` `

تقارير تفيد بتزايد المعلومات المضللة حول المهاجرين عقب عملية الطعن في زولينغن الألمانية

فريق تحرير مسبار فريق تحرير مسبار
أخبار
2 سبتمبر 2024
تقارير تفيد بتزايد المعلومات المضللة حول المهاجرين عقب عملية الطعن في زولينغن الألمانية
استغلت جهات عديدة حادثة الطعن الأخيرة في ألمانيا ونشرت معلومات مضللة

في 23 أغسطس/آب الفائت، وقع هجوم بسكين خلال احتفالية أقيمت في ساحة "فروينهوف" في مدينة زولينغن الألمانية، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص. بعد الهجوم، فرّ المشتبه به من موقع الحادث، ليسلم نفسه لاحقًا للشرطة. وكشفت التحقيقات أن المهاجم سوري الجنسية، يبلغ من العمر 26 عامًا، وقد وصل إلى ألمانيا في عام 2022 وتقدم بطلب لجوء.

في أعقاب الحادثة، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تبنيه للهجوم في بيان نشرته وسائل إعلام تابعة له، مما أثار ردود فعل سلبية واسعة على المستويين الشعبي والسياسي في ألمانيا. وقد زادت وطأة هذه الردود مع تبني التنظيم الإرهابي للحادثة، وكون المنفذ كان طالب لجوء سوريّ الجنسية.

استغلت أحزاب اليمين المتطرف والجماعات المناهضة للهجرة هذه المأساة، لتوجيه انتقادات لاذعة إلى الحكومة الألمانية، متهمة إياها بالتقصير في التعامل مع قضايا الهجرة واللجوء. وعمدت هذه الأطراف إلى تعزيز سرديتها القائلة بأن وجود اللاجئين يرتبط بزيادة معدلات الجريمة في البلاد.

وفي ظل هذه الحوادث والتصعيد المرتبط بها، أشارت تقارير حديثة أن الساحة الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي شهدت تدفقًا كبيرًا للمعلومات المضللة والكاذبة، مما زاد من تعقيد المشهد وعمّق من التوترات الاجتماعية والسياسية في ألمانيا. يراجع في هذا التقرير مسبار موجة المعلومات المضللة وآثارها عقب حوادث الطعن الأخيرة في ألمانيا.

تقارير ألمانية: اليمين المتطرف استغل الحادثة وروّج لمعلومات مضللة

عقب الحادثة لوحظ تدفق كبير للمعلومات المضللة كانت قد نشرتها وسائل إعلام وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي. في 29 أغسطس، كشف تحقيق أجرته شبكة “دي دبليو” الألمانية عن حملة منسقة قادتها شخصيات يمينية متطرفة، استغلت حوادث الطعن الأخيرة في ألمانيا لنشر نظريات المؤامرة والتحريض على الكراهية. 

وأوضح التحقيق أن هذه الحملة تعكس تصاعدًا ملحوظًا في كراهية الإسلام في أوروبا، والتي تغذيها معلومات كاذبة واستغلال متعمد لحوادث مشابهة في دول أوروبية أخرى، على نحو مشابه لما حصل في حادثة الطعن الجماعي في حفل للأطفال بمدينة ساوثبورت البريطانية. 

ففي 18 أغسطس الفائت، قتل فتى يبلغ من العمر 11 عامًا في توليدو الإسبانية بعد تعرضه لهجوم من شخص مقنع، مما أثار صدمة كبيرة في البلاد وبدأت الشرطة حينها تحقيقات مكثفة، شملت استنفار دوريات ودعمًا جويًا وسط سرية تامة نظرًا لحساسية القضية. هذه الحادثة، كما في ألمانيا، استُغلّت لتعميق التوترات الاجتماعية ونشر الكراهية، كما أشارت تقارير. 

ورغم أن التصريحات الرسمية أكدت أن الجاني هو شاب إسباني يبلغ من العمر 20 عامًا. أسهمت منشورات عديدة في توجيه أصابع الاتهام لأشخاص مهاجرين، كتلك التي صدرت من حساب “غزو أوروبا” المعروف بمشاركة محتويات مضللة تصور المهاجرين المسلمين كتهديد كبير في أوروبا.

الحساب الذي قاد عقب الحادثة كما حادثة الطعن في ألمانيا حملة من التضليل، حيث زعمت التعليقات تحت منشور اتهمت فيه صفحة “غزو أوروبا” المنفذ بأنه مهاجر، أن مسلمًا هو المسؤول عن الهجوم.

صورة متعلقة توضيحية
حساب "غزو أوروبا" ينشر تغريدة مضللة يزعم فيها أن قاتل الفتى هو مهاجر رغم أنه شاب إسباني

حملات التضليل تدفع لأعمال عنف متزايدة

تشير التحقيقات أنّ حسابات عديدة قادت حملة منظمة ذات زخم عالٍ لنشر معلومات مضللة مرتبطة بكراهية الإسلام. وتظهر البيانات الرسمية أن المعلومات المضللة كانت محركًا للجرائم المعادية للإسلام في ألمانيا التي تضاعفت في عام 2023، إذ تم تسجيل 1,464 جريمة معادية للمسلمين على مستوى البلاد، مقارنة بـ 610 جرائم في عام 2022. تعود هذه الزيادة الحادة بشكل رئيسي إلى التوترات التي رافقت الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة.

 واحدة من بين كل عشر حوادث تضمنت عنفًا

تُظهر البيانات الرسمية أن جرائم الإسلاموفوبيا في ألمانيا زادت بأكثر من الضعف في عام 2023، وفقًا للتحالف الألماني ضد الإسلاموفوبيا والتمييز ضد المسلمين (CLAIM). 

وبالمثل، سجلت منظمة “تيل ماما” (Tell Mama)، وهي منظمة تسجل وتقيس الحوادث المعادية للمسلمين في المملكة المتحدة، زيادة قدرها سبعة أضعاف في الحالات المعادية للمسلمين بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 والسابع من فبراير/شباط 2024، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. كما أبلغت النمسا ودول أوروبية أخرى عن اتجاهات مماثلة.

مقاطع فيديو ضللت الجمهور وأُعيد تداولها بعد حادثة الطعن في ألمانيا

بعد الهجوم الذي وقع في سولنغن الألمانية، انتشرت مقاطع فيديو مضللة بشكل واسع، وعلى سبيل المثال فنّدت دي دبليو مقطع فيديو مضلل كان يظهر مجموعة من الرجال أمام كنيسة القديس لورينز في نورنبيرغ الألمانية، وهم يرفعون أعلامًا سوداء تحمل نصوصًا بالعربية.

وتداول مستخدمون مقطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي وعلى عدة مواقع بلغات مختلفة، بما في ذلك الفرنسية والألمانية والإنجليزية والإسبانية، وزعموا أن الأعلام تعود لتنظيم داعش.

وكان من بين الذين روجوا لهذا الادعاء الزائف بحسب دي دبليو النائب من حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD) مارتن سيشيرت، الذي زعم أن “من يعتقد أن حادثة سولنغن حالة معزولة فهو مخطئ. المسلمون الراديكاليون في ازدياد في جميع أنحاء ألمانيا. إليكم مقطع فيديو قصير لمسيرة دولة إسلامية في نورمبرغ بعد ساعات قليلة من سولنغن”.

لكن الحقيقة هي أن المقطع كان يعود لمسيرة الأربعين التي نظمتها الطائفة الشيعية في نورمبرغ، وتشير الأعلام السوداء التي حملها منظمو المسيرة لدلالات دينية وتاريخية عميقة عند الطائفة الشيعية. إذ ترمز هذه الأعلام بشكل عام إلى الحزن والحداد، خصوصًا على مصاب الإمام الحسين بن علي، حفيد النبي محمد.

صورة متعلقة توضيحية
بعد ثلاثة أيام من حادثة الطعن في ألمانيا كشفت دي دبليو عن مقاطع فيديو مضللة تداولها سياسيون وناشطون (إكس)

زخم متزايد لنظريات المؤامرة حول المهاجرين والمسلمين في ألمانيا

تشير تقارير عديدة أن نظريات المؤامرة ضد المسلمين والمهاجرين في تصاعد في ألمانيا، خاصة مع تزايد استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي لتوليد صور مضللة تدعم هذه مزاعم الكراهية، وتصوّر المسلمين كخطر وجودي على أوربا.

ورصد تزايد لمنشورات تداولت موضوعات حول نظرية “الاستبدال العظيم” (The Great Replacement)، وهي نظرية تزعم أن هناك مؤامرة ديمغرافية تهدف إلى استبدال السكان الأصليين الأوروبيين بالمهاجرين، خصوصًا المسلمين. يتم الترويج لهذه النظرية على أنها جزء من مخطط أكبر لتدمير الثقافة والهوية الأوروبية.

وفي منشور حصد ملايين المشاهدات نشرت الناشطة الهولندية إيفا فلاردينجيربروك منشورًا زعمت فيه إن "الاستبدال العظيم" حقيقي، فالسكان البيض الأصليون في أوروبا أصبحوا بالفعل أقلية في العديد من مدنها الكبرى.

A person speaking into a microphone

Description automatically generated
ناشطة هولندية تزعم أن نظرية المؤامرة حول استبدال سكان أوربا حقيقة (إكس)

فيما كشف تحقيق مسبار في 16 أغسطس/آب الفائت عن صورة مضللة مولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي يتكرر تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وتداولها مستخدمون مؤخرًا بعد حادثة الطعن في ألمانيا، تظهر الصورة ضباط شرطة بريطانيين يركعون أمام مجموعة من الرجال بالعباءات، والذين زُعِمَ أنهم مسلمون.

على الرغم من أن الصورة كانت مزيفة بوضوح، بملاحظة العلامات التي يتركها الذكاء الاصطناعي والتشويهات الواضحة مثل ملامح الوجه والتناظر غير الطبيعي، فقد استخدمت للترويج لرواية كاذبة بأن الشرطة في المملكة المتحدة تخضع للمجتمع المسلم. 

A group of men in a circle

Description automatically generated
كشف تحقيق مسبار في أغسطس الفائت عن صورة مفبركة بالذكاء الاصطناعي تزعم ركوع الشرطة لمسلمين

سوء فهم وتضليل عند نقل خطوات الحكومة الألمانية عقب الهجوم 

تحركت الحكومة الألمانية بسرعة عقب حادثة الطعن الأخيرة لتقديم حزمة من التدخلات المبكرة، مع التركيز على مراجعة سياسات اللجوء. تسببت هذه التدابير في انتشار واسع للمعلومات التي كان بعضها مضللًا وأدى إلى سوء فهم لدى الكثيرين.

وعلى سبيل المثال أعلنت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، عن مجموعة مقترحة من التدابير الأمنية المشددة وإجراءات تتعلق بسياسات اللجوء في أعقاب حادثة الطعن. ورغم أن الحكومة أعربت عن نيتها زيادة القيود على طلبات اللجوء، فإنها لم تصدر قانونًا يمنع استقبال طالبي اللجوء على أراضيها، كما تداول بعض المستخدمين.

صورة متعلقة توضيحية
تداولت حسابات عديدة أنباء كاذبة حول ايقاف اللجوء في ألمانيا

في الواقع، تضمنت الحزمة التي أعلنتها الحكومة سحب إقامة اللاجئين الذين يسافرون إلى بلدانهم الأصلية لقضاء إجازة دون سبب قاهر مثل حالات الوفاة، وتسريع عمليات ترحيل المهاجرين الذين رُفضت طلبات لجوئهم أو الذين يُعتبرون تهديدًا أمنيًا. 

كما تشمل الإجراءات تقليص المساعدات المقدمة للمهاجرين الذين لديهم بصمة لجوء في دول أخرى، واستمر تدفق المعلومات المضللة بالرغم من عدم وجود تغييرات جوهرية سُنّت حديثًا فيما بتعلق بالمّس بحق اللجوء الأساسي للأشخاص اللذين يستحقونه في ألمانيا.

اقرأ/ي أيضًا

كيف ساهمت الأخبار المضللة بصعود خطاب الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا؟

ادعاءات مضللة استهدفت المهاجرين العرب والمسلمين خلال الانتخابات التشريعية الفرنسية

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة