` `

في خطابه أمام الكونغرس: حقيقة ادعاءات نتنياهو حول المساعدات والمجاعة في غزة

إسلام عزيز إسلام عزيز
سياسة
25 يوليو 2024
في خطابه أمام الكونغرس: حقيقة ادعاءات نتنياهو حول المساعدات والمجاعة في غزة
كشفت منظمات دولية أن إسرائيل تشن حملة تجويع ممنهجة في غزة (Getty)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خطاب له أمام الكونغرس الأميركي، مساء أمس الأربعاء 24 يوليو/تمّوز، إنّ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية اتهم إسرائيل دون دليل بتجويع سكان غزة، قائلًا "هذا هراء وتلفيق"، وادّعى نتنياهو أن حركة حماس هي من تقوم بسرقة المساعدات، موضحًا أنّ "سكان غزة يعانون الجوع، لأن حماس تسرق المساعدات الغذائية".

ادعاءات نتنياهو حول المساعدات مضللة

تحقق "مسبار" من ادعاءات نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي فيما يخصّ تعطل وصول المساعدات إلى قطاع غزّة، وتبيّن أنها مضللة. إذ يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي التنصّل من مسؤولية الاحتلال بمنع وصول المساعدات منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزّة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. إضافة إلى ذلك، لم يقدّم نتنياهو أي دليل على أن حركة حماس تسرق المساعدات وتمنع وصولها إلى المواطنين في القطاع.

وعلى الرغم من المطالبات الدولية والحقوقية بتسهيل وصول المساعدات إلى قطاع غزّة، كانت القوات الإسرائيلية تمنع إيصال المساعدات إلى مناطق مختلفة في القطاع، في ظلّ استمرار الحرب الإسرائيلية، والقيود الصارمة التي تفرضها إسرائيل على دخول المساعدات، إضافة إلى إغلاق المعابر الحدودية.

إسرائيل تشن حملة تجويع ممنهجة في غزة

وفي التاسع من يوليو/تموز الجاري، اتهم خبراء حقوق الإنسان التابعون للأمم المتحدة، إسرائيل بتنفيذ "حملة تجويع مستهدفة"، أدت إلى مقتل أطفال في قطاع غزة. وقال 10 خبراء مستقلين من الأمم المتحدة في بيان إن "حملة التجويع المتعمدة والموجهة التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هي شكل من أشكال عنف الإبادة الجماعية وأدت إلى المجاعة في جميع أنحاء غزة".

إسرائيل تشن حملة تجويع مستهدفة في غزة

وحذّر مسؤولو الأمم المتحدة من أن قطاع غزة قد انزلق إلى حالة من الفوضى، الأمر الذي يعيق الجهود الرامية إلى تقديم المساعدات الإنسانية لملايين الفلسطينيين الذين يعانون من ضائقة يائسة. وقالت المنظمة في بيان لها إن مكتبها "قد وثق عمليات قتل غير مشروعة مزعومة للشرطة المحلية والعاملين في المجال الإنساني، وخنق الإمدادات التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة". 

وقال رئيس مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أجيث سونغاي، إن الفوضى تنتشر. وأوضح في مؤتمر صحفي في جنيف، إن الظروف تدهورت بشكل كبير هناك منذ مهمته الأخيرة إلى قطاع غزة قبل عدة أسابيع.

المجاعة في قطاع غزة

إسرائيل تعطل وصول المساعدات إلى غزة

وأفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، يوم 18 يوليو الجاري، أن العائلات في غزة فقدت كل شيء والأوضاع تتدهور يوميًا، وسط قلة الغذاء والخيام، ما يعرض حياة الضعفاء للخطر.

وأضافت أن موظفيها في القطاع "يواصلون توزيع المواد الغذائية وغيرها من الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها، مثل الخيام والأواني، ولكن هذا ليس كافيًا". مؤكدة أن "الأوضاع في غزة تتدهور يوميًا، ما يعرض حياة الضعفاء للخطر"، مشيرة إلى أن "هناك حاجة إلى مزيد من وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة".

وحذرت 13 منظمة غير حكومية من تعطل وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، إذ قالت منظمة "أطباء بلا حدود" في بيان نقلت فيه أجزاء من التقرير من أن "الأحداث الأخيرة تؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في حين تستمر المنظمات غير الحكومية في مواجهة العقبات التي يفرضها استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية البرية".

وأدانت المنظمات "العرقلة المنهجية للمساعدات من قبل إسرائيل وهجماتها على عمليات الإغاثة". 

الوضع الإنساني في غزة

وقالت المنظمة الدولية للاجئين في تقرير سابق، إن العدوان الإسرائيلي على غزة أدى إلى موت ومعاناة غير متناسبة بين المدنيين في غزة، كما أدى إلى توليد ظروف أشبه بالمجاعة مع عرقلة وتقويض الاستجابة الإنسانية.

وأكدت المنظمة أنه على الرغم من ادعاءات إسرائيل بتسهيل المساعدات الإنسانية، فإن الأبحاث والتحليلات التي أجرتها تظهر أن السلوك الإسرائيلي أعاق بشكل مستمر وبلا أساس عمليات المساعدة داخل غزة، كما أعاق عمليات الإغاثة المشروعة، وقاوم تنفيذ التدابير التي من شأنها أن تعزز بشكل حقيقي تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وأضاف التقرير أن "السياسات والسلوكيات الإسرائيلية تتسبب في أزمة إنسانية من صنع الإنسان". ووجدت المنظمة الدولية للاجئين أن هناك حرمانًا روتينيًا وتعسفيًا للسلع الإنسانية المشروعة من دخول غزة، وعملية تفتيش وموافقة إسرائيلية معقدة للغاية دون تعليمات واضحة أو متسقة.

وكشف التقرير أن الرفض المتكرر للحركات الإنسانية داخل غزة، مؤشر واضح على أن إسرائيل فشلت في إنشاء منطقة فعالة لمنع التصادم الإنساني، وأن الهجمات المستمرة على البنية التحتية الإنسانية والصحية والغذاء والطاقة وغيرها من البنية التحتية الحيوية في غزة، أدت في الوقت نفسه إلى إضعاف جهود الإغاثة وتصاعد الاحتياجات.

لا دليل على منع حماس وصول المساعدات كما ادعى نتنياهو 

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في أكتوبر 2023، كرّرت الحكومة الإسرائيلية اتهام حركة حماس بسرقة وتحويل المساعدات بعد دخولها إلى غزة، وهو ادعاء سبق وأن نفته وكالات الإغاثة، كما لم تقدم إسرائيل أي دليل على ذلك. 

وفي فبراير/شباط الفائت، روجت إسرائيل لمقطع فيديو على أنه يوثق محاولة عناصر من حركة حماس سرقة المساعدات من المواطنين في غزة ونقله إلى مقر قيادة الحركة.

لكن تبيّن بالبحث أن من يظهرون في مقطع الفيديو هم مدنيّون من سكان القطاع، دفعهم الجوع ونقص الإمدادات الغذائية إلى اقتحام مخزن تابع للأونروا في مدينة خان يونس، جنوبيّ قطاع غزة، ومخازن أخرى وسط القطاع، للحصول على بعض المواد الغذائية.

إضافة إلى ذلك، لم يظهر في مقطع الفيديو عناصر من حركة حماس مدجّجين بالأسلحة، كما ادّعت الحسابات الإسرائيلية.

صورة متعلقة توضيحية

ونشر الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، في الشهر نفسه، مقطع فيديو ادّعى أنه لاعتداء "بالهراوات على المدنيين الذين ينتظرون المساعدات، وسد طريق الأشخاص الذين يحاولون الانتقال من منطقة القتال إلى الغرب، توثيق حياة السكان الخاضعين لسيطرة حماس في خان يونس".

وبعد التحقّق من مقطع الفيديو، وجد مسبار أنه التُقط في أواخر ديسمبر/كانون الأول الفائت، ولا يُظهر أي اعتداء أو ضرب مباشر، إنما استخدام للهراوات لإفساح المجال لشاحنات المساعدات للوصول إلى الساحة، والتي تحمل معدات طبية لمستشفى الأمل التابع للهلال الأحمر الفلسطيني في قلب مدينة خان يونس، الأمر الذي أكده لـ"مسبار" مواطن كان موجودًا في المستشفى عندما استخدم عناصر الأمن الهراوات لإخلاء الساحة من المتجمهرين.

دعاية إسرائيلية تروج لمنع حماس وصول المساعدات إلى النازحين في قطاع غزة

إسرائيل تعرقل وصول المساعدات من معبر رفح

أدّت سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مطلع مايو/أيّار الفائت، إلى إغلاق المعبر بشكل كامل، ما أدى إلى توقف عمليات نقل المساعدات، وفقًا لمنظمات إغاثية غير حكومية.

وكان معبر رفح نقطة دخول رئيسية للإغاثة الإنسانية وكذلك بعض الإمدادات التجارية من مصر، قبل أن تكثف إسرائيل هجومها العسكري على الجانب الفلسطيني من الحدود وتسيطر على المعبر. وأفادت تقارير دولية أن بعض الإمدادات الغذائية التي كانت تنتظر الدخول إلى قطاع غزة من مصر تعفنت مع بقاء معبر رفح الحدودي مغلقًا من جانب إسرائيل أمام توصيل المساعدات، في الوقت الذي يواجه فيه الناس داخل القطاع تدهورًا في الأوضاع الإنسانية.

وحذرت منظمات إغاثية في وقت سابق، من أن أكثر من مليون شخص في قطاع، أي ما يقرب من نصف سكان غزة، "من المتوقع أن يواجهوا الموت والمجاعة"، بسبب تداعيات الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة.

وتشير التقارير إلى أنه من المتوقع أن تؤدي الحرب إلى تفاقم مستويات الجوع الحاد الكارثية، مع حدوث مجاعة وموت بالفعل، إلى جانب عدد غير مسبوق من الضحايا والدمار والتهجير على نطاق واسع لمجموع سكان قطاع غزة.

استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة

جاءت تصريحات نتنياهو أمام الكونغرس، مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة يومها الـ293 على التوالي. وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 39,145 ضحية، إضافة إلى 90,257 إصابة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر 2023.

وأشارت تقارير إخبارية في الساعات الأخيرة، إلى احتمالية الاتفاق على صفقة مرتقبة من شأنها أن توقف الحرب في غزة، وذلك قبيل محادثات مرتقبة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

اقرأ/ي أيضًا

مواصلة استهداف المدنيين في الممرات والمناطق التي يزعم أنّها آمنة خلافًا للادعاءات الإسرائيلية

رغم النفي الرسمي: شهادات جنود إسرائيليين تؤكد استهداف المدنيين خلال الحرب على غزة

الأكثر قراءة