ظهرت تقنيّة التزييف العميق في سياق الدعاية السياسية بين كل من روسيا وأوكرانيا، عقب الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في 24 فبراير/شباط الفائت. ففي منتصف شهر مارس/آذار الجاري، إذ انتشر مقطع فيديو للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يُعلن فيه الاستسلام، وهو ما لم يحدث في الحقيقة، لأنّ الفيديو مفبرك، وتمّ التلاعب به عبر تقنيّة الزيف العميق.
وقال الرئيس الأوكراني في مقطع فيديو نُشر على قناته على "تليغرام"، ردًا على الفيديو المفبرك "نحن ندافع عن أرضنا وأطفالنا وعائلاتنا، ولذلك لا نخطّط لإلقاء أي سلاح، إلى أن ننتصر".
ولم تتّضح حتى الآن الجهة التي فبركت مقطع الفيديو، لكنّ المسؤولين الحكوميين في أوكرانيا حذروا منذ أسابيع، من احتمال أن تنشر روسيا مقاطع فيديو تم التلاعب بها كجزء من حربها المعلوماتية على أوكرانيا.
وأصدرت وكالة المخابرات العسكرية الأوكرانية مقطع فيديو هذا الشهر، تشرح فيه كيفية استخدام تقنية التزييف العميق "التي ترعاها الدول المعادية لبث الذعر والارتباك" وفق تعبيرها.
وأوضح مسؤولون في منصات فيسبوك ويوتيوب وتويتر، أنّ مقطع الفيديو المزيف المنسوب لزيلينسكي، قد أُزيل من منصاتها لانتهاك السياسات، بينما جرى تداوله بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي الروسية.
وما هي إلا ساعات حتى انتشر مقطع فيديو مفبرك، منسوب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعلن فيه إلقاء السلاح والسلام مع أوكرانيا.
وادّعى متداولو الفيديو أنّ بوتين يقول فيه "لقد تمكنّا من التوصل إلى سلام مع أوكرانيا"، كما أعلن أنّ شبه جزيرة القرم هي جمهورية داخل أوكرانيا. وكتب صاحب التغريدة التي نشرت المقطع باللغة الأوكرانية "أعلن رئيس الاتحاد الروسي استسلام روسيا. أيها الجندي الروسي، ألقِ أسلحتك وعد إلى المنزل وأنت على قيد الحياة".
وقد تراجع صاحب التغريدة عن نشر المقطع، بقوله " أخطأت ولكنها لعبة الحرب".
وذكرت وكالة رويترز للأنباء أنّ اللقطات المستخدمة في الفيديو المنشور، تطابق مقطعًا مصورًا لبوتين وهو يتحدث عن الوضع في أوكرانيا قبل الغزو.
يُذكر أنّ الزيف العميق، تقنية يعتمد صانعوها على تقنية ذكاء اصطناعيّ اسمها GANS، تقوم على إنشاء شبكتين عصبيتين اصطناعيتين؛ الأولى تستقبل بياناتٍ ومعلوماتٍ عشوائيةٍ لصورٍ أو مقاطع فيديو لشخصٍ ما، وتُنتِج اعتمادًا عليها محتوًى بصريًا مزيّفًا عنه.
وهنا تأتي وظيفة الشبكة العصبيّة الاصطناعية الثانية، بإعادة إنتاج النسخة المزيفة التي ولّدتها الشبكة الأولى، لكنْ بعد تدقيقها وتحسين جودتها ومعالجة العيوب فيها، وفي النهاية يكون هناك مقطع فيديو يصعب الحكم على محتواه إن كان حقيقيًا أم مزيفًا.
المصادر: