تتداول وسائل إعلام ومواقع إخبارية، خبرًا لقي انتشارًا واسعًا على مواقع التواصل، مفاده أن ملايين القطع من ملابس الأطفال التابعة لشركة "شي إن" تحتوي على مستويات عالية من المواد الكيميائية السّامّة المسببة للسرطان والعقم. قد أثارت هذه الأنباء جدلًا واسعًا، بين من يؤكد صحة الأنباء حول "شي إن" ويحذر من أخطار منتجاتها، وبين من ينفي ذلك ويرى أنها مجرد شائعات مغرضة تستهدف الشركة بسبب نجاحها.
فما حقيقة احتواء ملابس شركة “شي إن” لمواد مسرطنة؟
راجع مسبار المنشورات والأخبار المتداولة ووجد أن أصلها يعود لتحذيرات أطلقها باحثون ومسؤولون كوريون جنوبيون، إذ حذروا أن الملابس والإكسسوارات التي تبيعها شركة الأزياء الصينية العملاقة "شي إن"، تحتوي على مستويات عالية من المواد الكيميائية السامة.
ففي 28 مايو/أيار الفائت، ذكرت تقارير كورية جنوبية أنّ منتجات الأطفال التي تبيعها شركة التسوق الصينية العملاقة "شي إن"، تحتوي على مواد سامة بكميات أعلى بمئات المرات من المستويات المقبولة. إثر ذلك بدأت سلطات كوريا الجنوبية بإجراء حملات تفتيشية منظمة واختبارات لمنتجات الشركة، فيما ردت شركة "شي إن" على هذه المزاعم بالقول "أزلنا المنتجات من الموقع ونأخذ معايير سلامة المنتج على محمل الجد ونعمل مع وكالات اختبار عالمية لضمان الامتثال لمعايير سلامة المنتجات".
وذكرت السلطات الكورية أنها فحصت حتى الآن 93 منتجًا ووجدت أن نصفها تقريبًا يحتوي على مواد سامة، وتشمل هذه العناصر ساعات الأطفال وأقلام التلوين. فيما ذكرت السلطات الكورية أن زوجًا واحدًا من الأحذية الذي خضع للاختبار كان يحتوي على 428 ضعفًا من المستويات المسموح بها من "الفثالات"، وهو أعلى مستوى لُوحظ حتى الآن خلال عمليات التفتيش الكورية. و"الفثالات" هي مواد كيميائية تُستخدم في صناعة اللدائن (البلاستيك)، ولكنها مادة شديدة الخطورة بالنسبة للإنسان إذا دخلت الجسم عن طريق الاستنشاق أو الجلد، حيث تسبب أضرارًا جسيمة في الغدد الصماء، كما تُسبب بعض أنواع السرطانات وأمراض القلب وتحدث ضررًا جسيمًا في النظم التناسلية والعصبية التي تؤثر على عملية نمو الانسان، ولذا فإن الأطفال هم من الفئة الأكثر تهديدًا عند تعرضهم للفثالات.
في السياق ذاته، أشارت كوريا الجنوبية إلى خطر بيئي في منتجات "شي إن"، إذ قالت إنها عثرت أيضًا على ثلاثة حقائب يد تحتوي على مواد كيميائية من المركبات الشائعة التي لا تتحلل عند إطلاقها في البيئة والتي وصلت إلى 153 ضعف من الحد المسموح به.
ما هي شركة شي إن؟
"شي إن" هو متجر تجزئة صيني للأزياء عبر الإنترنت. تأسس في عام 2008 في مدينة نانجينغ في الصين على يد شو يانغتيان، تحول متجر "شي إن" من كونه متجر ملابس صيني منخفض التكلفة إلى شركة أزياء عالمية عبر الإنترنت.
في عام 2020، كانت "شي إن" هي العلامة التجارية الأكثر تداولًا على منصات تيك توك ويوتيوب والرابعة على انستغرام. إذ ارتفعت مبيعاتها من 10 مليارات دولار في عام 2020 إلى 100 مليار دولار في عام 2022 (وفقًا لوكالة بلومبرغ). ذلك كونها تقدم مجموعة واسعة من الملابس والإكسسوارات العصرية بأسعار منخفضة بشكل مذهل.
هل هنالك حرب تجارية ضد شي إن؟
أعلنت شركة "شي إن" عن تحقيق أرباح سنوية قياسية لعام 2023 تجاوزت 2 مليار دولار، أي ضعف أرباح العام السابق. بهذا الرقم القياسي، تتفوق "شي إن "على أرباح "إتش أند أم" شركة الملابس السويدية العملاقة، وتقترب من أرباح سلسة الملابس العالمية "زارا". وفقًا لوكالة فرانس برس دخلت العلامات التجارية "شي إن" وموقع التجارة الإلكترونية "تيمو" و"علي بابا" في تحدي مع أمازون، عملاق التجارة الإلكترونية الأميركية، واجتاحت هذه العلامات الصينية السوق الأميركية والأوربية محققة نجاحات كبيرة. وأظهرت بيانات من شركة ShipMatrix، وهي شركة استشارات لوجستية أميركية، أن شركة "شي إن" تشحن نحو مليون طرد يوميًا إلى الولايات المتحدة، التي أصبحت أكبر سوق للشركة المملوكة للصين في السنوات الأخيرة.
أدى هذا النمو الهائل للشركة إلى زيادة التدقيق في ممارساتها التجارية ومعاييرها للسلامة، مؤخرًا، أضاف الاتحاد الأوروبي شركة "شي إن" إلى قائمته للشركات الكبيرة التي يجب أن تخضع لقواعد سلامة أكثر صرامة، بما في ذلك تدابير لحماية العملاء من المنتجات غير الآمنة، وخاصة تلك التي يمكن أن تكون ضارّة للقاصرين. في السنوات الأخيرة، وجدت "شي إن" نفسها وسط نزاعات بشأن احترام العلامات التجارية الأخرى، والدعاوى القضائية المرفوعة من منافسين، ومخاوف تتعلق بسلامة المنتج وضرره على البيئة، فضلًا عن اتهامات بالتهرب الضريبي وانتهاكات حقوق الإنسان.
وفي هذا الخصوص قال أنطوني ساسيين، كبير استراتيجي الاستثمار في شركة KraneShares، إن عيّنة الاختبار التي استخدمت من قبل باحثين كوريين كانت محدودة للغاية مقارنةً بجميع صادرات "شي إن"، ولهذا لا يمكننا أن نعمم نتائج هذا الاختبار على كل منتجات "شي إن"، ولكن ربما كان هنالك ثغرة حصلت بطريقة ما في مصانع "شي إن"، ويجب علينا أن ننتظر نتائج التحقيق الذي سوف تقوم به الشركة.
فيما قال الدكتور منذر الحوارات استشاري الأمراض السرطانية، بأنه يجب أن يكون هنالك تشديد للرقابة على هذا المنتجات، لكن لا يجب أن نصاب بالهلع بسبب نتائج هذه الاختبارات فربما للموضوع بُعد سياسي واقتصادي.
هل "شي إن" هي الشركة الوحيدة المتهمة باحتواء منتجاتها على مواد سامة؟
في عام 2022 وجدت وحدة أبحاث مركز الصحة البيئية الأميركية (CEH)، أن أكثر من 100 علامة تجارية من الجوارب تحتوي على مستويات من مادة بيسفينول أ (BPA)، تتجاوز الحد الآمن في كاليفورنيا، بما في ذلك جوارب الأطفال. و"بيسفينول أ" هو مادة كيميائية تعطل النظام الهرموني ويمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية مثل تأخر البلوغ وزيادة خطر الإصابة بالسرطان. كما أنه في عام 2014 كشفت دراسة لمنظمة السلام الأخضر عن آثار مواد سامّة في منتجات الملابس للعديد من العلامات التجارية الفاخرة، مثل فيرساتشي ولوي فويتون ودولتشي آند غابانا، وخاصة تلك المصنوعة للأطفال.
اقرأ/ي أيضًا
كيف نتحقق من التقييمات المزيّفة للمنتجات والخدمات على الإنترنت؟
