في 26 يناير/كانون الثاني الجاري، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية وقف التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، عقب مزاعم إسرائيلية ادعت مشاركة 12 موظفًا فيها من قطاع غزة، في عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت.
كما أعلنت لاحقًا عشرة دول مانحة أخرى تعليق التمويل للوكالة، بسبب المزاعم الإسرائيلية ذاتها، منها فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
ومن جهتها، استنكرت وكالة الأونروا تعليق الدعم المادي بسبب الاتهامات الإسرائيلية في ظل الحاجة الماسة له، رغم خطواتها المتمثلة في فصل تسعة موظفين وفتح تحقيق فوري في الاتهامات المزعومة.
مسؤولون إسرائيليون يدعون لإنهاء أعمال الأونروا
رافق رفع عدة دول دعمها للوكالة، دعوات من جهات رسمية إسرائيلية، لإنهاء مهامها واتهامها بعرقلة عملية السلام.
إذ نشر حساب وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس على منصة إكس، في 27 يناير الجاري، بيانًا أشاد فيه بقرار الولايات المتحدة الذي نص على وقف التمويل للأونروا، وأشار إلى أن استمرار عملها بشكلٍ عام يعني إدامة قضية اللاجئين ويُعرقل عملية السلام بحسب تعبيره، واتهم الأونروا أنها "تعمل كذراع مدني لحركة حماس في غزة".
كما طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائه وفدًا من سفراء الأمم المتحدة في 31 يناير الفائت، بوقف عمل الأونروا وإيجاد بديل يحل محلها في قطاع غزة.
ونفى نتنياهو التُهم الموجهة للاحتلال من قبل مسؤولين من الأونروا في محكمة العدل الدولية، قائلًا إنه لا أساس لها من الصحة. وأشار إلى أن إسرائيل كشفت تورط الأونروا في عملية طوفان الأقصى.
الصورة لعنصر أمن وليست لسيطرة حماس على المساعدات
وبالتزامن مع هذه الاتهامات، نشرت حسابات إسرائيلية ادعاءات مضللة حول عمل وكالة الأنروا في القطاع. إذ شارك مستخدمون على منصة إكس، مؤخرًا، صورة ادّعوا أنها لعنصر من حركة حماس يتصرف في المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى قطاع غزة، وزعموا أنّها تُثبت سيطرة الحركة على أي مساعدات إنسانية تصل إلى غزة.
وبالبحث وجد مسبار أن الصورة نُشرت في صفحة شرطة محافظة رفح بتاريخ العاشر من يناير الفائت، وتُظهر عنصر أمن من قوات التدخل وحفظ النظام في رفح خلال تأمين توزيع المساعدات الإنسانية على الغزيين النازحين في مراكز الإيواء، وليس كما ادّعت الحسابات الإسرائيلية أنها لسيطرة حماس على المساعدات الإنسانية.
وتعمل وحدة التدخل وحفظ النظام على تأمين المساعدات ومراكز الإيواء خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
الفيديو من اشتباكات قديمة في جنين وليس من غزة
كما نشر حساب إسرائيل بالعربية على موقع إكس، حديثًا، مقطع فيديو ادّعى أنّه يُظهر مسعفًا ينقل السلاح إلى عنصر من حركة حماس بلباس مدني خلال المعارك الجارية في قطاع غزة، وعلق الحساب على المقطع بأن "حماس محت كل الحدود بين المدني والارهابي والمسعف وموظف الأونروا"، وزعمت حسابات أخرى أن الفيديو يعود لموظف من الأونروا يرتدي زي مسعف.
وبالبحث وجد مسبار أن الفيديو يعود إلى يوم التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، خلال اشتباكات بين عناصر المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين بالضفة الغربية، حينها، ولا علاقة له بالاشتباكات الجارية في قطاع غزة.
وسبق أن فند "مسبار" عدة ادعاءات إسرائيلية وغربية تتهم حركة حماس بسرقة المساعدات الإنسانية التي تصل إلى قطاع غزة.
ادّعاء إسرائيلي مضلل يتهم حماس بسرقة للمساعدات
نشرت صفحة المتحدث باسم رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، أوفير جندلمان، إلى جانب حسابات وصفحات أخرى، مقطع فيديو مع ادعاء أنّه يوثّق محاولة عناصر من حركة حماس سرقة الطحين من المواطنين في غزة ونقله إلى مقر قيادة الحركة، وكان "مسبار" قد تحقق منه وتبين أنّه مضلّل.
إذ وجد "مسبار" أنّ من يظهرون في مقطع الفيديو هم مدنيون من سكان قطاع غزة، دفعهم الجوع ونقص الإمدادات الغذائية إلى اقتحام مخزن أونروا في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ومخازن أخرى وسط القطاع، للحصول على بعض المواد الغذائية، كما لا يُظهر الفيديو عناصر من حركة حماس مدجّجين بالأسلحة يحاولون سرقة الطحين من المواطنين.
وعاين مراسل مسبار في قطاع غزة حينها، موقع مخزن أونروا في كلية تدريب غزة وتدريب خان يونس، وأجرى مقابلات مع عدد من النازحين، الذين أكدوا أنّ مقتحمي المخزن مدنيون، وأنّهم أخذوا أكياسًا من الدقيق والزيت والأرز، وأشاروا إلى أنّ عناصر تابعين للحكومة، لاحقوهم وحاولوا منعهم من أخذها.
ادعاءات دون أدلة بأنّ حماس تسرق المساعدات الإنسانية
وفي ذات السياق ادّعى المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية سامويل وريبرغ، يوم 24 أكتوبر الفائت، بأن حركة المقاومة الإسلامية حماس تسرق المساعدات الإنسانية المقدمة لسكان القطاع. وكان رده على المذيع عندما سأله في المداخلة على دليل صحة ادعاءاته، بأن “الصواريخ التي تأتي من حماس كافية لإثبات كلامه".
وقابل ادعاءه تأكيد من وكالة الأنروا في بيان صدر في اليوم ذاته، أنّها استلمت المساعدات التي دخلت من معبر رفح لقطاع غزة. وهو ما أكده الهلال الأحمر الفلسطيني، أيضًا.
ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
ويستمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ115 على التوالي، موديًّ بحياة 26 ألفًا و900 مدنيًّا فلسطينيًّا إلى جانب 65 ألفًا و949 إصابة، ولا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات فيما يمنع الاحتلال الإسرائيلي طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم، وفقًا لآخر بيان صدر عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أمس الأربعاء 31 يناير.
وفي الأثناء، تعمد متظاهرون إسرائيليون إيقاف شاحنات تحمل المساعدات ومنعها من الوصول إلى سكان القطاع.
اقرأ/ي أيضًا:
ما الحيثيات المتعلقة بمقطع فيديو أظهر نازحين من خانيونس يهتفون ضد حماس؟
دعاية مضللة ضد وائل الدحدوح ومعتز عزايزة بعد خروجهما من قطاع غزة