يُقال إنّه من غير الممكن معرفة أصل ألعاب رياضية كثيرة في العالم، ويُقال بأنَّه كانَ هناك ستّ ألعابٍ على الأقل استعملت فيها الكرة، قبل ولادة كرة القدم.
وفي السياق، فمن الصعب تحديد تاريخ نشأة الأخبار المزيّفة والمضللة والكاذبة، وغيرها تلك التي تتلاعب وتخدع عقول المجموعات والأفراد، وكما أنَّ الفيفا تقول بأنَّ التاريخ الحديث لرياضة كرة القدم على سبيل المثال بدأ في بريطانيا عام 1863، فإنَّ مصطلح الأخبار المضللة نضج في عالم السياسة، تحديدًا في الانتخابات الأميركية التي أجريت عام 2016.
ولحداثة المصطلح، تركّزت الجهود البحثية على المنحى الذي يغطي السياسة بشكل أساسي، دون غيره من المجالات، لكن طفرة تكنولوجيا الإعلام في العقد الأخير، أتاحت للأخبار المزيفة والكاذبة الانتشار في جميع الفضاءات: السياسية والعلمية والرياضية.
ولأنه من المعروف أنّ الأخبار المزيفة عادةً تنتشر أسرع من الأخبار الحقيقية، صار لزامًا تحديد وتصنيف الأخبار المزيفة، ولأننا نعيش أجواء مونديال كأس العالم في كرة القدم-الرياضة الأكثر شهرة في العالم- لا بدّ من الحديث عن هذه التصنيفات في المعلومات الرياضية.
عالم الرياضة: عالم لا ينجو من التزييف
على الرغم من تحرير الأفراد من التواصل أحادي الجانب، الذي يتمثل بسلطة الوسائل الإعلامية الرسمية التي قد يهدف بعضها إلى التلاعب بعقول الجمهور لبسط سيطرة السلطة السياسية وأيديولوجيتها، إلّا أنَّ هذا التحرير أدى في كثير من الحالات إلى خلق تقنيات وأساليب جديدة لتزييف الحقائق. كتقنية التزييف العميق، التي تقوم بإجراء تعديل رقمي على وجه الشّخص أو جسده لجعله شبيهًا بشخص آخر، وغالبًا ما يكون شخصًا مشهورًا، عبر الاستعانة بالذكاء الاصطناعيّ، واختلاق مقاطع مزيفة، وعادة ما تنتشر هذه المقاطع بشكل جنوني وسريع على مواقع التواصل الاجتماعيّ، ولا يقتصر ذلك على السياسة، إنما أيضا في عالم الرياضة. مثل مقاطع فيديو خاصة بالأهداف التي لم يتمّ تسجيلها في الواقع، أو إحصائيات ورسوم بيانية وصور مفبركة.
كذلك يمكن الحديث عن الإشاعات والأكاذيب التي تنتقل يوميًا على منصات الشبكة العنكبوتية، والتي تخصّ نجوم ومشاهير عالم الرياضة وهي كثيرة ولا تُحصى.
ومن أجل تصنيف الأخبار المزيفة في الرياضة، يمكن الاعتماد على أنواع الأخبار الكاذبة المستمدة من مسح أجرته المفوضية الأوروبية في حقل التربية الإعلامية عام 2021.
نبدأ الحديث عن العناوين المثيرة والحسّاسة، Sensational headlines، التي يتمّ ابتداعها بهدف تضليل الجمهور. وكما في عالم السياسة، أيضًا في عالم الرياضة تُستخدم هذه الأساليب بغرض جذب الانتباه. فالكثير من المستخدمين يقرؤون العناوين الرئيسية للخبر، والتي يمكن أن تثير ضبابية وعدم وضوح لدى الجمهور المتابع، وعادة ما تتضمن هذه العناوين عبارات مثل “لا يُصدّق أو مرعب.. أو صادم" أو تستعين بالرياضيين المشهورين لإثارة البلبلة والانتباه.
ومثال ذلك، ما حصل مع رئيسة مجلس إدارة اللجنة الأولمبية البلغارية، ستيفكا كوستدينوفا، التي وقعت ضحية الصحافة بعنوان مضلل حول دخولها إلى المستشفى أثناء إجازتها لإجراء عملية طارئة في اليونان مع عائلتها، والنتيجة كانت تلقيها مكالمات هاتفية كثيفة.
إضافة لذلك، قد يلجأ المضللون إلى تزييف "المحتوى الدعائي"، المخصص للترويج عن شيء ما.
والرياضة هي مادّة خصبة لجني المال والأرباح، على حساب عقول العملاء، الذين يقعون في فخّ هذه الدعايات المضللة. فقد انتشرت سابقًا أخبار في الولايات المتحدة الأميركية بأنَّ مايكل جوردان لاعب كرة السلة المشهور، راهن بكل أمواله، وقد اكتشف لاحقًا بأنًّ هذا الخبر استخدم ببساطة للإعلان عن موقع مراهنة ولا صحّة له.
كما أنه من الممكن استخدام أسماء علامات تجارية مشهورة ورياضيين وفرق بهدف جمع "تبرعات" دون علمهم بذلك، وهذا الاحتيال ظاهرة شائعة جدًا على مواقع التواصل الاجتماعيّ.
وقد تعود الإشاعات والمعلومات والآراء المضللة التي تنشر، بالضرر على اللاعبين وقد تسبب الخلاف داخل الفريق الواحد، وتعطلّ المناخ الجماعيّ وتزعج سير العمل في الفريق.
وبُعيد استحواذ إيلون ماسك على شركة التواصل الاجتماعي تويتر، وإقراره لخيار الحصول على علامة التوثيق الزرقاء مقابل رسوم شهرية قيمتها ثمانية دولارات، ما ساهم في انتشار المزيد من المعلومات المضللة في حقل الرياضة، إذ انتحل حساب، شخصية لاعب كرة السلة ليبرون جيمس، وطلب صفقة تجارية من فريق ليكرز.
التحقق من الأخبار الرياضية المزيفة
من الضروري، ومع فعاليات بطولة كأس العالم لهذا العام الانتباه جيدًا لكلّ الأخبار الرياضية التي قد تكون مضللة أو مزيفة أو ساخرة حتى، والـتأكد أولًا من مصدر الخبر، وتحديد نوعه سواء كان من مواقع إخبارية أو من مواقع التواصل الاجتماعي، ثم إذا كان موثوقا أم لا. كما من الضروري الانتباه لكاتب المقال وللموقع الذي نُشرت فيه الأخبار، للتأكد من صحتها.
أمّا على صعيد محتوى الخبر فمن الضروري الانتباه إلى كيفية صياغته، ومن وجود عبارات ركيكة وأخطاء إملائية والذي يشير غالبًا إلى عدم صحة الخبر.
كذلك من الضروري التأكد من صحة الصور، ومقاطع الفيديو قبل إعادة تداولها ونشرها على مواقع التواصل. ومن المهم أخيرًا الانتباه إلى تاريخ المنشور، والتساؤل عن سبب نشر الخبر، والغرض منه.
المصادر
-MC
- MARCA
-كتاب أغرب الحكايات في تاريخ المونديال
-الورقة البحثية: RECOGNITION OF FAKE NEWS IN SPORTS