` `

قال سعيد إنّها ليست كارثية: هل تلبي السدود التونسية حاجيات المواطنين من المياه؟

وحيدة قادر وحيدة قادر
أخبار
24 يوليو 2024
قال سعيد إنّها ليست كارثية: هل تلبي السدود التونسية حاجيات المواطنين من المياه؟
صورة جوية لسد سيدي سالم في تونس (Getty)

قال الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال زيارته إلى سدّي بوهرتمة وبربرة في محافظة جندوبة شمال غربي البلاد، يوم الاثنين 22 يوليو/تموز الجاري، إنّ نسبة تعبئة السدود "ليست بالكارثية عكس ما تروج له الأبواق المسعورة والمأجورة من الداخل ومن الخارج".

وأكد سعيّد، أنّه لم يأمر بقطع المياه، وأنّ لديه خارطة للمناطق التي تقطع فيها في البلاد، متهمًا أطرافًا داخل الإدارة بالوقوف وراء الأمر. كما قال الرئيس التونسي إنّ المياه موجودة لكن التونسي يشكو من العطش، مشيرًا إلى وجود أطراف تقوم بتخريب أنابيب توزيع المياه، وشبكة إجرامية وغرفة عمليات تستهدفها.

وعاين سعيد عددًا من السدود في محافظات جندوبة والقيروان والمنستير ومنطقة قرمبالية، يومي 22 و23 يوليو.

بيان الرئاسة التونسية حول زيارة سعيّد إلى سدي بوهرتمة وبربرة
بيان الرئاسة التونسية حول معاينة سعيّد لعدد من السدود في البلاد

كمية الماء في السدود غير كافية لتحقيق إيرادات مياه الشرب

قال المرصد التونسي للمياه إن وضعية السدود حرجة، على عكس تصريحات رئيس الجمهورية التي أفاد فيها بأن الوضعية السدود ليست "بالكارثية".

واعتبر المرصد في البيان الذي نشره، يوم 22 يوليو الجاري، بعنوان “تونس وأزمة العطش من المسؤول وهل من حلول؟”، أنّ خطاب السلطة هو سياسة للهروب إلى الأمام "بتبني نظرية المؤامرة واستعمال نموذج التهمة الكيدية وعدم الاعتراف بعجز السلطة السياسية في تدبير أزمة ندرة الموارد المائية ومجابهة التحولات المناخية".

كما دعا إلى تطبيق عدة إجراءات منها "الدعم الفوري للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بالإمكانيات المالية والتقنية والبشرية اللازمة لمواجهة أزمة انقطاع المياه"، واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تصدير المياه من طرف الشركات الفلاحية المستنزفة للموارد المائية.

وتواصل "مسبار" مع الخبيرة في المياه روضة قفراش، التي أفادت أن نسبة امتلاء السدود حتى يوم 22 يوليو 2024، بلغت 27.2 بالمئة. ووصفت قفراش هذه النسبة بالضعيفة واعتبرتها لا تلبي حاجيات التونسيين طيلة الأشهر الخمس المقبلة.

وفي ردها على تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد، أثناء زيارته لسد بوهرتمة في محافظة جندوبة شمال غربي البلاد، حول توفر المياه، أشارت الخبيرة إلى أن كمية المياه في السدود ضعيفة ولا يمكن استعمالها مرة واحدة لأن ذلك سيخلق أزمة كبيرة.

كما أكدت قفراش على ضرورة تقسيط كمية المياء الموجودة داخل السدود، باعتبار أن كميات الأمطار المسجلة طيلة الأشهر الفائتة قليلة ولا يمكن التعويل عليها لسد حاجيات التونسيين.

 وقالت قفراش لمسبار إن رئيس الدولة وبهذا التصريح أجج الوضع في عدد من المدن لأن "الماء الموجود في السدود يجب أن يبقى لحماية المنشئة المائية وإذا تم استعماله سنعيش المرحلة الأصعب وهي مرحلة العطش" وفق قولها.

وكان وزير الفلاحة قد أقر بتاريخ 15 يوليو الجاري، خلال جلسة عمل بين وزارة الفلاحة ووزارة الداخلية بأن مخزون المياه بالسدود يشهد تراجعًا، فضلًا عن ارتفاع كميات المياه المتبخرة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة مقابل تزايد الطلب على المياه.

خطة وزرة الفلاحة في تونس لحوكمة توزيع المياه
بيان وزارة الفلاحة التونسية حول حوكمة توزيع المياه ومقاومة الاعتداء على الملك العمومي للمياه

 ما هي السدود التي تزود الدولة بالماء الصالح للشرب؟

أفاد الخبير في التنمية والموارد المائية بالمرصد التونسي للمياه حسين الرحيلي لمسبار بأنه على المستوى الوطني يوجد 36 سدًا لا تزود جميعها الشركة التونسية لتوزيع واستغلال المياه بالماء الصالح للشرب.

وأفاد الرحيلي أنه من أهم السدود المخصصة لمياه الشرب في تونس سد "سيدي سالم" والذي لا تتجاوز نسبة امتلائه حاليًّا 27 في المئة، وسد "البراق"، الواقعين في محافظة باجة بالشمال التونسي وسد بربرة في محافظة جندوبة.

كما أوضح الخبير في المياه بأن 14 محافظة تونسية تتزود بمياه الشرب من السدود منها أربع محافظات بالشمال الغربي (سليانة ,الكاف ,باجة ,جندوبة)، إضافة إلى محافظة بنزرت (شمالي البلاد) وتونس الكبرى والتي تضم محافظة تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة ومحافظات ساحلية وهي سوسة والمنستير والمهدية، إضافة إلى نابل شمال شرقي البلاد وصفاقس (الجنوب التونسي) .

وأضاف حسين الرحيلي بأن هذه المحافظات تستهلك كميات كبيرة نظرًا للتعداد السكاني الكثيف فيها.

أسباب الانقطاع المتكرر للمياه

نفت الخبيرة في المياه روضة قفراش لمسبار وجود شبكات إجرام وتآمر تقف وراء الانقطاع المتكرر للماء الصالح للشرب، كما صرح رئيس الجمهورية أثناء زيارته إلى عدد من السدود شمال غربي البلاد.

وأضافت بأن اتهام رئيس الجمهورية أطرافًا داخل الإدارة بقطع الماء عن المواطنين، غير دقيق، لأن وزارة الفلاحة التي تقع تحت إشرافه هي من أمرت بتاريخ 29 مارس/آذار 2023 بالتحجير الوقتي لبعض استعمالات المياه في تونس نظرًا لتواتر سنوات الجفاف وضعف الإيرادات في السدود".

ومن جهتها، أفادت المسؤولة عن قسم العدالة البيئية في المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إيناس الأبيض، في تصريح لمسبار بأن العديد من المحافظات التونسية تشهد اليوم انقطاعًا متواصلًا للماء الصالح للشرب نظرًا لارتباطها بعديد الجمعيات التي تواجه العديد من الإشكاليات.

وأضافت بأن السلطة التونسية “تعتمد سياسة الهروب إلى الأمام دون الاعتراف بالوضعية المائية الحرجة التي تعيش على وقعها البلاد”. كما أوضحت الأبيض أن نسبة امتلاء السدود هي "نسبة ضئيلة" جدًا مقارنة بالسنة الفائتة ولا تغطي حاجيات التونسيين للأشهر المقبلة.

وتعتبر المسؤولة عن قسم العدالة البيئية أن سياسة الدولة في التعاطي مع الماء "غامضة" ولا توجد خطوط عريضة توضح أنها تتعامل بجدية مع الملف. ودعت الأبيض إلى ضرورة ترتيب الأولويات المائية حسب القانون ووضع أطر قانونية تعطي الأولوية لمياه الشرب ثم للفلاحة ثم الصناعة ثم السياحة.

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية
بيان وزارة الفلاحة حول اعتماد نظام الحصص في توزيع المياه/ مارس 2023

وكانت وزارة الفلاحة قد مددت العمل بقرار التحجير الوقتي لبعض استعمالات المياه بعد شهر سبتمبر/أيلول دون أن تحدد موعدًا زمنيًّا لإيقاف العمل به. 

ضرورة إعلان حالة الطوارئ المائية

تعيش تونس اليوم أزمة شح مائي حقيقية مرتبطة “بفشل الخيارات والسياسات الفلاحية وسياسات استهلاك الماء بشكل عام"، وفق الرحيلي، الذي أشار أنّه في ظل تراجع كميات الأمطار و نسبة امتلاء السدود، يجد الفلاحون الذين يعتمدون على المناطق السقوية أنفسهم مضطرين لحفر الآبار، التي يمكن أن تتم دون ترخيص.

ودعا في حديثه مع مسبار إلى ضرورة إعلان حالة الطوارئ المائية وما يترتب عنها من دعم وتعويض للفلاحين.

كما أكدت ممثلة قسم العدالة البيئية بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بية الحرباوي، خلال مداخلتها في برنامج إذاعي على إذاعة إكسبرس المحلية، يوم 18 يوليو الجاري، أن الاحتجاجات من أجل الحق في الماء مثلت 64 في المئة من مجموع التحركات البيئية.

وأشارت الحرباوي أن محافظة القيروان (الوسط التونسي) تصدرت قائمة المناطق التي شهدت أكبر عدد من التحركات الاحتجاجية.

وسجلت محافظة القيروان 23 احتجاجًا بينما وصل العدد إلى 20 تحركًا في محافظة نابل (شمالي البلاد) و15 في محافظة قفصة (جنوب غربي البلاد).

وذكرت ممثلة قسم العدالة البيئية أن محافظة القيروان تعاني أزمة عطش منذ سنة 2019 حيث كانت تتزود بالماء الصالح للشرب عن طريق جمعية مائية أغلقت بسبب الإفلاس منذ ست سنوات.

 يذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيّد، أقال في الثاني من يوليو 2024، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، أحمد صولة من مهامه بعد أقل من سنة من تعيينه.

وسبق أن أقال سعيّد، بتاريخ 20 يوليو 2023، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه مصباح الهلالي من مهامه بعد لقاء جمعه مباشرة بالرئيس حول الانقطاع المتكرر للماء.

اقرأ/ي أيضًا

هل تكرار انقطاع المياه في تونس مفتعل كما ذكر الرئيس قيس سعيّد؟

هل سيتمّ الرفع في الأجر الأدنى المضمون في تونس إلى 1200 دينار مطلع عام 2025؟

الأكثر قراءة