` `

المرض إكس: مصطلح تعبيري انتشرت حوله نظريات المؤامرة والأخبار المضللة

فراس دالاتي فراس دالاتي
صحة
17 يناير 2024
المرض إكس: مصطلح تعبيري انتشرت حوله نظريات المؤامرة والأخبار المضللة
منظمة الصحة العالمية تدعو قادة العالم للاستعداد للمرض إكس (تعبيرية/Getty)

انطلقت يوم الاثنين 15 يناير/كانون الثاني الجاري، فعاليات النسخة الرابعة والخمسين من المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس في سويسرا. ومن المقرر خلال الأيام الخمسة التي سيستمر خلالها، نقاش عدد من القضايا العالمية الملحّة من قبل الحضور المكوّنين من عشرات رؤساء الدول والحكومات ومئات قادة الأعمال، منها التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، ولا سيما الحرب على غزة، والحرب في أوكرانيا وتوازن القوى العالمية وتطور الذكاء الاصطناعي وتغير المناخ، من بين قضايا عديدة أخرى.

ضمن الأجندة الخاصة بفعاليات المنتدى، وتحديدًا اليوم الثاني منه، برزت قضية "المرض إكس"، الذي قال مدير الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه قد يكون الجائحة القادمة التي ستحصد ضحايا يبلغون 20 ضعف ضحايا جائحة كورونا. وناقش في جلسة مفتوحة مخصصة، مع قادة السياسات والأعمال، سبُل منع انتشار ذلك المرض المستقبلي غير المعروف.

لم يمر ذلك الإعلان وتلك الجلسة دون إثارة بعض نظريات المؤامرة والترويج للمعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ انتشرت تغريدات ومنشورات أخرى تدّعي أن المرض إكس سيكون أداة السيطرة الجديدة للحكومات على الشعوب، بينما ادّعى آخرون أنه "سلاحٌ جديدٌ يحضّره الغرب ضد البشرية بعد فشل خطة كوفيد".

الغرب يحضر لسلاح جديد ضد البشرية المرض إكس

فيما ذهب ناشرون آخرون إلى نسب تصريحاتٍ زائفة على لسان مدير منظمة الصحة العالمية جاء فيها: "استعدوا للخوف، المرض إكس هو فايروس لا نعرفه بعد ولكن لديه القدرة على الانتشار من مجموعة من الحيوانات إلى البشر، أو التحور أو التكيف مع نفسه ثم البدء في نشر الناس وقتلهم بشكل أسرع مما يمكننا احتواءه. لا تقضي أي وقت في التفكير، يجب أن نكون قلقين ونتصرف بسرعة".

التأهب العالمي للمرض إكس
الرعب يجتاح العالم بسبب المرض X

وربط آخرون موضوع "المرض إكس" بمؤامرات يحيكها أغنياء العالم بهدف السيطرة على البشرية. إذ قال بعضهم إن بيل غيتس يقف وراء تطويره بهدف بيع اللقاح لاحقًا، بينما ربط آخرون بين اسم المرض وتغيير إيلون ماسك اسم منصة تويتر إلى "إكس"، كجزء من خطة أكبر.

بيل غيتس المرض إكس المرض X

ما حقيقة "المرض إكس"؟

يتيح الموقع الإلكتروني الخاص بالمنتدى الاقتصادي العالمي للعموم مشاهدة وقراءة أجندة الجلسات العامة المعقودة فيه. وفي قسم الجلسة التي حملت عنوان "التحضير للمرض إكس"، جاء الوصف التالي: "مع التحذيرات الجديدة من منظمة الصحة العالمية من أن المرض إكس غير المعروف يمكن أن يؤدي إلى وفيات أكثر 20 مرة من جائحة فايروس كورونا، ما هي الجهود الجديدة اللازمة لإعداد أنظمة الرعاية الصحية لمواجهة التحديات المتعددة المقبلة؟".

تفاصيل جلسة “التحضير للمرض إكس” في المنتدى الاقتصادي العالمي
تفاصيل جلسة “التحضير للمرض إكس” في المنتدى الاقتصادي العالمي

لكن المرض إكس ليس فيروسًا مُختلقًا محددًا تستخدمه منظمة الصحة العالمية لنشر تحذيرات زائفة. فوفقًا للمركز العالمي للأمن الصحي التابع لجامعة نبراسكا الأميركية تمت إضافة المرض إكس إلى قائمة منظمة الصحة العالمية للأمراض التي يجب أن تُعطى أولوية بحثية في عام 2017، والتي تتضمن، حمى القرم-الكونغو النزفية، مرض فيروس الإيبولا، مرض فايروس ماربورغ، حمى لاسا، متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)، متلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة (سارس)، أمراض نيباه وفايروس هينيبا، حمى الوادي المتصدع، زيكا، وأضيف إليها كوفيد-19.

ويوضح موقع منظمة الصحة العالمية أن مصطلح "المرض إكس" يمثل المعرفة بأن وباءً دوليًا خطيرًا يمكن أن يكون سببه عامل مُمرض غير معروف حاليًا أنه يسبب مرضًا بشريًا. وفي عام 2022، قال المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية التابع لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور مايكل رايان، إن مثل هذه القوائم هي ممارسة معيارية تهدف إلى تحسين التأهب إذ "يعد استهداف مسببات الأمراض وعائلات الفيروسات ذات الأولوية للبحث وتطوير التدابير المضادة أمرًا ضروريًا للاستجابة السريعة والفعالة للأوبئة والجوائح".

منظمة الصحة العالمي تكشف عن مصطلح “المرض إكس” لأول مرة
منظمة الصحة العالمي تكشف عن مصطلح “المرض إكس” لأول مرة

وبالتالي فإن "المرض إكس" هو مرض وهمي، وتأتي تسميته بالطريقة نفسها التي يشير بها الحرف "X" في الرياضيات إلى متغير غير معروف. والآن، في عالم ما بعد فايروس كورونا، يولي العديد من قادة العالم اهتمامًا أكبر لأزمات الصحة العامة مثل الأوبئة، واستخدام اسم "المرض إكس" ما هو إلا وسيلة لمنحهم طريقة سهلة لمناقشة القضية. كما أن رقم "20 ضعف ضحايا كورونا"، هو أكبر احتمال وفيات ممكن لجائحة فيروسية، وليس رقمًا محسوبًا بشكل مسبق.

منظمة الصحة العالمية توضح المقصود باسم “المرض إكس”
منظمة الصحة العالمية توضح المقصود باسم “المرض إكس”

وفي 15 يناير الجاري، لخصت مقالة لبلومبرغ الجوانب العملية وراء إعطاء الأولوية البحثية للأمراض غير المعروفة، مثل إكس. حيث جاء فيها أن الفكرة كانت تتلخص في تشجيع تطوير تقنيات المنصات العلاجية، بما في ذلك اللقاحات والعلاجات الدوائية والاختبارات التشخيصية، التي يمكن تكييفها ونشرها بسرعة استجابة لمجموعة من حالات التفشي المستقبلية التي قد تنطوي على أوبئة.

كما يعمل العلماء على الاستعداد للمرض إكس (الموصوف على أنه مرض قاتل ينتقل من الحيوان) من خلال تقييم الفيروسات الحيوانية التي يمكن أن تصيب البشر ومسببات الأمراض التي ليس لديها لقاح بعد. وذكرت صحيفة ذا غارديان أن العلماء سيحددون أيضًا المجالات التي يمكن فيها تحسين التحصينات، مثل لقاحات الأنفلونزا أو لقاحات فايروس العوز المناعي البشري ضمن هذه الجهود.

يعدّ هذا العمل جزءًا من "مهمة الـ 100 يوم"، وهي جهد بحثي عالمي لصنع لقاحات آمنة وفعالة ضد أي تهديد وبائي محتمل خلال 100 يوم من تحديد هويته، ولا يوجد دليل على أن العلماء يخططون للوباء المقبل.

مبادرة المئة يوم
مبادرة المئة يوم

أطباء يقولون إن لا شيء يدعو للقلق حتى الآن

في يناير 2024، قال مارك وولهاوس، أستاذ وبائيات الأمراض المعدية في جامعة إدنبرة البريطانية، لصحيفة ستاندرد أنه كان من بين أولئك الذين ضغطوا من أجل إدراج "المرض إكس" في قائمة أولويات منظمة الصحة العالمية. وأضاف أيضًا أن العلماء لا يمكنهم أبدًا توقع كل التفاصيل المتعلقة بكيفية انتشار الأوبئة، بل يستندون على الأسس الاحتمالية الإحصائية.

وقال الدكتور أميش أدالجا، الباحث البارز في مركز جونز هوبكنز الأميركي للأمن الصحي لمجلة فورتشن، إن العاملين في مجال الصحة الطبية والعامة دائمًا ما يتعين عليهم إجراء تجارب فكرية وتمارين للتحضير للأوبئة".

بينما قال الدكتور ستيوارت راي، نائب رئيس قسم الطب لسلامة البيانات والتحليلات في قسم الطب بجامعة جونز هوبكنز، إنه سيكون من "غير المسؤول" عدم لقاء قادة العالم لمناقشة هكذا قضية قد تشكّل تهديدًا في المستقبل.

وأضاف في تعليقه على جلسة المنتدى الاقتصادي العالمي "لقد كانت هناك العديد من الأحداث المماثلة في التاريخ المسجل، وقد علمتنا جائحة كورونا الأخيرة أن الاستجابة السريعة يمكن أن تنقذ ملايين الأرواح. إن تنسيق الاستجابة للصحة العامة ليس مؤامرة، إنه مجرد تخطيط مسؤول".

ما هي جهود العلماء للتحضير للمرض إكس؟

وفقًا لبلومبرغ، تدعم مجموعات مثل تحالف ابتكارات التأهب للأوبئة (CEPI) منصات لقاحات الاستجابة السريعة التي يمكنها تطوير لقاحات جديدة في غضون 100 يوم من ظهور فايروس يُحتمل أن يكون وبائيًا. كما يجري تحديث اللوائح الصحية الدولية ووضع اتفاقية عالمية جديدة لحماية العالم من حالات الطوارئ المستقبلية المتعلقة بالجائحات.

ومن ضمن الجهود الأخرى سيكون إطلاق صندوق جديد، وافق عليه البنك الدولي، للوقاية من الأوبئة والتأهب لها والاستجابة لها. كما يهدف مركز منظمة الصحة العالمية للاستخبارات المتعلقة بالجوائح والأوبئة في برلين إلى تسريع الوصول إلى البيانات الرئيسية، وتطوير أدوات تحليلية ونماذج تنبؤية لتقييم التهديدات المحتملة.

تسعى الحكومات والمؤسسات البحثية لدعم وتسريع الجهود لتحضير اللقاحات والإجراءات الوقائية المناسبة في حال حدوث جائحة المرض إكس
تسعى الحكومات والمؤسسات البحثية لدعم وتسريع الجهود لتحضير اللقاحات والإجراءات الوقائية المناسبة في حال حدوث جائحة المرض إكس (Getty)

وتعزيزًا لتلك الجهود، أطلقت الحكومة الأميركية مبادرة بقيمة 5 مليارات دولار لتطوير لقاحات وعلاجات الجيل التالي لكوفيد-19، تسمى "Project NextGen". بالإضافة إلى تقديم 262.5 مليون دولار لتمويل شبكة وطنية أميركية للكشف عن حالات الطوارئ المتعلقة بالصحة العامة والاستجابة لها بشكل أكثر كفاءة.

يقول الدكتور مايكل رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، معلّقًا على تلك الاستعدادات "لولا استثمارات كبيرة في البحث والتطوير قبل جائحة كوفيد-19، لم يكن من الممكن تطوير لقاحات آمنة وفعالة في وقت قياسي". وتضيف الدكتورة سمية سواميناثان، كبيرة العلماء في منظمة الصحة العالمية "أصبحت قائمة مسببات الأمراض ذات الأولوية هذه نقطة مرجعية للمجتمع البحثي فيما يتعلق بالجانب الذي يجب أن تتركّز عليه الطاقات لإدارة التهديد التالي".

اقرأ/ي أيضًا

كيف تؤثر المعلومات المُضللة على صورة المنتدى الاقتصادي العالمي؟

لم تطلق الصحة العالمية اسم متحوّر إكس على متحوّر كورونا الجديد

الأكثر قراءة