نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الفائت، انطلق موسم جني الزيتون في تونس وسط توقعات رسمية ببلوغ إنتاج البلاد من زيت الزيتون نحو 340 ألف طن أي بزيادة مقدارها 55% مقارنة بالموسم الفائت.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الفائت، وبعد تسجيل تقدم لافت في موسم الجني، أعلن الرئيس المدير العام لديوان الزيت حامد الدالي، أن أسعار زيت الزيتون في تونس انخفضت من 18 دينارًا (5,71 دولارًا) إلى 14 دينارًا (4,44 دولارًا) للتر الواحد، بعد أن كان يُباع اللتر الواحد بنحو 25 دينارًا (7,93 دولارًا).
وأثار هذا التراجع المفاجئ والذي أرجعه ديوان الزيت إلى تأثير العرض والطلب على الأسواق العالمية، حالة من الارتباك في صفوف الفلاحين نتج عنها انتشار أخبار زائفة ومضللة بدأت مع بدء موسم جني الزيتون، نعرضها لكم في هذا المقال.
أخبار مضللة حول أسعار الزيت في تونس
انتشرت، حديثًا، أخبار مضللة حول توقعات بارتفاع أسعار بيع زيت الزيتون للعموم، حيث نشرت حسابات عبر موقع التواصل الاجتماعي خبرًا مفاده أنّ اللجنة الاستشارية للمجلس الدولي للزيتون التي اجتمعت في العاصمة الإسبانية مدريد نهاية شهر نوفمبر الفائت، توقعت أن يبلغ سعر بيع زيت الزيتون في تونس بحلول سنة 2025 أكثر من 30 دينارًا ( 9,51 دولارًا).
تحقق “مسبار” من الادعاء ووجد أنّه مضلل، إذ إنّ المقال الذي يعرض متوسط سعر زيت الزيتون المقدر لسنة 2024/2025، قديم، نشر بتاريخ 16 سبتمبر/أيلول 2024 في موقع "l'OliVO NEWS"، أي قبل نحو شهرين من اجتماع اللجنة الاستشارية للمجلس الدولي للزيتون.
كما بحث "مسبار" في الموقع الرسمي للمجلس الدولي للزيتون ووجد أن البلاغات المنشورة عقب انتهاء اجتماع اللجنة الاستشارية للمجلس الدولي للزيتون لم تتطرق لأسعار زيت الزيتون في الدول المنتجة له.
وذكر البيان الصادر عن المجلس، أن المشاركين ناقشوا عدة نقاط لتحسين إنتاج زيت الزيتون والحفاظ على أشجار الزيتون من آثار التغيرات المناخية والتوعية بأهمية تحسين استهلاك الزيت، إلى جانب الدعوة لاستكشاف طرق جديدة لحماية بساتين الزيتون وتحسين الإنتاج، ومناقشة ديناميكيات السوق ومعالجة الحواجز التجارية والتحديات التي يمكن أن تعيق النمو.
وفي السياق، تواصل مسبار مع المختص في السياسات الفلاحية فوزي الزياني، الذي أكد أنّ اللجنة الاستشارية للمجلس الدولي للزيتون تجتمع سنويًا في العاصمة الإسبانية مدريد للتباحث في ابتكار طرق جديدة للإنتاج والحفاظ على جودة الزيت.
وأكد أن دور اللجنة استشاري وأنها لا تمتلك أي سلطة تسمح لها بتحديد أسعار بيع زيت الزيتون، وأنّ أسعار زيت الزيتون يحددها العرض والطلب في الأسواق العالمية.
هل خسرت تونس أسواقًا لتصدير الزيت في أكثر من 50 دولة؟
مع تواصل تراجع أسعار زيت الزيتون في تونس، أرجع مستخدمون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذا الأمر إلى توقف تونس عن تصدير زيت الزيتون بعد خسارتها أسواقًا في أكثر من 50 دولة.
بالتحقق من الادعاء المتداول تبين أنه زائف، إذ لم يعثر مسبار على أيّ تقرير رسمي أو تصريحات تُفيد بخسارة تونس أسواقًا لتصدير الزيت في أكثر من 50 دولة، مع العلم أنّ أسعار الزيت تراجعت في أغلب الدول المعروفة بإنتاج الزيتون مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان وتركيا، إضافة إلى تأكيد ديوان الزيت التونسي على أنّ الأسعار مرتبطة بالعرض والطلب في الأسواق العالمية.
وصدرت تونس حتى شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024، نحو 195 ألف طن من زيت الزيتون بقيمة مالية تُصدر بـ5161 مليون دينار، بزيادة مقدارها 50.8%، وفق بيانات رسمية نشرها المرصد التونسي للفلاحة (مؤسسة حكومية).
ووفق ذات المصدر، فإنّ إسبانيا تعدّ الوجهة الرئيسية الأولى لزيت الزيتون التونسي خلال موسم 2023/2024 بنسبة مقدارها 29.5% تليها إيطاليا والولايات المتحدة بنسبة 27.4% و24.1% على التوالي.
وفي سنة 2023، كشف المرصد ذاته عن تسجيل زيادة في صادرات زيت الزيتون بنسبة 52% مقابل 42% سنة 2022.
وأكد الخبير في السياسات الفلاحية فوزي الزياني في حديثه مع مسبار، أنّ تونس مازالت تحافظ على الأسواق الرئيسية كوجهة لها لتصدير زيت الزيتون، بالإضافة إلى تعاقدها مع أسواق جديدة في السنوات الأخيرة على غرار الولايات المتحدة الأميركية واليابان وكندا.
وأشار الزياني إلى أنّ تونس تصدر زيت الزيتون إلى أكثر من 60 دولة منها الأسواق التقليدية الأوروبية على غرار فرنسا وإيطاليا وألمانيا، إضافة إلى تعزيز وجودها في أبرز أسواق الولايات المتحدة الأميركية.
وأشار إلى فوز زيت الزيتون التونسي ب26 ميدالية في أكبر مسابقة لجودة زيت الزيتون في العالم.
وأوضح الزياني، أنّ قطاع زيت الزيتون يعدّ مصدرًا هامًا للعملة الصعبة في تونس التي تواجه تحديات اقتصادية لافتة.
تداول معلومات مضللة حول المركب الفلاحي "هنشير الشعال"
منذ بداية شهر نوفمبر الفائت، كان "هنشير الشعال" وهو مركب فلاحي (مساحة زراعية) مملوك للدولة التونسية، يقع في محافظة صفاقس، يحتوي على نحو 400 ألف شجرة زيتون، حديث وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية إيقافات واتهامات بالفساد طالت عددًا من المسؤولين عنه.
وعقب إيقاف مدير المركب عبد العزيز المخلوفي، تداول مستخدمون خبرًا مفاده أنه تم تكليف الجيش التونسي بإدارة هنشير الشعال.
تحقق مسبار، من الادعاء وتبين أنه زائف، إذ إنّه لم يصدر أي بلاغ رسميّ عن وزارة الدفاع التونسية أو رئاسة الجمهورية في تونس بتكليف الجيش بإدارة وتسيير المركب.
وتواصل مسبار برئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بصفاقس محمد شلاقو، الذي أكد أنّه لم يتمّ إلى الآن تعيين مدير جديد لإدارة المركب أو لتسييره بصفة مؤقتة.
وأضاف شلاقو، أنّ عمليات جني الزيتون في المركب متوقفة منذ شهر نوفمبر الفائت ولم يتم أيضًا صرف المستحقات المالية للعاملين بالمركب، مشيرًا إلى أنّ ديوان الأراضي الدولية سيقوم بتكليف مسؤول لتسيير الأعمال داخل المركب إلى حين انتهاء الأبحاث القضائية، وفقه.
تونس: إقرار إجراءات عاجلة تخص موسم الزيتون
أمام التراجع اللافت في أسعار بيع زيت الزيتون للعموم، طالب فلاحون في تونس بضرورة إيجاد حلول عاجلة لإنقاذ منتوج الزيتون، ولجأ بعضهم إلى تعليق عمليات الجني.
وبتاريخ الثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلنت وزارة الفلاحة التونسية، أنه تم السماح للمصدرين في القطاع الخاص بتصدير زيت الزيتون التونسي السائب (غير المعلب) ابتداءً من مطلع يناير/كانون الثاني 2025، طبقًا للشروط والصيغ المنصوص عليها بالأمر الرئاسي عدد 448 لسنة 2022.
وأكدت الوزارة، في بلاغ لها، أنه يتعين على هؤلاء المُصدرين المقيمين والمرسمين بقائمة المصدرين لزيت الزيتون والراغبين في تصدير زيت الزيتون السائب في إطار الحصة السنوية الممنوحة لتونس من قبل الاتحاد الأوروبي، لسنة 2025 الحصول خلال الفترة الممتدة من مطلع يناير وحتى 31 ديسمبر 2025، على ترخيص لهذا الغرض، يسلم من قبل وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
ويأتي هذا القرار بعد أيام من إعلان وزارة الفلاحة عن إقرار جملة من الإجراءات العاجلة لفائدة منتجي الزيت، والمتمثلة في برنامج تخزين زيت الزيتون لدى "الخواص" من فلاحين وأصحاب معاصر ومصدرين حسب الرغبة بما يمكن من تيسير نسق الجني والتحويل.
كما تمّ إقرار رفع منحة تخزين زيت الزيتون من 50 دينارًا (15,83 دولارًا) إلى 100 دينار (31,67 دولارًا) للطن لكل شهر، على فترة ثلاثة أشهر تُصرف في نهاية مدة التخزين، مع توفير منحة إضافية لفائدة الفلاحين بعشرة دنانير (3,17 دولارًا) لكل شهر على فترة ثلاثة أشهر تُصرف في نهاية مدة التخزين.
هذا، وأقرّ الديوان التونسي للزيت بدوره جملة من القرارات تتمثل أولًا في تدخله في السوق لشراء كميات من زيت الزيتون، ومواصلة العمل بالإجراء المتعلق بتمديد خلاص القروض الموسميّة بثلاثة أشهر للفلاحين وأصحاب المعاصر.
اقرأ/ي أيضًا
أبرز الادعاءات المضللة حول نقص البطاطا في الأسواق التونسية
ما خلفية تسجيل مرصد الفلاحة التونسي فائضًا في الميزان التجاري الغذائي؟
