نشرت شبكة بي بي سي، يوم الاثنين 14 فبراير/شباط الجاري، تقريرًا قالت فيه إنّ روسيا تحاول في الوقت الذي تحشد فيه قواتها على الحدود مع أوكرانيا، السيطرة على الرواية الإعلامية حول ما يجري، وانتقل التقرير للحديث عن حجم المحتوى المضلّل في تلك الرواية التي تروّج لها روسيا.
للإعلام الروسي وفق التقرير تاريخٌ في الترويج للمحتوى الذي يستهدف الإثارة، وللادعاءات المشكوك في صحتها التي تُصوّر أوكرانيا بشكل سلبيّ.
ففي عام 2014، أظهر التلفزيون الرسمي الروسي لاجئةً ادّعت أنّ القوات الأوكرانية أعدمت صبيًّا في الثالثة من عمره، دون تقديم أيّ دليل على تلك القصة، التي تمّ سحب تداولها من الإعلام لاحقًا، والتي عُرفت بقصة "الصبيّ المصلوب".
في الآونة الأخيرة، نقلت وسائل إعلام روسية وأخرى موالية للكرملين، مقطع فيديو قالت إنّه يُصوّر القوات الأوكرانية وهي تُطلق النّار على مهاجرين عند الحدود مع بيلاروسيا. الفيديو ذو الجودة الرديئة، التُقط بواسطة الأشعة تحت الحمراء، الأمر الذي دفع وسائل الإعلام الروسية إلى نسبه إلى "وسائل إعلام محلية" قالت إنّه لجنود أوكرانيين أطلقوا النار على مهاجرين. لاحقًا قال الجنديّ الذي كان أوّل من نشر الفيديو، إنّ حسابه على موقع فيسبوك قد تعرّض للاختراق، كما زعمت مواقع إلكترونية تداولت الخبر أنّها تعرّضت للاختراق. ولم تتمكن "بي بي سي" من التحقق من تلك الادعاءات من مصادر مستقلة، وفق ما أشارت إليه في التقرير.
وذكر التقرير أنّ وسائل الإعلام الروسية دأبت على تصوير أوكرانيا كدولة متحالفة مع النازيّة. على سبيل المثال أكّدت وزارة الخارجية الروسية في منشورات لها على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ أوكرانيا والولايات المتحدة صوتتا ضد قرارٍ للأمم المتحدة دعمته روسيا، يُدين تمجيد النازية.
وجاء في تقرير "بي بي سي"، أنّ أوكرانيا صوّتت بالفعل ضد القرار لاعتقادها بأنّ الدوافع وراء اقتراحه كانت دعائية، كما قالت الولايات المتحدة إنّها رفضت القرار لأنّه كان محاولة مستترة لإضفاء الشرعية على حملات التضليل الروسية. يُذكر أنّ كلًّا من الولايات المتحدة وأوكرانيا قد أعلنتا عن إدانتهما للنازية بعد انتهاء التصويت.
ولفت التقرير أنّ مخاوف أُثيرت بشأن العلاقة ما بين الجماعات اليمينية المتطرفة في أوكرانيا والنازيين الجدد، وتحديدًا كتيبة آزوف القومية التي غدت فيما بعد وحدةً مقاتلة في صفوف الجيش الأوكراني. بيد أنّ اليمين المتطرف ما زال يمثّل أقلية صغيرة في البلاد، إذ لم تحصل العديد من جماعات اليمين على نسبة تتجاوز %5 في انتخابات عام 2019، وهي النسبة التي تحتاجها لدخول البرلمان.
منذ التصعيد الأخير الذي شهدته الأزمة الأوكرانية، عرضت بعض وسائل الإعلام الرسمية، عناوين إخبارية مضلّلة عن حجم الدعم الغربي لأوكرانيا، مُستندةً في نتائجها فقط إلى تعليقات المستخدمين على مواقع وسائل إعلام غربية. وزعمت إحدى المقالات التي نشرتها وكالة أنباء روسية في أوخر شهر يناير/كانون الثاني الفائت، أنّ القراء البريطانيين لصحيفة ذا ديلي إكسبرس، أيّدوا فكرة وجوب الدفاع عن أوكرانيا لأنّ روسيا لديها وجود عسكري أقوى في المنطقة من حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وورد في تقرير "بي بي سي"، أنّ ثمة مخاوف من استخدام مؤيدين للكرملين لحسابات وهمية، بغرض استهداف مواقع إعلامية بريطانية وأجنبية؛ لتعزيز المصالح الروسية.
وأخيرًا ذكر التقرير أنّ نشاط الحسابات التي تنشر الدعاية المؤيدة لروسيا قد زاد بشكل لافت في نوفمبر/تشرين الثاني الفائت. وأنّ هذه الحسابات تنشر تغريدات عن أوكرانيا خلال فبراير الجاري بمعدّل 213 مرّة يوميًا.
المصدر: