بلجيكا لم تبدأ التصويت الإلكتروني في الثمانينيات كما صرّح سعيّد
الادعاء
رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد: في بلجيكا منذ سنوات الثمانين، الانتخاب الإلكتروني الآلي يتم عن طريق الأجهزة الإلكترونية.
الخبر المتداول
قال رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد، خلال لقائه وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي بن حمزة، اليوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني، إنّ البعض يقول إنّ الاستفتاء الإلكتروني أو الانتخاب الإلكتروني غير موجود، وفي بلجيكا منذ سنوات الثمانينيات بدأت استخدام الانتخاب الآلي عن طريق الأجهزة الإلكترونية.
فيما شكك بعض المستخدمين في التاريخ الذي ذكره رئيس الجمهورية، معتبرين أنّ التصويت عن بعد في بلجيكا غير ممكن قبل عام 2034، وفق دراسة بلجيكية.
تحقيق مسبار
تحقّق "مسبار" من تصريح الرئيس التونسي قيس سعيّد ووجد أنّه مضلّل، إذ لم تبدأ بلجيكا في الانتخاب الإلكتروني/الآلي في الثمانينيات من القرن العشرين، بل بدأت وزارة الداخلية البلجيكية منذ عام 1989، التفكير في إمكانية تعديل نظام التصويت التقليدي ليحل محله نظام تصويت آلي.
وأُدخلت آلات التصويت الإلكترونية خلال الانتخابات التشريعية والمحلية في نوفمبر 1991 في اثنين من الكانتونات الانتخابية البالغ عددها 208 في الدولة.
وسمح قانون 11 أبريل/نيسان 1994 الذي ينظم التصويت الآلي، والذي يسري على جميع أشكال الانتخابات، بالتمديد التدريجي للتصويت الإلكتروني، كما جعل من الممكن التوسع اللاحق للأنظمة الآلية لتشمل كانتونات انتخابية أخرى من خلال المراسيم الملكية البسيطة.
وفي الانتخابات التشريعية في يونيو/حزيران 1999، صوّت 44 في المئة من الناخبين باستخدام هذا الجهاز.
وفق التقارير البلجيكية، تم استخدام التصويت الإلكتروني من قبل 20 في المئة من الناخبين عام 1994 وبنسبة 44 في المئة عام 1999، مع تسجيل تباين واضح بالنسبة للمناطق، ففي بروكسل، جميع مراكز الاقتراع كانت مجهزة بآلات الاقتراع بنسبة 100 في المئة، فيما سجلت مدن أخرى نسبًا أقلّ مثل والونيا التي لم تتجاوز نسبتها 22 في المئة.
وكانت الأسباب المقدمة لتبرير تجربة نظام التصويت الآلي هي:
*السماح للسلطات العامة بتوفير المال، لا سيّما من خلال إلغاء التكاليف المرتبطة بشراء النشرات وتخزينها وطباعتها وكذلك عن طريق تقليل مقدار البدلات المخصصة للمقيمين.
*توصيل النتائج بسرعة أكبر وزيادة موثوقيتها.
*تقليل عدد المقيمين اللازمين لتنظيم ومراقبة العمليات الانتخابية.
كما انُتقد التصويت الإلكتروني، حينها، بسبب تكلفته المقدرة من قبل وزارة الداخلية بـ 4.5 يورو لكل بطاقة اقتراع ولكل ناخب، بدلًا من 1.5 يورو للتصويت بالطرق التقليدية، فضلًا عن صعوبة استخدامه، مما يؤدي إلى إطالة أمد الطوابير. وكانت موثوقيتها هي أيضًا محل جدل.
فخلال الانتخابات التشريعية في مايو 2003، في بلدية شيربيك، وهي بلدية في منطقة بروكسل الكبرى، حصل المرشح على أصوات أكثر مما كان من الممكن نظريًا الحصول عليها. وكشفت عملية إعادة الفرز اليدوي عن خطأ بلغ 4096 صوتًا.
ويعد قانون 7 فبراير/شباط 2014 من أحدث التطورات في المجال، ويتعلق بتنظيم التصويت الإلكتروني مع الإثبات الورقي، وذلك لتوفير ضمانات إضافية لعملية التصويت، مع الاحتفاظ بمزايا أنظمة التصويت الآلي القديمة.
ووفق المركز الدائم للمواطنة والمشاركة في بلجيكا، لايزال نظام التصويت الآلي يتطلب بعض التعديلات، لا سيّما من حيث التكلفة، الاستثمارات التي ستتم في بعض البلديات. لكن وفق تقديره لا يمكن إهمال مزاياه.
التصويت عبر الإنترنت مختلف عن التصويت الإلكتروني السابق.
كما اتضح لـ"مسبار" أنّ هناك خلطًا لدى بعض المستخدمين بين التصويت الإلكتروني الذي اعتمدته بلجيكا سابقًا والتصويت عبر الإنترنت التي تنوي اعتماده.
إذ هما عمليتان مختلفتان رغم أنّهما عن بعد، أما التصويت الأول فيتم عبر أجهزة الكمبيوتر الموضوعة في مراكز الاقتراع، ويُلزم فيها الناخب بالتنقل لاستخدامها، وتقوم هذه الحواسيب بتسجيل الأصوات وفرزها، عادة دون قلق بشأن تحديد هوية الناخب. ويسمى التصويت الإلكتروني أو التصويت الآلي، الذي ذكره الرئيس التونسي vote automatisé.
أما التصويت الثاني فيتم إجراؤه في بيئة غير خاضعة للرقابة، وفي حالة عدم وجود أي موظف انتخابي. ويستأنف عبر الإنترنت أو البريد.
وبالعودة إلى الدراسة التي تحدثت عنها المنشورات، وجد "مسبار" أنّها خلُصت فعلًا إلى استحالة الانتقال للتصويت عبر الإنترنت لانتخابات 2024 في بلجيكا للأسباب التالية:
*الضمانات الأمنية غير كافية.
*لا يمكن ضمان شفافية الإجراء وإمكانية التحقق منه.
*يصعب تقدير التكلفة بدقة ولكنها ستكون مرتفعة.
*يجب أن يكون المواطنون البلجيكيون على دراية بالتصويت المبكر وعن بعد.
*يجب تكييف الإطار التشريعي والتنظيمي للانتخابات من أجل جعله ممكنًا.
من ناحية أخرى، ذكرت الدراسة أنّه بحلول عام 2034، باعتبار توفير الحلول الموثوقة والفعالة من حيث التكلفة وشروط أخرى، يثمكن أن تبدأ السلطات العامة البلجيكية الاستعدادات لمثل هذا الانتقال إلى التصويت عبر الإنترنت.
يُشار إلى أنّ تصريح رئيس الجمهورية، يأتي على خلفية بعض الانتقادات الموجهة إلى مبادرته المتعلقة بإجراء استفتاء إلكتروني بخصوص الحوار مع الشعب التونسي في الداخل والخارج.
اقرأ/ي أيضًا:
بيان انتقائي للرئاسة التونسية حول مكالمة هاتفية بين سعيّد وميركل