كشفت وثائق مسربة مؤخرًا أن المملكة المتحدة متورطة في دعم قوات الاحتلال الإسرائيلي في عمليات الحرب النفسية، وفقًا لموقع دي كلاسيفايد يوكيه. وتسلط التسريبات الضوء أيضًا على دور بريطانيا في مساعدة الجيش الإسرائيلي على تعزيز قدرته في مواجهة إيران وحزب الله، وكذلك إجراء رحلات تجسسية فوق غزة.
بريطانيا متواطئة في الحرب النفسية الإسرائيلية على غزة
في تقرير حصري، كشفت صحيفة دي كلاسيفايد يوكيه أن المملكة المتحدة تدعم قوات الاحتلال الإسرائيلي في عمليات الحرب النفسية، وقد جاءت هذه المعلومات من خلال هجمات سيبرانية نفذتها مجموعة تعرف باسم "مجهولون من أجل العدالة".
جاء في تقرير الصحيفة أن اللواء 77 في الجيش البريطاني، المعروف بخبرته في الحرب النفسية، شارك في مناقشات حول استراتيجيات وتكتيكات لتنفيذها من قبل الجيش الإسرائيلي.
وتشمل أنشطة اللواء 77 الهجمات الإلكترونية والدعاية الإعلامية وعمليات أخرى مختلفة خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي. وغالبًا ما تتم هذه العمليات عبر البيانات الرسمية للحكومة الإسرائيلية والإعلانات العسكرية، وخطابات المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي.
وبحسب ما ورد في التقرير، أجرى اللواء 77 والجيش الإسرائيلي لقائين على الأقل في مقر اللواء في ثكنات هيرميتاج، في إنجلترا. وعُقدت هذه الاجتماعات بين عامي 2018 و2019، أي قبل بدء الحرب الجارية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
تبادل معلومات رفيع المستوى بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والجيش البريطاني
رفضت السلطات البريطانية الاستجابة لطلبات وحدة حرية المعلومات حول هذه الوثائق، أو الاستفسارات البرلمانية المتعلقة بدعم وزارة الخارجية لإسرائيل. ويأتي ذلك وسط دعوات لمحاكمة المسؤولين الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ومحاكمة النظام في محكمة العدل الدولية.
في السياق، قال البروفيسور البريطاني بول روجرز، وهو زميل فخري في كلية قيادة القوات المشتركة والأركان، حول هذه الوثائق “هذا كشف مهم للغاية يُظهر مدى الروابط رفيعة المستوى بين وحدة مكافحة التمرد والحرب النفسية الإسرائيلية والبريطانية”.
من جانبه، صرح المتحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية أن القوات البريطانية "تجري اشتباكات دفاعية غير عملياتية على مستوى الأركان مع الشركاء في جميع أنحاء العالم". ومع ذلك، رفضت الوزارة تأكيد ما إذا كانت عمليات الحرب النفسية مع الجيش الإسرائيلي ما تزال مستمرة.
وفي عام 2018، بدأ الضابط الإسرائيلي بنزي زيمرمان تبادل معلومات رفيع المستوى بين مديرية عمليات J3 التابعة للاحتلال الإسرائيلي وبين الجيش البريطاني، الهدف منها هو "تعريف فريق العمليات المعلوماتية J3 بإدارة وتخطيط وتنفيذ عمليات المعلومات من المستوى الاستراتيجي إلى المستوى التكتيكي"، وفقًا لما جاء التقرير.
وذكر التقرير أيضًا، أن رائدًا في الجيش البريطاني ساعد في تنظيم برنامج لمدة يومين للجيش الإسرائيلي، يهدف إلى التركيز على "تنمية القدرات في مجال عمليات المعلومات"، التي تحمل مستوى التصنيف "السري" عام 2018، عُقد في مقري وزارة الدفاع في وايتهول وثكنات هيرميتاج.
خطة عسكرية بريطانية لتعزيز القوات الإسرائيلية ضد إيران وحزب الله
في التاسع من أكتوبر الجاري، كشفت دي كلاسيفايد يوكيه في تقريرين أنّ الجيش البريطاني ابتكر مشروعًا سريًا، يحمل الاسم الرمزي HEZU.K، يهدف إلى تعزيز قدرة إسرائيل على مواجهة إيران وحزب الله. وتظهر الوثائق المسربة أنّ هذه الخطة، التي بدأت بين عامي 2019 و2020، سعت إلى تعزيز التعاون الاستخباراتي والتعاون العسكري بين المملكة المتحدة وإسرائيل. وبحسب ما ورد، نظرت الجهود المشتركة في التقنيات المتقدمة مثل الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت وأنظمة الحرب المستقلة.
تشير الملفات المسربة إلى أن مشروع HEZUK ساهم في تبادل المعلومات وتطوير القدرات الدفاعية والتعاون مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. من جانبها رفضت وزارة الدفاع البريطانية توضيح ما إذا كان المشروع ما زال نشطًا.
المملكة المتحدة ترسل رحلات تجسس فوق غزة
في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، سلطت صحيفة دي كلاسيفايد يوكيه الضوء على جوانب متعددة ساعدت فيها المملكة المتحدة في الأعمال العسكرية الإسرائيلية في كل من قطاع غزة واليمن.
جاء في التقرير أنه منذ تولي كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني المحافط، منصبه في الخامس من يوليو/تموز الفائت، أمرت حكومته بمئة رحلة تجسس فوق غزة لمساعدة المخابرات الإسرائيلية. وتستمر رحلات التجسس، إذ سُجّلت 42 رحلة في أغسطس/آب الفائت وحده، انطلقت من قاعدة أكروتيري الجوية البريطانية في قبرص.
وفي اليمن، نفذت إسرائيل غارتين جويتين على مدينة الحديدة الساحلية هذا العام، ما أسفر عن سقوط ما يصل إلى 155 ضحية وخسائر بأكثر من 20 مليون دولار من الأضرار للبنية التحتية الحيوية. وتشارك الشركات المصنعة البريطانية في إنتاج طائرات إف-35 المقاتلة الإسرائيلية، والتي استُخدمت في تنفيذ هذه الهجمات. ومع ذلك، لم توقف حكومة المملكة المتحدة تصدير مكونات إف-35 إلى سلاح الجو الإسرائيلي، على الرغم من المخاوف المعلنة بشأن استخدام هذه الأسلحة في الصراع.
وفي الثامن مايو/أيار 2024، ذكرت دي كلاسيفايد يوكيه أن سلاح الجو الملكي البريطاني أجرى 200 رحلة مراقبة فوق غزة منذ الثالث منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، دعمًا لإسرائيل. وعلى الرغم من رفض المملكة المتحدة الكشف عن تفاصيل هذه العمليات، إلا أن موقع دي كلاسيفايد يوكيه أنشأ من البيانات المسربة جدولًا زمنيًا، يكشف أن الرحلات الجوية حدثت بمعدل أكثر من رحلة واحدة يوميًا. وسجل شهر مارس/آذار الفائت أعلى نشاط، إذ بلغ عدد المهام 44 مهمة.
بريطانيا تعلق بعض مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل
في الثالث من سبتمبر/أيلول الفائت، أعلنت المملكة المتحدة أنها ستعلق مبيعات أسلحة معينة إلى إسرائيل، مشيرة إلى "خطر واضح" يتمثل في إمكانية استخدام المعدات لارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي.
وصرح وزير الخارجية ديفيد لامي أن المملكة المتحدة ستوقف 30 من أصل 350 ترخيصًا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل، والتي تشمل أجزاء للطائرات المقاتلة والمروحيات والطائرات بدون طيار. وأكد لامي أن المملكة المتحدة تواصل دعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، موضحًا أن هذا الإجراء لا يشكل حظرًا على الأسلحة. أعرب وزير إسرائيلي عن خيبة أمله من القرار، مدعيًا أنه أرسل "رسالة خاطئة"، في حين انتقدت منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة تعليق بيع الأسلحة لإسرائيل ووصفته بأنه "محدود للغاية".
اقرأ/ي أيضًا
ما حقيقة المشاهد التي نشرها أدرعي على أنها لأدوات قتالية تابعة لحزب الله؟
عام على الحرب: مزاعم إسرائيلية ما تزال تروّج لها رغم تفنيدها