إنه ليس نموذجًا فريدًا: "من جيلي فقط، هناك أكثر من 100 شاب من الوحدة 8200 أعرفهم شخصيًا ممن أسسوا شركات ناشئة وباعوها مقابل الكثير من المال. كان هناك فريق مميز في الوحدة. أسمّيها الغرفة السحرية، لأنهم جميعًا أنشؤوا شركات يبلغ متوسط قيمتها السوقية نصف مليار دولار". وبالطبع، أبراهيمي واحدٌ منهم، إذ تبلغ القيمة السوقية لشركة ويكس مليار دولار.

صورة متعلقة توضيحية

شركة ويكس تستضيف آلاف المواقع العربية

وفقًا لإحصائيات W3Techs، يتم استخدام ويكس بواسطة 2.3 في المئة من أكثر 10 ملايين موقع زيارة على الإنترنت، وتحتل المرتبة الثانية عالميًا من ناحية الاستضافة وتقديم نظام إدارة المحتوى بعد الخدمة الأشهر ووردبريس. كما تستضيف 6102 موقعًا عربيًا موزعين على عشر دول عربية مختلفة، بالإضافة لآلاف المواقع التركية، بحسب أداة BuiltWith لتحليل استخدام الإنترنت وبيانات التجارة الإلكترونية. 

ومن أبرز المواقع العربية المُستضافة على خوادم "ويكس"، موقع جامعة بيرزيت الفلسطينية، وموقع شركة نيوتن للتأمين الأردنية، وموقع أرقام السعودي للإحصائيات، وموقع ملتقى المعرفة المصري، وهو تحالف لعدد من الجامعات العالمية يسعى لتنفيذ وإقامة الفعاليات التعليمية، من بين مواقع حيوية أخرى.

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية

بحسب حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، فإن "ويكس"، من بين مجموعة شركات أخرى، قدمت تبرعات عينية سخية للجيش الإسرائيلي وسط هجومه الحالي على 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحتل والمحاصر. وبجانب ذلك وما ينطوي عليه من مسؤولية بشأن تلقّي الشركة ملايين الدولارات من أصحاب المواقع الإلكترونية، لا أحد يعرف حجم سيطرة الشركة، والحكومة الإسرائيلية التي تقف خلفها، على بيانات تلك المواقع وأصحابها وزوارها.

اقرأ/ي أيضًا

ما هي الشركات التي دعمت إسرائيل في الحرب الحالية على غزة وشملتها حملات المقاطعة؟
مؤشرات على فبركة إسرائيل فيديو تدعي أنه لممرضة تتحدث من داخل مستشفى الشفاء

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة