يتمتع ناشرو المعلومات المضللة بحُرِّية أكبر وقيود أقل، عند نشرهم للمعلومات المضللة أو الكاذبة. وتوّفر لهم منصات التواصل الاجتماعي إمكانية نشر ادعاءاتهم بسرعة وبأسلوب مثير ومبسط، مما يجعلها أكثر جاذبية وأسهل في الاستيعاب لدى شرائح واسعة من الجمهور.
الأمر الذي يضع منصات التحقق والمؤسسات المعنية بمكافحة المعلومات المضللة أمام تحديات، فمن جهة، تسعى مؤسسات التحقق التي تعمل بمهنية إلى تصحيح المعلومات الخاطئة بأكبر قدر ممكن من التبسيط والسرعة وبما يتناسب مع طبيعتها، لكنها تدرك في الوقت نفسه خطر التبسيط المفرط الذي قد يؤدي إلى قصور في فهم الجمهور للسياق الكامل للمعلومة وصحتها.
وتحرص العديد من هذه المؤسسات على الالتزام بمنهجيات تحقق دقيقة وإجراءات صارمة، لكن هذا الالتزام يفرض استخدام لغة وأسلوب معينين في تقديم التصحيحات، مما قد يجعل نقل المعلومات الصحيحة للجمهور أكثر تعقيدًا وأقل جاذبية لقطاعات واسعة منهم، ما لم يترافق مع أسلوب مناسب للتقديم.
نتيجة لذلك، قد يصبح تعامل الجمهور مع المعلومات المضللة أسهل من الناحية الذهنية والمعرفية مقارنة بالمحتوى المصحح، مما يستدعي من مؤسسات التحقق تبني أساليب جديدة لضمان فعالية جهود مكافحة المعلومات المضللة.
الرسالة الواضحة والبسيطة للمعلومة المضللة تدفع الناس لتقبلها
تشير دراسة نُشرت في مجلة علم النفس التجريبي (Journal of Experimental Psychology) إلى أن المعلومات، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، تكون أكثر تأثيرًا إذا قُدمت بشكل واضح وبسيط. وأوضح مؤلف الدراسة، ديفيد برونياتوفسكي، الأستاذ المشارك في جامعة جورج واشنطن، أن الناس يميلون إلى مشاركة المعلومات المضللة عندما تكون سهلة الفهم وتنقل رسالة واضحة.
استند برونياتوفسكي وفريقه البحثي في دراستهم إلى نظرية نفسية تُعرف بـ “نظرية الأثر الغامض” (Fuzzy-Trace Theory)، التي تفترض أن الأفراد يتخذون قراراتهم بناءً على المعاني البسيطة والواضحة، أو ما يُعرف بـ “الخلاصات”، بدلًا من الاعتماد على التفاصيل الدقيقة.
شريحة واسعة من الجمهور تحب العناوين البسيطة والجاذبة
أظهرت دراسة أخرى عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) أن أكثر من 90% من الأشخاص (عيّنة الدراسة) لا يقرأون سوى العناوين عند تصفح مواقع التواصل الاجتماعي. وضربت الدراسة مثالًا حول العناوين البسيطة والمضللة التي كانت تتعلق باللقاحات خلال جائحة كوفيد-19 والتي كانت ذات تأثير كبير على قرارات الناس تجاه قبولهم أو رفضهم التطعيم. بيّنت الدراسة أن العناوين البسيطة، كانت تنتشر بشكل واسع وتكون أكثر جذبًا وأسهل في الاستيعاب والمشاركة مقارنة بالمعلومات المفندة التي تم التحقق من زيفها، بسبب الدور الذي تلعبه العناوين في تبسيط المعلومة.
الدور الإيجابي لتبسيط التحقق من المعلومة
وجد برونياتوفسكي وفريقه البحثي أن الأسلوب البسيط يمكن أن يكون فعالًا في منع انتشار هذه المعلومات عند استخدامه لتصحيح أو تقديم المعلومات الصحيحة بشكل مختصر وواضح. ويشير منجزو البحث إلى أن هذه النتائج يمكن أن تساعد الجهات المختصة في التحقق في توفير ردود أكثر فعالية أكبر على المعلومات الخاطئة عبر الإنترنت.
فأحد مفاتيح الحلول، كما يوضح برونياتوفسكي، يكمن في تقديم رسالة واضحة وموجزة تتيح للجمهور فهم الجوهر الأساسي للمعلومات المقدمة. إلا أنه ينبغي أن تكون هذه الرسالة ذات معنى عميق وتقدم بجودة عالية، أي دون أن تكون مبسطة للغاية مثل قول “هذا خطأ” وهذا “صحيح”، بحيث تفتقر للسياق، أو تكون مفرطة في التفاصيل بحيث يضيع معها المعنى العام.
كيف يعمل مسبار على ضمان جودة المعلومات وتبسيط تقديمها؟
يراجع مسبار باستمرار التطورات التقنية ويحدث منهجية تحققه باستمرار. ذلك بالاستفادة من آخر الدراسات التي تقدم أبرز الحلول الفعالة لمكافحة المعلومات المضللة، بالشراكة مع جهات ومؤسسات متعددة.
تعتمد آلية مسبار في تفنيد الأخبار المضللة والكاذبة على مستويات متعددة تضمن أقصى درجات الالتزام بالدقة والنزاهة في التحقق، كما يدعم مسبار تفنيد الادعاءات المشكوك في صحتها بالأدلة والمصادر الموثوقة.
على مستوى تبسيط المعلومة يراعي مسبار تنوع جمهوره وخلفياته، ويقوم بتقديم خلاصة التحقيقات بشكل مبسط يضمن ألا يكون هذا التبسيط مخلًا أو يفتقر للتفاصيل أو الأدلة الضرورية. وفي سبيل تحقيق ذلك يستخدم مسبار الإخراج الفني للمواد المكتوبة خاصة التي تنطوي موضوعاتها على تعقيد، وتأخذ عملية الإخراج الفني أكثر من شكل وأسلوب.
يوفر مسبار في الواجهة الأولى تصحيحًا للخبر باستخدام تقنيات الصوت والصورة والنصوص الموجزة وتعرض كخلاصة. وذلك مع إرفاق رابط التحقيق الأصلي المكتوب لتمكين المهتمين والباحثين، من العودة للمادة المُّفصلة ومعرفة كيفية بناء التحقق والأدلة والاستنتاجات، وغيرها من الأمور المرتبطة بشكلٍ مفصل.
التوزيع الاستراتيجي للمحتوى المُّصَحَح
من خلال التوزيع المخطط له بعناية للمحتوى، يلتزم مسبار باستمرار بمحاولة الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور، مع مراعاة تفضيلاتهم واحتياجاتهم المختلفة على كل منصة. وتحقيق الدمج ما بين تبسيط نتيجة التحقق وعمق ودقة التحقيق.
إلى جانب الموقع الرسمي، يسعى مسبار إلى توسيع وتسهيل نطاق وصول جمهوره للمحتوى، عبر بث خلاصات وتفاصيل التحقيقات على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. بحيث يتم تكييف المواد وفقًا لطبيعتها وبحسب جمهور كل منصة، مما يضمن وصول المحتوى إلى الجمهور المستهدف بفعالية تخضع للمرونة.
على سبيل المثال، يُتيح مسبار للمستخدمين الرجوع إلى مقاطع الفيديو الطويلة والمفصلة على منصات مثل يوتيوب وفيسبوك، حيث يمكن للجمهور مشاهدة مواد مرئية طويلة لتحقيقات معمقة. في المقابل، ينشر مسبار أيضًا مقاطع فيديو على إنستغرام قد تكون بعضها قصيرة المدة، وذلك لتقديم محتوى موجز ودقيق يناسب تفضيلات المستخدمين.
كما تُوجه الصور والمحتويات البصرية للتحقيقات عبر قنوات مسبار على تلغرام وواتساب، ما يتيح للمستخدمين الوصول إليها بسهولة والاستفادة منها بشكل مباشر وسريع، وفقًا للأسلوب التقني المفضل وظروف المستخدم.
يوّفر مسبار تقنيات متعددة لتسهيل وصول المعلومة بدقة
في إطار سعيه لتسهيل عملية التحقق على القارئ وتخفيف العبء المعرفي الملقى عليه عند التعرض لتصحيح المعلومات، يوفر مسبار تقنيات متعددة تجعل عملية التحقق أكثر بساطة وفعالية ودقة في نفس الوقت. من بين هذه التقنيات، نافذة "ماسح التغريدات"، التي تعرض المنشورات المفندة على منصة إكس (تويتر سابقًا) بشكل منظم وواضح.
كما يقدم مسبار نافذة "مؤشر مسبار"، التي تحتوي على تصنيفات متنوعة للأخبار بحسب البلد، ونوع الادعاء، وغيرها من الفئات. الأمر الذي يساعد المستخدمين على التنقل بسهولة بين الأخبار المختلفة وتفحص مدى مصداقيتها تبعًا للاهتمامات أو البحث، إلى جانب ترتيب المواقع وفقًا لمؤشر الصدقية، مما يوفر للمتلقي أداة فعالة لمعرفة المصادر الأكثر موثوقية، وتجنب التعرض لغير الموثوقة منها.
كما يحرص مسبار على إبقاء قنوات تواصل فعّالة مع الجمهور، للرد على أي استفسارات تتعلق بالمعلومات المشكوك في صحتها أو لتوضيح أي غموض حول الادعاءات التي سبق وتحقق من صحتها.
اقرأ/ي أيضًا
دراسة: التفكير المسبق يمنح مستخدمين تبريرًا أخلاقيًّا لنشر المحتوى الزائف والمضلل
كيف تساهم الفجوات المعلوماتية على محركات البحث في انتشار المعلومات المضللة؟
