تمامًا مثل أي شيء تراه على وسائل التواصل الاجتماعي، عليك أن تكون حريصًا فيما يتعلق بأخبار الطقس والمناخ، فهذه الوسائل، قد تكون أداة مفيدة للغاية لإيصال المعلومات إلى الكثير من الأشخاص في فترة زمنية قصيرة، لكنها في الوقت ذاته، جعلت من السهل على أي شخص لديه لوحة مفاتيح أن يصبح عالم أرصاد جوية، فلماذا يقومون بذلك؟
ينشر بعض المستخدمين هذه الأخبار من أجل التفاعل أو جمع المشاهدات لصفحاتهم، قد يبدو هذا غير ضار على المدى القصير، لكنه على المدى الطويل، يدفع المشاهدين للتشكيك في كل ما هو حقيقي مقابل تعزيز الزائف من الأخبار والمعلومات حول الطقس والمناخ.
أحيانًا يشكل ذلك أمرًا خطيرًا في علاقة بالطقس، وربما يؤدي إلى إلحاق ضرر كبير بمتلقي الأخبار في حال كانت زائفة. فمن السهل أن تشعر بالذهول عندما ترى منشورًا على "فيسبوك" أو "تويتر" لتوقعات الطقس خلال فصل الشتاء، حول قدوم عاصفة ثلجية أو توقعات بموجات حرارة طويلة خلال الصيف أو حين تشاهد صورًا أو مقاطع فيديو تحتوي على الكثير من المبالغة فيما يتعلق بحالة جوية معينة.
خلال شهر يناير/كانون الثاني من العام الجاري وتحت عنوان "صور الطقس المزيفة المفضلة"، عرض موقع Weather.com، أهم الصور والفيديوهات التي يقوم مروجو الأخبار الزائفة باستخدامها بشكل متكرر في كل حدث كبير للطقس؛ وهدف الموقع، توعية الجمهور بأهمية التحقق مما يتابعونه حول الطقس قبل مشاركته أو تصديقه.
ونوه مقال بعنوان " بعض تنبؤات الطقس الفيروسية عبارة عن أخبار مزيفة - سببان يجب إيقافهما الآن"، منذ سنوات، إلى ضرورة أن يتم وقف الأخبار الزائفة حول الطقس لسببين، الأول أنها تخلق التضليل والارتباك بين الناس. والسبب الثاني أن تنبؤات الطقس المزيفة تُعرض الجمهور للخطر.
“مسبار” يرصد العديد من الأخبار المضللة المتعلقة بالطقس والمناخ
مع بداية كل فصل تزداد الأخبار المتعلقة بالطقس، سواء من ناحية التنبؤات الجوية أو من ناحية تغطية الأحداث بالتزامن مع حالة جوية معينة. وفي الفترة الفائتة رصد “مسبار” الكثير من الأخبار التي تركز على إظهار “تطرف” الطقس، من بينها، تداول حسابات وصفحات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، مقطع فيديو ادّعت أنّه لحريق في الكويت، اندلع بسبب وصول درجة الحرارة إلى 73 درجة، وهي وفق ناشري الخبر، الدرجة الأعلى في كوكب الأرض. بالتحقق وجد “مسبار” الادعاء مضلّلً.
وانتشر عبر حسابات وصفحات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ادعاء مضلل حول صورة لحاوية قمامة منصهرة في الجزائر، وأشارت إلى أنّ ارتفاع درجة الحرارة تسبب في ذلك، وبالتحقق تبين أنّ الصورة قديمة من المغرب ولا علاقة للحرارة بانصهارها.
كما جرى تداول مجموعة صور شملت إشارة مرور في حالة ذوبان وسيارات متآكلة وحاوية للمهملات منصهرة وبيضة على الطريق العام مسلوقة، وخزان مياه فوق إحدى البنايات انصهر بفعل الحرارة، وأُرفقت بادعاء مفاده أنَّ الكويت تقترب من الغليان وتشهد ارتفاعًا غير مسبوق في درجات الحرارة، وأنها وصلت إلى 73 درجة مئوية في الشمس و54 درجة مئوية في الظل، وهو ما وجده “مسبار” مضللًا.
وتداولت صفحات وحسابات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، صورة لأحد الشوارع في سورية تُظهر خروج المياه من مسامير تحديد المسارب بهدف تبريد الإسفلت، في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي تشهدها المنطقة. والتي أظهر تحقّق “مسبار” أنّها مضلّلة.
كما انتشرت صورةً مضللة تُظهر آثار عاصفةٍ ترابية، قالت المنشورات إنها في منطقة الجبيل السعودية، وبين تحقق مسبار أنّها قديمة.
وفي الأشهر الفائتة من العام الجاري وعام 2020، ظهرت العديد من الادعاءات الزائفة المتعلقة بالطقس والمناخ، منها مقطع فيديو لعاصفة رمليّة ادعى ناشروه أنها ضربت مدينة جدّة السعوديّة في شهر مارس/آذار الفائت، وبالتحقق تبين أنّ الادعاء مضلل.
وظهر ادعاء خلال شهر مارس الفائت لصورة سيول ادّعى ناشروها أنها في ولاية عين صالح في الجزائر، بعد هطول أمطار غزيرة، وهو ما فنّده مسبار.
فيما تداولت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال يناير/كانون الأول الفائت، صورة زعمت أنها لبحيرة الضاية في محافظة المدية الجزائرية وهي مجمدة، لكن تبين أنّها مضللة.
كما انتشر مقطع فيديو قال ناشروه إنه يوثق مشهدًا لإعصار بحري، أو ما يعرف بـ"الشاروق"، خلال شهر ديسمبر/كانون الأول 2020، وزعموا أنّه وقع قبالة منطقة الميناء في طرابلس، شمالي لبنان، وبالتحقق تبين لـ"مسبار" أنّه مفبرك.
ادعاءات مضللة لتوقعات بغرق الأرض بسبب التغير المناخي
في كل عام تظهر توقعات لأحداث جوية، يدعي أصحابها أنّها قد تتسبب في غرق المدن أو دمارها نتيجة التغير المناخي. وانتشرت صورة خارطة عبر صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، في يناير/كانون الثاني الفائت، ادعت أنها تُظهر غرق أغلب دول العالم في حال استمرار ذوبان القطبين المتجمدين، ووجد “مسبار” أنّ الادعاء يحتوي على إثارة وتضليل، وأنّها لا تعدو أن تكون تكهنات غير مثبتة علميًّا.
وكشف “مسبار” العديد من الادعاء الزائفة حول التقلبات المناخية، وفند تنبؤ المعهد الوطني للرصد الجويّ التونسيّ، بأن تونس ستشهد تقلبات مناخية غريبة خلال صيف 2020، ستتسبب في ارتفاعٍ غير متوقعٍ لدرجات الحرارة. وسيؤدي ذلك إلى انتشار البعوض والحشرات وظهور الأوبئة.
كما تحقق من ادعاء دخول الشمس في سبات كارثي، ما قد يؤدي إلى حجبها وانخفاض طاقتها الشمسية على السطح؛ ويتسبب في تجميد الطقس وزيادة فترات البرد القارس والكوارث الطبيعية والإنسانية كالزلازل والمجاعات، ووجد أنّه زائف.
ولم تقل بي بي سي في خبر عاجل إن سكان العالم مهددون بالغرق بسبب ارتفاع مستوى المياه في البحار والمحيطات، كما لم تمطر السماء حجارة في رومانيا.
وفي أكثر من مدونة تناول مسبار كيف يتم توظيف الأخبار الكاذبة في إعاقة الجهود لمحاربة التغير المناخي والاحتباس الحراري وتداعيته على كوكب الأرض، منها: التغير المناخي بين التداعيات الحقيقية والأخبار المزيفة، التضليل العلمي المنظم ضد المناخ، ما القصة؟
فيسبوك يحارب الأخبار الكاذبة حول المناخ بإنشاء مركز للمعلومات المناخية
أعلنت شركة فيسبوك عن توسيع مركز المعلومات المناخية وسيوجه مستخدميه إلى الخبراء لفضح الخرافات والخداع في محاولة مكثفة لمكافحة المعلومات المضللة على الموقع.، وأضافت قسمًا يعرض حقائق تكشف زيف الأساطير المناخية الشائعة. ويتضمن ذلك مكافحة الشكوك حول تغير المناخ، التي تسارعت بفضل انتشارها من قبل شخصيات بارزة".
كما ذكرت شركة فيسبوك أنها ستتخذ إجراءات جديدة ضد الحسابات التي تنشر معلومات مضللة بشكل متكرر على المنصة. وقالت الشركة في مدونة على موقعها “نطلق طرقًا جديدة لإبلاغ الأشخاص إذا كانوا يتفاعلون مع المحتوى الذي تم تقييمه بواسطة مدققي الحقائق، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات أقوى ضد الأشخاص الذين يشاركون معلومات مضللة بشكل متكرر على ”فيسبوك"، سواء كان المحتوى زائفًا أو مضللًا حول فايروس كوفيد-19 واللقاحات أو تغير المناخ أو الانتخابات أو مواضيع أخرى، نحن نتأكد من أن عددًا أقل من الناس يرون معلومات خاطئة على تطبيقاتنا".
كما اتخذت السعودية إجراءات للتصدي للشائعات المتعلقة بتوقعات الطقس عبر المواقع الإلكترونية وحسابات منصات التواصل الاجتماعي، حيث أعلنت النيابة العامة حظر التنبوء بالطقس وأحوال المناخ خارج مسؤولية المركز الوطني للأرصاد.
وللتغلب على الأخبار الكاذبة المتعلقة بالطقس يُنصح بالتفكير إن كان المنشور مكتوبًا من قبل مصدر موثوق وحسن السمعة، وأن تسأل نفسك "هل يشارك المنشور توقعات لأكثر من سبعة أيام؟" إذا كان الأمر كذلك ، فمن المحتمل أن يكون غير دقيق أو قد لا يكون صحيحًا.
كما يُنصح التأكد من أن المنشور مرتبط بتاريخ محدد؛ فكثير من الأشخاص الذين ينشرون لأسباب خاطئة يشاركون صور قديمة، مع تغيير التاريخ والوقت لجعلها تبدو حقيقية.
اقرأ/ي أيضًا
التضليل العلمي المنظم ضد المناخ، ما القصة؟
طلب الاتحاد الأوروبي من كبرى شركات التكنولوجيا أن تتعهد بالحدّ من الأخبار المضللة