أعلن أحد مستشاري الرئيس الأميركي السابق، أنّ دونالد ترامب سيعود مجدّدًا لمنصّات التواصل الاجتماعي في الأشهر المقبلة، لكن هذه المرّة عبر منصّته الخاصة، فقال "ستكون هناك فرصة للآخرين للتعبير عن رأيهم والتواصل بحريّة دون خوفٍ من الانتقام أو الإلغاء". وتأتي هذه الخطوة كردٍّ على إلغاء حساب ترامب في موقع تويتر بشكلٍ دائم، بعد أحداث اقتحام مبنى الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني من العام الجاري، بينما لا يزال قرار إلغاء حسابه في موقع فيسبوك قيد مراجعة مجلس الإشراف على المحتوى.
وما يميّز منصّة ترامب الخاصة، بحسب أقوال مستشاره، كوري ليفاندوفسكي، أنّها ستُبنى من الصفر، ممّا سيتيح المجال لترامب التحكّم بالمُحتوى. فما هي التحدّيات أمام مثل هذه المنصّة؟ وما هي مخاطرها؟
يُشير مختصّون إلى أنّه من الناحية التقنية، يمكن لترامب بناء منصّة تواصل اجتماعي جديدة في غضون أسابيعٍ قليلة، لكن صعوبة الأمر تكمن في الحفاظ عليها وإبقائها في الفضاء الرقمي، إذ تُعدّ التجارب السابقة لمنصّات التواصل الاجتماعي التي يستخدمها مناصرو ترامب غير موفّقة، ويُشار بذلك إلى منصّة بارلر، والّتي استخدمها ملايين المستخدمين اليمينيين الأميركيين منذ عام 2018، فقد اختفت من الفضاء الرقمي بعد أحداث الكابيتول بعد أن قاطعتها وحظرتها بعض الشركات التكنولوجية، كشركات أمازون وآبل وغوغل، ورفضت استضافتها بعد اتّهامها بالتقاعس والتساهل مع المحتوى العنيف الذي رافق تلك الأحداث، لتُعلن عن عودتها مجدّدًا في شهر فبراير/شباط الفائت عبر تكنولوجيا مستقلّة.
كما يُشير المختصّين إلى احتمال أن تصبح منصّة ترامب الخاصة، هدفًا لمعارضيه، فمن الممكن أن يسعوا لإغلاقها أو الاستيلاء عليها. أمّا على الصعيد الفني، يقول المحللون إنّه من المرجّح أن تنهار وتتعطّل في حال وجود إقبالٍ واسعٍ للمستخدمين عليها، إذا لم تستخدم البنية التحتيّة المناسبة التّي يوفرّها عمالقة التكنولوجيا "أمازون" أو "غوغل كلاود"، فتلك الشركتين قاطعتا "بارلر"، ممّا يجعل احتمالية استضافتهم لمنصّة ترامب ضئيلة جدًّا. إضافةً، إلى أنّ منصّة ترامب الجديدة تحتاج آليّة لحماية خصوصية المستخدمين، واتّباع القوانين المتعلّقة بذلك في الدول المختلفة، فإساءة استخدام بيانات مستخدمي المنصّة في دول الاتّحاد الأوربي على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي إلى دفع غرامة.
أمّا بالنسبة لحماية المنصّة من الاختراق وسرقة بيانات مستخدميها، فيُشير المحللون إلى أنّ اختراق موقع تويتر عام 2020 أظهر أنّ الفجوات الأمنية موجودة حتّى في أكبر شبكات التواصل الاجتماعي، فكيف لمنصّة صغيرة وجديدة حماية نفسها؟
من جانبٍ آخر، يُشير البعض إلى أنّ نجاح منصّة ترامب، ومن ضمنه خطورتها، ليس في الحفاظ عليها من الناحية التقنية إنّما في إنشائها من الأصل، إذ انها ستُعيد أفكار وأيديولوجيا ترامب إلى الفضاء الرقمي السائد، دون رقابة، وذلك لا يعتمد فقط على اشتراك مناصريه الأميركيين وغير الأميركيين في المنصّة، إنّما أيضًا على اشتراك أولئك الذين لديهم فضول لمعرفة ما هي آخر أخبار الرئيس الأميركي السابق وما هي تصريحاته بشكلٍ غير خاضعٍ لإرشادات مجتمعية.
وعلى الرغم من أنّ وجود مثل هذه المنصّة سيحفّز مناصري وداعمي ترامب ونهجه، ومن المرجّح أن يوسّع قاعدته الشعبية، إلّا أنّ إقبال المجموعة الأخيرة على المنصّة، والّتي يتوقّع المحللون أن تحتوي على صحافيين، من الممكن أن يجعل تداول ما ينشر ترامب رائجًا على نطاق واسع.
لكن هل بإمكان حضور ترامب عبر منصّته الجديدة أن يكون بمستوى حضوره على موقعي تويتر وفيسبوك؟ هنالك من يعتقد أنّ أحد أسباب شعبية ترامب عبر منصّات التواصل الاجتماعي لا تتعلّق فقط بترامب نفسه، إنّما بشعبية تلك المنصّات، وقاعدة مستخدميها الواسعة، التي تشمل معارضيه، وسياسيين آخرين، ومنها القنوات والمواقع الإخبارية، إلّا أنّ منصّته الجديدة، لن تتمكّن من استعادة شعبيته على الفضاء الرقمي كما كانت سابقًا.
المصادر