"كل الطرق تؤدي إلى روما، لكن ليس كل طرق النقد تؤدي إلى معاداة السامية". هكذا رد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دو فيلبان، على اتهامات له بمعاداة السامية، عقب تنديده بالهيمنة المالية على مجالي الإعلام والفن.
تعود تصريحات السياسي الفرنسي التي أثارت الجدل، إلى ظهوره في برنامج "Quotidien" على قناة “TMC” الفرنسية، يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، إذ علق على طرد الممثلة ميليسا باريرا من العمل ضمن طاقم الفيلم الأميركي Scream VII. وكانت الممثلة قد نشرت رسالة تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي. وشبهت في حسابها على موقع انستغرام قطاع غزة بـ"معسكر الاعتقال".
وتحدث دو فيلبان عن "تأثير الهيمنة المالية على وسائل الإعلام وعلى عالم الفن والموسيقى". وقال "يظهر أنهم لا يستطيعون التعبير عن آرائهم بحرية، ببساطة لأن العقود تنتهي فورًا. لذلك، يتبين أن القواعد المالية المفروضة اليوم في الولايات المتحدة تلقي بظلالها بشكل كبير على الحياة الثقافية. ومن المؤسف أننا نشهد الأمر نفسه في فرنسا".
وتابع "كل هذا يعدّ أمرًا مؤسفًا على صعيدي الحرية والقدرة على تشكيل رأي عام". كما أوضح رئيس الوزراء الأسبق أنّه "يجب عدم الخضوع إلى دكتاتورية الفكر الواحد هذه، وقال إنّ من حق الفنان أن يعبر بشكل حر عن مواقفه".
وأشار فيلبان إلى عارضة الأزياء الأميركية من أصل فلسطيني بيلا حديد، مبينًا التزامها بالحديث عن "عائلتها، تاريخها، حياتها الخاصة".
لكن الصحافة الفرنسية وأخرى إسرائيلية، حرفت تصريح دو فيلبان، وقالت إنّه تحدث عن هيمنة اليهود على الساحة الثقافية والفنية.
تلاعب إعلامي بتصريحات دو فيلبان
ذكر الصحافي الفرنسي في قناة بي أف أم تي في، رونالد غوينترانغ أنّ دو فيلبان تحدث عن "الهيمنة المالية لليهود على المجتمعات الغربية". وكان لذلك رد فعلي فوري من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أنّ القناة عملت على التلاعب بالتصريح الأصلي لدو فيلبان.
وهو ما اضطر القناة إلى نشر اعتذار أمس الثلاثاء 28 نوفمبر، قالت فيه إنّه "في برنامج 120 دقيقة الذي بُث يوم الأحد 26 نوفمبر 2023، تم استخدام صياغة غير دقيقة ومؤسفة فيما يتعلق بالتعليقات التي أدلى بها دومينيك دو فيلبان خلال الأسبوع".
وأضافت "تعتذر قناة بي أف أم تي في لمشاهديها. اليقظة في كل الأوقات هي ضمانة الثقة بين القناة وجمهورها".
بي أف أم تي في، ليست القناة الوحيدة التي حرفت كلام دو فيلبان، إذ نشرت صحيفة ذا تايمز أوف إسرائيل مقالًا بعنوان "دومينيك دو فيلبان متهم بنشر الاستعارات المعادية للسامية".
وجاء في نص المقال أنّ "رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، أدلى بتصريحات مشكوك فيها، بدا وكأنه يربط بين اليهود و"الهيمنة المالية" على وسائل الإعلام وعالم الثقافة".
وقال موقع أوروبا 1 أنّ رئيس الوزراء السابق ربط اليهود بالهيمنة المالية على وسائل الإعلام وعالم الثقافة.
كما استنكرت شخصيات فرنسية عدة تصريحاته، واتهمته بتبني نظريات المؤامرة ومعاداة السامية.
من جانبه نشر برنامج "Quotidien" توضيحًا يوم أمس 27 نوفمبر، قال فيه "بالنسبة لبعض المنتقدين، فإن هذه الكلمات كانت موجهة نحو صناعات الثقافة ووسائل الإعلام، التي يُزعم أن من يديرها أشخاص يهود". وأكدت أنّه لم يتحدث علنًا عن "هيمنة يهودية".
كيف قلّصت ثقافة الإلغاء هوامش حريّة التعبير في هوليوود
يُشار إلى أنّ مسبار تداول في مقال سابق، تهديدات الإلغاء في هوليود، وكيف يخيم هذا الشبح على التعاملات العلنيّة للمشاهير، إذ ترتكز فكرته على المقاطعة والعزل الثقافيين للجهة المسيئة، والضغط على شركائها المهنيين للانضمام إلى المقاطعة، و/أو لاتخاذ إجراءات تأديبية بحقّها.
فبالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/أيار عام 2021، مثلًا، خصّصت صحيفة ذا نيويورك تايمز إعلانًا من صفحة كاملة للتهجّم على الشقيقتين بيلا وجيجي حديد ومغنية البوب البريطانية ذات الأصول الألبانية، دوا ليبا، اللواتي ندّدن في وقت سابق بجرائم إسرائيل ضدّ الفلسطينيين.
وفي عام 2014، سحب نجما هوليوود بينيلوبي كروز وزوجها خافيير باردام توقيعهما على رسالة مفتوحة، “اتّهمت إسرائيل بالإبادة الجماعية للفلسطينيين في حربها ضد مسلّحي حماس، التي أوقعت حينها قرابة 1800 قتيل فلسطيني، وتسببت في إصابة أكثر من تسعة آلاف آخرين”، بعد تلقّيهما انتقادات واتهامات بالتحريض على معاداة السامية.
اقرأ/ي أيضًا
شبح الإلغاء: لماذا يخشى نجوم هوليوود مساندة الفلسطينيين؟
مركز اتصالات السلام: أداة بروباغندا ذات رداء سلمي تموّلها لوبيات إسرائيلية