كشف تحقيق لصحيفة ذا غارديان البريطانية، نُشر بتاريخ 29 يونيو/حزيران الفائت، أن المحرك الرئيسي وراء "مجموعة شيريون"، وهي شبكة معلومات مضللة مؤيدة لإسرائيل تسعى للتلاعب بالرأي العام حول الصراع في غزة، تركز على الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا والمملكة المتحدة، يديرها رجل الأعمال والمتخصص في التكنولوجيا دانيال ليندن المقيم في فلوريدا.
وتشير ذا غارديان أن رجل الأعمال شارك في تأليف دليل لمستخدمي منصة "only fans".
قامت مجموعة شيريون بالتضييق على نشطاء مؤيدين لفلسطين، بما في ذلك العديد من اليهود، وعرضت مكافآت للحصول على هوية المحتجين المؤيدين للفلسطينيين، كما نشرت معلومات مضللة حول شخصيات مثل رجل الأعمال جورج سوروس.
واستخدم تحقيق ذا غارديان سجلات عامة ومصادر مفتوحة للتوصل للمعلومات التي قدمتها في الأصل مجموعة الوردة البيضاء، وهي جماعة بحثية أسترالية مناهضة للفاشية.
عمل ليندن على تمويل شيريون، ويبدو أنه يلعب دورًا مركزيًا في إدارة حسابات الشبكة على وسائل التواصل الاجتماعي، وينسق جهود المجموعة عبر قناة تليغرام. وتشير السجلات العامة والمصادر عبر الإنترنت إلى أنه يعيش في غاينسفيل بفلوريدا.
تواصلت ذا غارديان عبر البريد الإلكتروني ووسائل اتصال أخرى مع ليندن لتوجه له أسئلة مرتبطة بمشاريعه التجارية، لكنه لم يرد على أي منها.
وقالت هايدي بيريتش، الشريكة المؤسسة والمديرة التنفيذية لمشروع مكافحة الكراهية والتطرف العالمي، عن حملة شيريون التي يقودها ليندن، أن "الاحتيال" الذي يبدو أنه يمارسه شائع بين المتطرفين، "لكن أيديولوجيته تبدو مشوشة للغاية". وأضافت أنه "ينشر رسائل كراهية".
تسلط هذه المعطيات الضوء على طبيعة مجموعة شيريون، التي تعرضت للانتقادات في الكونغرس الأميركي، وجذبت وسائل الإعلام حول العالم، من ناحية دورها في التصدي للانتقادات الموجهة لإسرائيل بشأن حربها على غزة.
ذا غارديان تكشف شبكة مراقبة على الإنترنت لتصيد المؤيدين لفلسطين
نطاق عمل مجموعة شيريون ظهر عبر الإنترنت منذ أواخر عام 2023، على منصات مثل إكس، وتليغرام، وغو فاند مي، وذلك لنشر الدعاية المؤيدة لإسرائيل والمعادية للفلسطينيين، والتضييق على المحتجين المؤيدين للفلسطينيين في الغرب.
في الوصف المصاحب لحساب المجموعة على موقع إكس، تصف شيريون نفسها في مختصر "البايو" تارة بأنها "مجموعة مراقبة" وتارة أخرى بأنها "شبكة مراقبة" تبحث عن "بصمات رقمية" و"تراقب ما لا تراقبه وسائل الإعلام الرئيسية" و"تكشف معاداة السامية"، حسب ادعائها.
وتدير المجموعة قناة خاصة على تطبيق تليغرام، تضم 885 عضوًا، وتنقسم القناة إلى غرف لمناقشة الأحداث في مناطق محددة (مثل كندا وأميركا اللاتينية) أو لتنسيق النشاط عبر الإنترنت بما في ذلك الإبلاغ الجماعي عن حسابات على موقع إكس.
نظمت شيريون حملتي جمع تبرعات على غو فاند مي في إبريل/نيسان، ومايو/أيار العام الجاري. إذ جمعت الحملة الأولى أكثر من 57,000 دولار، بما في ذلك تبرع مجهول بقيمة 10,000 دولار، لمبادرة تستخدم شاحنات بشاشات كبيرة تعرض لقطات لهجوم حماس في السابع من أكتوبر عام 2023، وتتجول قرب الجامعات في مختلف المدن الأميركية.
تقديم مكافآت لمن يتعرف على هوية مؤيدي فلسطين
بدأت مجموعة شيريون في أواخر عام 2023، بعرض ما وصفته بـ “المكافآت" مقابل التعرف على الأشخاص المشاركين في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، والذين حسب وصفهم كانوا "معاديين للسامية".
وأعلنت شيريون في منشور بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني العام الفائت، على منصة إكس، عن مخطط "للمطلعين ضد معاداة السامية" يسند من خلاله أموالًا مقابل الكشف عن "معلومات داخلية مهمة".
وكان للرسوم البيانية المصاحبة للمنشور تأثير كبير، حيث عرضت مجموعة متنوعة من المكافآت المتباينة حسب الوضع الوظيفي للمبلّغ. بدأت المكافآت من 500 دولار للتعرف على هوية طالب وصولًا إلى 10,000 دولار للتعرف على هوية سياسي.
بحلول الثالث من ديسمبر الفائت، كانت المجموعة قد عرضت مكافأة بقيمة 500 دولار، وصلت لاحقًا إلى 1,500 دولار، مقابل التعرف على هوية المحتجين الذين زعمت شيريون أنهم كانوا يرددون شعارات تحث على "الإبادة الجماعية".
وفي الأشهر التالية، نشرت شيريون عشرات العروض من المكافآت، وادّعت أيضًا أنها دفعت أموالًا للأشخاص الذين ساعدوها في التعرف على من تعتبرهم خصومها.
وفي منشور حديث بتاريخ 19 يونيو/حزيران الفائت، ادّعت أنها دفعت مبلغ 1,000 دولار مقابل التعرف على هوية محتج كان هدفًا لمكافأة تم الإعلان عنها في الرابع من يونيو.
تستخدم المجموعة المعلومات المضلّلة للتأثير على متابعيها
إلى جانب برنامج المكافآت، تعزز المجموعة مشاعر الإسلاموفوبيا والكراهية ضد الفلسطينيين، بينما تحتفل بالموت والدمار في غزة، والعنف ضد مؤيديهم في الغرب.
وفي 27 إبريل الفائت، ردت شيريون على فيديو تضمّن صورًا للدمار في غزة، بنشر تعليق يقول "أحب أن تبدو غزة هكذا الآن"، وأضافت كلمة"FAFO" للمنشور، وهي اختصار لعبارة تعني "fuck around and find out".
احتفلت شيريون بشكل متكرر بعنف الشرطة ضد المحتجين المؤيدين للفلسطينيين في الولايات المتحدة الأميركية.
وأظهر منشور شاركته المجموعة في الخامس من مايو/أيار الفائت، هجومًا بسيارة على المحتجين في دنفر عاصمة كولورادو، مع تعليق بنص "اضغط إعجاب وشارك لجعله أكثر شيوعًا".
تقول ذا غارديان، إنّه في أعقاب نشر المجموعة لفكر المؤامرة، كتبت في منشور لها على منصة إكس يوم 19 فبراير الفائت، زعمت فيه أنّ "اليسار يجلب غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة" لتعزيز الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين.
وعلى الرغم من ادّعاءات مجموعة شيريون بأنها تعارض معاداة السامية، فإنها تروج بانتظام لنظريات المؤامرة، التي يعتبرها الخبراء ذات طابع معادٍ للسامية. إذ تشمل هذه النظريات روايات مؤامرة حول الملياردير اليهودي جورج سوروس، حسب الصحيفة.
وعلى أساسه نشرت المجموعة في العاشر من شهر مايو الفائت، تحذيرًا حول "مؤسسة تايدز المدعومة من سوروس".
قالت بيريتش، خبيرة التطرف، إن نظريات المؤامرة حول سوروس "مرتبطة دائمًا ضمنيًا" بمعاداة السامية، وأضافت أنه "من الغريب أن يكون ليندن متعصبًا لإسرائيل وفي نفس الوقت ينشر نظريات مؤامرة معادية للسامية".
كما شاركت شيريون نظريات مؤامرة حول المسلمين، بما في ذلك نظرية تتنبأ بسيطرة المسلمين على أوروبا، إذ تعمد شيريون نشر معلومات مضللة بشكل صريح، في أغلب الأوقات. حيث يشارك الحساب صورًا ومقاطع فيديو لمحتجين مؤيدين للفلسطينيين يأخذون درسًا في فنون الدفاع عن النفس الهايتية مع ادعاء أنهم "يتدربون على تقنيات ذبح اليهود".
استخدام الذكاء الاصطناعي للحض على الكراهية
غالبًا ما تقدم شيريون ادعاءات مبالغ فيها حول اتصالاتها، وتقنية الذكاء الاصطناعي التي تزعم استخدامها للتعرف على أعدائها المحتملين، وفق ذا غارديان.
على سبيل المثال ادّعت شيريون في أوقات مختلفة على موقع إكس، أن لديها اتصالات مع شرطة نيويورك ومكتب التحقيقات الفيدرالي، والمخابرات الإسرائيلية وشرطة لندن، وأنها مرتبطة بمرشح الكونغرس الجمهوري والأكاديمي والمعلق المؤيد لإسرائيل ماكس أبرامز.
ومنذ أواخر العام الفائت، ادّعت أنها طورت تكنولوجيا ذكاء اصطناعي، أطلقت عليها اسم مشروع “Maccabee”، وتهدف وفقها إلى "إنشاء برنامج ذكاء اصطناعي عام لحماية وبقاء شعبنا"، و"كشف معادي السامية الفاسدين".
حسابات بأسماء مستعارة لرجل الأعمال دانيال ليندن
إحدى الخيوط التي تربط ليندن بشيريون تأتي من موقع ريديت، حيث يدار المجتمع الفرعي ShirionCollective على المنصة، بواسطة مستخدم يدعى "دانيماد/ Daninmde"، واسمه المستعار هو "Dantheprompt"، ولا يضم المجتمع على ما يبدو أي مشتركين آخرين.
يشير ملف تعريف المستخدم “Dantheprompt” إلى أن الحساب يدير أيضًا ثماني مجتمعات أخرى، ويتضح أنه متحمس للذكاء الاصطناعي التوليدي، ومعظم المجتمعات إما تضم عضوًا واحدًا أو تهيمن عليها منشورات من المستخدم ذاته.
بجانب مجتمع شيريون على موقع ريديت، تركز جميع المجتمعات التي يديرها الحساب على موضوعات تتعلق باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بما في ذلك نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) وأدوات توليد الصور، إذ تشمل عناوين لمجتمعات مثل chiefaiofficer"،SuperPrompters"، و"OnlyFansModelAI". ويضم المجتمع الأخير ثلاثة أعضاء ويحتوي على منشورات متقطعة لصور توليدية بواسطة الذكاء الاصطناعي لنساء شبه عاريات.
تتطابق صورة الملف الشخصي على حساب ريديت التابع للمستخدم، مع صورة مستخدمة في حساب بنفس الاسم على موقع مالتي بليكس- multiplex، وهو منتدى نقاش مخصص لريادة الأعمال في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويذكر أنه في منشور بتاريخ 28 مايو 2023 على موقع مالتي بليكس، في نقاش موضوع بعنوان "تعرف على نفسك"، كتب "مرحبًا يا رفاق، دان ليندن هنا، كنت رائد أعمال خلال الـ12 عامًا الماضية أعمل في التسويق الرقمي، والمنتجات الرقمية المعلوماتية، وما إلى ذلك".
وفي الجزء الآخر من المنشور، كتب نصًا "@dantheprompt – إذا أردت مراسلتي على تويتر".
أُغلق الحساب على منصة إكس الآن (عقب نشر التحقيق الاستقصائي)، لكنه يحدد دان ليندن كصاحب له، حيث يذكر في سيرته الذاتية أنه "مؤسس مشارك لـبرنامج الذكاء الاصطناعي Chief AI Officer (CAIO)، وأنه عمل على برمجيات كخدمة SaaS المدعومة بالذكاء الاصطناعي، الفنون الرقمية، والفنون القتالية المختلطة".
يستخدم ليندن حسابًا آخر غير نشط على موقع إكس، اسم المستخدم “Daninmde”، وصورته الشخصية تعود لنفس الشخص الموجود في حسابات ليندن الأخرى على وسائل التواصل الاجتماعي. والاسم الظاهر على الشاشة لهذا الحساب هو "داني لـ / Dani l"، وهو أحد الروابط بين ليندن وعملية جمع التبرعات لشيريون السابق ذكرها.
وجدت ذا غارديان أنّ اسم منظم حملة غو فاند مي أصبح باسم "Dani M". ومع ذلك، في أرشيف مبكر لأول حملة جمع تبرعات، تم التعريف بالمنظم باسم "Dani L". وأثناء إعداد حملة جمع التبرعات، تم الكشف عن اسم المنظم على أنه "دانيال ليندن".
ومع تغير الأسماء في تلك الحملة، تم تحديد موقع المنظم على أنه في "غاينسفيل، فلوريدا"، أما في حملة جمع التبرعات الأحدث، تم تحديد الموقع على أنه "دورانغو، كولورادو"، وقد عاش دانيال ليندن في كلتا المدينتين.
اقرأ/ي أيضًا
رغم النفي الإسرائيلي.. أدلة على استخدام الاحتلال الكلاب العسكرية في مهاجمة الفلسطينيين
إسرائيل تستغل المحتجزين في غزة لأغراض دعائية لمواصلة حرب الإبادة