أصدر حملة (المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي)، اليوم الجمعة 21 مايو/أيار، تقريرًا جديدًا بعنوان "العدوان على الحقوق الرقمية الفلسطينية" يوضح ويوثق من خلاله الانتهاكات التي وقعت بحقها في الفترة ما بين 6-19 مايو/ أيار الجاري، أي خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على الفلسطينيين، واستجابة شركات التواصل الاجتماعي لهذه الانتهاكات، ويوضح التقرير تصاعد العدوان على الفضاء الرقمي والرواية الرقمية الفلسطينية، ويُفصل الانتهاكات التي تعرض لها المحتوى خلال هذه الفترة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي والشركات التكنولوجية، إلى جانب انتشار خطاب الكراهية والتحريض على الفلسطينيين والعرب باللغة العبرية.
يوضح التقرير توثيق المركز لما يزيد عن 500 بلاغًا للحقوق الرقمية الفلسطينية في الفترة المذكورة بالتعاون مع مؤسسات شريكة، ما يشير لازدياد ملحوظ في رقابة وسائل التواصل الاجتماعي على الخطاب السياسي الفلسطيني، ما أدى إلى إزالة جزء كبير من المحتوى الفلسطيني من المنصات وتعليق حسابات وإغلاق أخرى بالإضافة إلى انتهاكات أخرى يفصلها التقرير، على إثر النشر عن قضية الشيخ جراح، والاعتداءات على القدس، ثم لاحقًا عن العدوان على غزة والاحتجاجات والمظاهرات، ولم تقدم المنصات تفسيرًا مقنعًا لذلك، فيما يرجّح أن تكون وحدة السايبر الإسرائيلية التابعة لوزارة العدل لدى الاحتلال خلف هذه الانتهاكات الأخيرة، والتي قدمت خلال السنوات الماضية عشرات آلاف الحالات للشركات دون أي إجراء قانوني.
وفقًا للتقرير، فقد تنوعت أسباب الانتهاكات ما بين إزالة المحتوى، وحذف وتقييد الحسابات، وإخفاء الأوسمة (هاشتاغ)، إضافة إلى تقليل الوصولية لمحتوى بعينه، وحذف المحتوى المؤرشف، وتقييد الوصول، فيما تنوعت نسبة الانتهاكات على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، إذ وثق مركز حملة 50% من هذه الانتهاكات على منصة انستغرام و35% على منصة فيسبوك، بينما وثق ما نسبته 11% من مجمل الحالات على منصة تويتر و1% من الحالات على "تيك توك"، بينما كانت نسبة 3٪ الأخيرة من الحالات دون معلومات كافية من المبلغين. لم يُعطَ أو يُحدَّد سبب الحذف أو التعليق من قبل الشركات في جزء كبير الحالات، فيما تنوعت الأسباب المقدمة للحالات الأخرى ما بين خطاب كراهية، ومخالفة لمعايير المجتمع، وطلب إثبات هوية وغير ذلك من الأسباب، واستطاع المركز حتى اللحظة استعادة جزء من هذه الحسابات، فيما لا يزال جزء منها قيد المراجعة.
يُذكر أنه رغم أن بعض المنصات قد أصدرت تصريحات عامة حول الرقابة على الخطاب السياسي الفلسطيني، بعد ضغط العديد من المؤسسات والنشطاء، إلا أن تبريراتها ركزت فقط على "المشاكل التقنية" ولم تقدم تفسيرًا كافيًا لمعدل ونوع الرقابة التي وثقها مناصرو الحقوق الرقمية خلال السنوات الماضية، إذ إن هذه المشكلة ليست وليدة اللحظة وإنما هي استمرار وتصعيد لمشكلة موجودة بالفعل.
ومن ناحية أخرى، فقد عملت مجموعات الإسرائيليين المتطرفين خلال الفترة الماضية على حشد وتنظيم أنفسهم عبر مجموعات "الواتساب" و"التيليغرام"، وعلى الرغم من هذا الخطاب التحريضي العنيف ضد العرب والفلسطينيين، الذي امتد أثره على أرض الواقع، وأدى إلى استشهاد فلسطينيين، وتعرض غيرهم للأذية، إلا أن المنصات سمحت لهذا الخطاب بالبقاء على الإنترنت، وقد وثق التقرير خلال الأسبوعين الماضيين أكثر من 40 حالة من هذا الخطاب الذي احتوى دعوات لقتل الفلسطينيين والعرب وحرقهم والاعتداء عليهم مباشرةً، ورغم تمكّن المركز من إزالة جزء من هذا المحتوى، إلا أن هذا المحتوى ما يزال موجودًا، خاصة وأن شركات التواصل الاجتماعي لا تعمل على مراقبة خطاب الكراهية والمحتوى العنيف الموجّه للفلسطينيين بفعالية.
كما وثق التقرير انتهاكات أخرى شملت مراقبة السلطات الإسرائيلية للمصلين في المسجد الأقصى وتتبعهم وإرسال رسائل لهواتفهم لتهديدهم بمحاسبتهم لاحقًا، والتي استخدمت فيها الاستخبارات نظام التتبع (GPS) لتحديد أماكن المصلين، أما منصة يوتيوب، فقد روّجت من خلالها وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية لمقطع فيديو يهدف إلى التبرير للعدوان الشرس الذي شنه جيش الاحتلال على قطاع غزة ومختلف الأراضي الفلسطينية، بينما أشار التقرير إلى إظهار خرائط غوغل لقطاع غزة كمنطقة ضبابية ومنخفضة الدقة، ما يعيق قدرة مجموعات حقوق الإنسان على توثيق حالات هدم المنازل، ومن جهة أخرى، فقد وثق التقرير منع منصة "فينمو" (Venmo) للتبرعات للمنظمات الفلسطينية.
وفي ذات السياق، عقد رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، يوم الثلاثاء 18 مايو/أيار الجاري، اجتماعًا مع رئيس الشؤون العالمية والاتصالات في "فيسبوك"، نيك كليغ، للبحث في آليات تعامل الشركة العملاقة مع المحتوى الفلسطيني والمناصر للقضية الفلسطينية ووقف التحريض عبر منصات الشركة، وذلك بمشاركة وحضور مديرة المناصرة المحلية في مركز حملة منى شتيه.
وجاء هذا الاجتماع بعد رسالة وجهها المركز للمدير التنفيذي لشركة فيسبوك، مارك زوكربيرغ، بتاريخ 17 مايو/أيار الجاري، والتي طالبه فيها بالتوقف عن تهديد الفضاء الرقمي للفلسطينيين والمساهمة في انتهاك حقوقهم الرقمية، مسلطًا الضوء على المحتوى المحرض والعنيف ضد الفلسطينيين والعرب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومشيرًا إلى عمل وحدة السايبر الإسرائيلية التي عكفت على إرسال عشرات آلاف الطلبات لشركات التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية دون أي سند أو إجراءات قانونية. وقد ركز حملة في الرسالة على الطلبات التي تلقاها مؤخرًا حول حذف المضامين والحسابات الفلسطينية وتقييدها، مطالبًا "فيسبوك" للتحقيق في هذه الحالات وتقديم تقارير أكثر شفافية وإجابات واضحة لمن تعرضوا للرقابة على محتواهم أو للتقييد والحظر من النشر عبر حساباتهم.
بالإضافة إلى ما سبق، عمل "مسبار" على تفنيد العديد من الادعاءات المضللة والزائفة التي انتشرت في الفضاء العمومي عبر الإنترنت.
المراجع
اقرأ/ي أيضًا:
جيش الاحتلال الإسرائيلي متهم بتضليل وسائل الإعلام لاستدراج حماس
كيف انتصرت وسائل التواصل الاجتماعي المقدسية على صفحة إسرائيل بالعربية