في التاسع من يوليو/تموز الجاري، أعلنت وزارة العدل الأميركية عن مصادرة نطاقين على الإنترنت، والتحقيق في نشاط نحو 1000 حساب على وسائل التواصل الاجتماعي، يُزعم أن عملاء روس أداروها منتحلين هوية مواطنين أميركيين داخل الولايات المتحدة، ومتظاهرين كمهتمين بالعملات المشفرة كقناع لتحقيق أهداف خفية.
ووفقًا للإفادات الجنائية التي كُشف عنها، فإنّ هذه الحسابات تنشط في دعم الغزو الروسي لأوكرانيا، والترويج لسياسة موسكو على وسائل التواصل الاجتماعي. كما كانت العمليات التقنية لشبكة الحسابات جزءًا من جهود روسية لنشر معلومات مضللة وأخبار كاذبة على وسائل التواصل خلال فترة الحرب، بحسب وزارة العدل الأميركية.
كما كشف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (FBI)، أنّ حملة التضليل الروسية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تكونت من شبكة تضم ما يقرب من 1000 حساب على منصة X (تويتر سابقًا)، وذلك وفقًا للوثائق القضائية التي كُشف عنها. وأوضحت وزارة العدل الأمريكية أن نائب رئيس تحرير وكالة "RT" الروسية، المعروفة باسم روسيا اليوم، هو العقل المدبر وراء المخطط لنشر المعلومات الكاذبة.
جهود تحقيق واسعة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها
إلى جانب تحريات مكتب التحقيقات الفيدرالي، وبالتزامن مع مصادرة نطاقات الإنترنت وصدور أوامر التفتيش، تعاونت عدة أجهزة أمنية وعسكرية حليفة للولايات المتحدة في التحقيق بنشاط الشبكة الروسية.
وشمل التحقيق جهود مجموعة المهمة الوطنية السيبرانية الأميركية (CNMF)، بالإضافة إلى المركز الكندي للأمن السيبراني (CCCS)، وجهاز المخابرات والأمن العام الهولندي (AIVD)، وجهاز الاستخبارات والأمن العسكري الهولندي (MIVD). وأصدرت هذه الأجهزة استشارة أمنية مشتركة توضح التقنيات المستخدمة والخطط الكامنة وراء مزرعة “البوتات”، وهي حسابات آلية تنفّذ مهام تلقائية على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
كما تتضمن الاستشارة تفاصيل حول كيفية استخدام نظام الذكاء الاصطناعي المخصص لدعم المخطط، مما يساعد منصات التواصل الاجتماعي والباحثين على تحديد ومنع استخدام التكنولوجيا الروسية مستقبلًا. يُذكر أنّ منصة إكس عطلت طوعيًّا حسابات البوتات الآلية المذكورة في الوثائق القضائية لانتهاكها شروط الخدمة.
تعطيل شبكة الدعاية الروسية على إكس
أكد المدعي العام الأميركي ميريك ب.جارلاند أنّ هذه الإجراءات عطلت جهدًا دعائيًا مدعومًا من الحكومة الروسية يستخدم شبكة بوتات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لنشر المعلومات المضللة. وأضاف "بينما تواصل الحكومة الروسية شن حربها الوحشية في أوكرانيا وتهديد الديمقراطيات حول العالم، ستواصل وزارة العدل استخدام جميع صلاحياتها القانونية لمواجهة العدوان الروسي وحماية الشعب الأميركي".
فيما قالت نائبة المدعي العام ليزا موناكو "تؤكد الجهود المبذولة في التحقيقات أن وزارة العدل وشركاءنا لن يتسامحوا مع الجهات الفاعلة والتابعة للحكومة الروسية ووكلائها، ممن يستخدمون الذكاء الاصطناعي لبث المعلومات المضللة وإشعال الانقسام بين الأميركيين".
وأضافت "مع قيام الجهات الفاعلة بتسريع إساءة استخدامها للذكاء الاصطناعي، ستستجيب وزارة العدل وستعطي الأولوية للتصدي للإجراءات التخريبية التي يقوم بها هؤلاء الفاعلون، وذلك مع شركائنا الدوليين والقطاع الخاص. كما لن نتردد في إغلاق مزارع البوتات، ومصادرة النطاقات على الإنترنت التي استحِوذ عليها بشكل غير قانوني ونقل المعركة إلى خصومنا".
فيما أكد رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي أن هذه الاجراءات تعد أول عملية تعطيل لمزرعة بوتات مدعومة بالذكاء الاصطناعي برعاية روسية، على وسائل التواصل الاجتماعي. وأشار إلى أنّ روسيا كانت تهدف إلى استخدام هذه التكنولوجيا لنشر المعلومات المضللة التي تعزز جهودها في تقويض الحكم في أوكرانيا، والتأثير على السرديات العالمية بما يتوافق مع المصالح الروسية.
إفادة وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي
وفقًا لإفادة صدرت من وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي، وافقت إدارة وكالة روسيا اليوم (RT) على اقتراح من أحد الموظفين لاستخدام برنامج لإنشاء مزرعة بوتات آلية تهدف إلى نشر المعلومات لصالح روسيا عبر حسابات متعددة على وسائل التواصل الاجتماعي.
بدأ المخطط عندما اشترى عملاء روس نطاقَي إنترنت في عام 2022 من شركة نيم شيب (Namecheap)، ومقرها ولاية أريزونا الأميركية لتأسيس مزرعة البوتات، وفقًا لوثائق وزارة العدل الأميركية.
استشهدت وزارة العدل الأميركية بأحد الأمثلة على نشاط الشبكة الروسية، إذ تقول بأنه في إحدى المرات نشر حساب وهمي يزعم أن موقعه الجغرافي هو مينيابوليس في ولاية مينيسوتا الأميركية، مقطع فيديو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبّر فيه عن اعتقاده بأن بعض المناطق الجغرافية في بولندا وأوكرانيا وليتوانيا كانت “هدايا” لتلك الدول من القوات الروسية، التي سبق أن حررتها من السيطرة النازية خلال الحرب العالمية الثانية.
التدخل الروسي في الانتخابات الأوروبية والأميركية
في أوائل يونيو 2024، اتهمت الحكومات الأوروبية روسيا بنشر معلومات مضللة قبل انتخابات البرلمان الأوروبي والتي أجريت بين السادس والتاسع من يونيو/حزيران الفائت. وذكر مسؤولون أوروبيون أن تصرفات موسكو والمؤيدين للكرملين كانت جزءًا من حملة أوسع للتدخل، بهدف تشويه سمعة الحكومات الأوروبية وزعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي.
كما شملت اتهامات التدخل الروسي نشر المعلومات المضللة من خلال تضخيم نظريات المؤامرة الموجودة، وإنشاء مقاطع فيديو مفبركة باستخدام التزييف العميق وأخبار كاذبة على مواقع مزوّرة تبدو وكأنها تعود لمواقع أصلية. فيما قالت الحكومة البلجيكية بأن المسؤولين الروس دفعوا أموالًا لأعضاء من البرلمان الأوروبي للترويج للدعاية الروسية في أوروبا.
وفقًا لتقرير من إن بي سي نيوز نًشر في فبراير/شباط 2024، نقلًا عن مسؤولين أميركيين سابقين وخبراء في الأمن السيبراني، فإن روسيا بدأت بالفعل في نشر معلومات مضللة قبل انتخابات الولايات المتحدة لعام 2024، وذلك باستخدام حسابات وهمية وبوتات على الإنترنت استهدفت الرئيس جو بايدن وزملاءه الديمقراطيين.
فيما يقول الخبراء إنّ الهجمات على بايدن جاءت كجزء من الجهود المستمرة لموسكو، لتقويض المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا وإضعاف دعم الولايات المتحدة لحلف شمال الأطلسي (الناتو).
اقرأ/ي أيضًا
تحليل للبيانات يكشف أنّ قرابة نصف متابعي بايدن على تويتر حسابات وهمية