` `

دعوات لتطبيق التطعيم الرقمي ومبادرات لحماية الأطفال من التضليل مبكرًا

محمود حسن محمود حسن
أخبار
25 أغسطس 2024
دعوات لتطبيق التطعيم الرقمي ومبادرات لحماية الأطفال من التضليل مبكرًا
يرى تقرير حديث أن التطعيم الرقمي للأطفال إجراء حيوي لحمايتهم من التضليل

غالبًا ما يُنظر إلى مكافحة المعلومات المضللة على أنها قضية تخص البالغين، نظرًا لتعقيد المواضيع التي تتناولها وتوجه ناشري هذه المعلومات نحو استهداف الفئات الأكبر سنًا بشكل رئيسي. ومع ذلك، بدأت مؤخرًا تظهر توجهات جديدة نحو التركيز على الأطفال والشباب، حيث أصبح يُعترف بشكل متزايد بأهمية تحصينهم ضد المعلومات المضللة منذُ سن مبكرة.

وتتزايد الدعوات لاتخاذ خطوات استباقية لمكافحة المعلومات المضللة، من خلال عدة مبادرات كالحملات التثقيفية التي تركز على محو الأمية الإعلامية وتعزيز التفكير النقدي، وغيرها.

التطعيم الرقمي توّجه جديد لتحصين الأطفال في المملكة المتحدة

يهدف برنامج بريطاني جديد إلى تحصين الأطفال مبكرًا وتزويدهم بأدوات لمواجهة المعلومات المضللة. وفي تقرير صدر في أغسطس/آب الجاري، دعت جامعة شيفيلد البريطانية بالتعاون مع شركائها إلى التركيز على برنامج “التطعيم الرقمي” أو "Digital Vaccination" للأطفال كإجراء حيوي لمواجهة الانتشار الواسع للمعلومات الكاذبة والمضللة.

يقدم البرنامج خطة أولية تستند إلى الأدلة، لتطوير المهارات الرقمية لدى الأطفال والشباب، مما يتيح لهم التعامل مع المحتوى الرقمي بوعي نقدي ومسؤولية وإبداع.

كما يسلط البرنامج الضوء على التحديات التي تواجه  الأطفال في بيئة رقمية غير متكافئة، إذ يعاني العديد منهم من نقص في الوصول المنتظم إلى التكنولوجيا الأساسية والمهارات اللازمة للاستفادة المثلى من الأجهزة والمساحات الرقمية.

للمعلومات المضللة عواقب اقتصادية مستقبلية بحسب التقرير

يحذر مصممو خطة التطعيم الرقمي في تقريرهم من أن نقص المهارات الرقمية والمعرفة قد يعرض الأطفال لمخاطر أكبر، ومزيد من الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة وغيرها من الأضرار عبر الإنترنت. 

ويؤكد التقرير على أن الحكومات الجديدة يجب أن تضع تحسين فرص حياة الأطفال والشباب في صميم سياساتها، خاصة في ظل التطورات التكنولوجية السريعة والتأثير المتوقع للذكاء الاصطناعي على مستقبل العمل والاقتصاد.

ضرورة متزايدة لتطوير المناهج والتعليم الرقمي للأطفال

يشير التقرير إلى أهمية تطوير المناهج التعليمية لتواكب العصر الرقمي، حيث يتطلب ذلك تصميم أنشطة تعليمية تفاعلية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة. ولضمان فعالية المناهج الرقمية، يشدد التقرير على ضرورة التدريب المستمر للمعلمين، من خلال برامج متخصصة لتطوير مهاراتهم الرقمية، بما يتيح تقديم تعليم عالي الجودة ويدعم دمج التكنولوجيا في العملية التعليمية بشكل فعّال.

ويذكر أن المملكة المتحدة وضعت مؤخرًا خطة لإصلاح المناهج الدراسية وإدخال مواد متخصصة لاكتشاف الأخبار المضللة، وذلك عقب ما شهدته البلاد من أحداث عنف تسببت بها موجة من المعلومات الكاذبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 

الأوربيون في مبادرات لحماية القُصَّر من التضليل

تسعى السلطات الأوروبية بشكل نشط لحماية القاصرين من المعلومات المضللة في إطار تعزيز بيئة رقمية آمنة للجميع كما تقول. يشمل ذلك تطبيق مواد خاصة من قانون الخدمات الرقمية الذي يلزم المنصات بحماية الأطفال من المحتوى الضار، وتوفير أدوات تحكم للوالدين. 

كما تم مؤخرًا تعزيز مدونة السلوك الأوربية بشأن التضليل، التي أُطلقت في عام 2018، لتشمل التزامات جديدة تحمي القاصرين من التضليل الإعلامي.

تركز المفوضية الأوربية على التربية الإعلامية، من خلال دعم برامج تهدف إلى تنمية مهارات التفكير النقدي لدى القُصَّر، مما يساعدهم على التمييز بين المعلومات الصحيحة والمضللة. بالإضافة إلى ذلك، يدعم برنامج الإنترنت الآمن (Insafe) خلق بيئة رقمية أكثر أمانًا للأطفال، من خلال زيادة الوعي بمخاطر التضليل وتوفير أدوات وموارد للأطفال وذويهم للتعامل مع الإنترنت بأمان.

وفي إطار خطة العمل الأوروبية للديمقراطية، وضعت تدابير لحماية الفئات الضعيفة، بما في ذلك القاصرين، من آثار التضليل. إذ تعمل المفوضية الأوربية كما تقول بشكل وثيق مع المنصات الإلكترونية لضمان اتخاذ إجراءات فعالة لحماية القاصرين من المعلومات المضللة، مع متابعة مستمرة لفحص مدى فعالية هذه التدابير.

الولايات المتحدة تحاول اعتماد خطط لحماية الأطفال على غرار التشريعات الأوروبية

تعتمد الولايات المتحدة على مزيج من السياسات الذاتية التي تتبعها الشركات، وبرامج التوعية العامة، والمبادرات التشريعية لحماية القاصرين من التعرض للمحتوى المضلل. 

رغم عدم وجود قانون فيدرالي محدد يركز بشكل مباشر على حماية الأطفال من المعلومات المضللة، إلا أن هناك قوانين عامة تهدف إلى حمايتهم من المحتوى غير المناسب، مثل قانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت (COPPA)، الذي يفرض قيودًا على كيفية جمع المعلومات من الأطفال ويضع ضوابط لحماية خصوصيتهم، مما يقلل من تعرضهم للمحتوى المضلل.

كما أن هناك تشريعات مقترحة مثل قانون سلامة الأطفال على الإنترنت (KOSA)، والذي يهدف إلى تعزيز حماية القاصرين من المحتوى الضار والمضلل، من خلال إجبار المنصات على اتخاذ تدابير أكثر صرامة لحماية الأطفال من التعرض للمعلومات المضللة.

أما من ناحية المبادرات الخاصة تقول العديد من منصات التواصل الاجتماعي وشركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة، أنها تطور سياسات تهدف إلى الحد من انتشار المحتوى المضلل، خاصة بين المستخدمين القاصرين. 

ويعد يوتيوب الأطفال (YouTube Kids) مثالًا على ذلك، إذ يتم تصميم المحتوى ليكون آمنًا للأطفال ويخضع لمراجعة دقيقة لضمان خلوه من المعلومات المضللة والضارة.

صورة متعلقة توضيحية
نافذة مرقع يوتيوب الأطفال المقدم من شركة غوغل

الإجراءات العربية لحماية الأطفال من المعلومات المضللة

في العالم العربي، لا تزال الجهود لحماية القاصرين من المحتوى المضلل على الإنترنت في مراحلها الأولى مقارنة بمناطق أخرى، إذ تندرج معظم قوانين حماية الأطفال ضمن قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية، والرقابة على المحتوى من خلال أسلوب الحجب أو السماح، وتعزيز الأمن السيبراني.

 مع ذلك، بدأت بعض المبادرات والسياسات تأخذ حيز التنفيذ، وتشمل تشريعات وطنية ومبادرات حكومية وخاصة، بالإضافة إلى مبادرات من المجتمع المدني.

على سبيل المثال يهدف مشروع “مناهج الأمن السيبراني التعليمية” في دولة قطر إلى تعزيز الوعي الرقمي بين الأطفال واليافعين في ظل التحديات المتزايدة التي تفرضها التكنولوجيا الحديثة.

يهدف المشروع، الذي ترعاه الوكالة الوطنية للأمن السيبراني، إلى تزويد الجيل الجديد بالمعرفة والمهارات اللازمة للتعامل الآمن مع التكنولوجيا، وحمايتهم من المخاطر المرتبطة باستخدام الإنترنت، بما في ذلك التعرض للمحتوى المضلل. 

A group of people in different outfits

Description automatically generated
مناهج الأمن السيبراني التعليمية الموجهة للأطفال تقدمها الوكالة الوطنية للأمن السيبراني

في الإمارات العربية المتحدة تهدف مبادرة “سلامة الطفل على الإنترنت” التي أطلقتها هيئة تنظيم الاتصالات (TRA) إلى تعزيز الأمان الرقمي للأطفال وحمايتهم من المخاطر المرتبطة باستخدام الإنترنت. 

يركز البرنامج الإماراتي على توعية الأطفال، وأولياء الأمور، والمعلمين بمخاطر الإنترنت، بما في ذلك التعرض للمحتوى المضلل والضار. كما يحتوي المشروع مبادرات لتعليم الأطفال كيفية التحقق من مصادر المعلومات والتعامل بحذر مع الأخبار والمحتويات التي قد تكون غير صحيحة أو مضللة.

ولدعم جهود مكافحة التضليل في العالم العربي أطلقت شركة غوغل منصة “أبطال الإنترنت” والتي تهدف إلى تعليم الأطفال المهارات الأساسية للتصفح الآمن عبر الإنترنت، من خلال الألعاب التفاعلية، ويقول مصمموا المبادرة أنها تساعد الأطفال على فهم كيفية حماية معلوماتهم الشخصية والتمييز بين الأخبار الصحيحة والمضللة، والتصرف بمسؤولية في العالم الرقمي.

A screenshot of a computer

Description automatically generated
منصة أبطال الإنترنت للأطفال المقدمة من شركة غوغل

الأمم المتحدة مبادرات بالعربية لحماية الأطفال

ترى الأمم المتحدة أن المنصات الرقمية أصبحت من أبرز الوسائل لنقل المعلومات المضللة، وخطاب الكراهية، ونظريات المؤامرة، مما يؤثر سلبًا على الأطفال والشباب. 

لهذا السبب، تقول المنظمة أنها عبر مؤسساتها مثل اليونيسف تعمل على تطوير مبادرات باللغة العربية لحماية الأطفال من المعلومات الضارة على الإنترنت. وعلى سبيل المثال تهدف مبادرة للمنظمة بعنوان “حماية الطفل على الإنترنت” إلى خلق بيئة رقمية آمنة من خلال دعم الحكومات والصناعات والمعلمين في تعزيز الأمان الرقمي. 

كما تتضمن المبادرة توعية الأطفال بمخاطر الإنترنت، وتزويدهم بالأدوات اللازمة للتحقق من المعلومات، والتعامل بحذر مع المحتويات غير الموثوقة.

A screenshot of a computer

Description automatically generated
توفر الأمم المتحدة على مواقعها الرسمية نوافذ عديدة تحتوي معلومات لحماية الأطفال من المحتوى الضّار على الانترنت

اقرأ/ي أيضًا

أبرز التوصيات لمواجهة المعلومات المضللة في دليل مؤسسة كارنيغي الجديد

بعد تسببها في أحداث عنف: كيف يتم التصدي لموجة المعلومات المضللة التي تجتاح العالم حديثًا؟

الأكثر قراءة