` `

هل تمثال الملك السومري المعروض في متحف اللوفر في أبو ظبي مسروق من اليمن؟

هيثم جودية هيثم جودية
ثقافة وفن
15 يناير 2023
هل تمثال الملك السومري المعروض في متحف اللوفر في أبو ظبي مسروق من اليمن؟
التمثال ملك لمتحف اللوفر الفرنسي وقد استعاره لوفر أبو ظبي (Getty)

تتداول صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، حديثًا، صورة تجمع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته، مرفقة بادّعاء مفاده أنهم يقفون أمام قطعة أثرية عمرها آلاف السنوات سرقتها الإمارات من اليمن، وعرضتها في متحف اللوفر في مدينة أبو ظبي.

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية

الصورة لتمثال الملك جوديا السومري

بالبحث تبين أنّ الصورة التقطت يوم الثامن من نوفمبر/الثاني عام 2017، عند افتتاح متحف اللوفر في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، بمشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

صورة متعلقة توضيحية

كما تبين أنّ القطعة الأثرية في الصورة هي تمثال للملك السومري جوديا (كوديا)، وهو أحد الحكام في بلاد ما بين النهرين وتحديدًا في دولة لكش، في أواخر الألف الثالثة قبل الميلاد.

ويعدّ التمثال من مجموعة الآثار الشرقية التي يقتنيها متحف اللوفر في باريس، وليس مسروقًا من اليمن خلال فترة الحرب كما ورد في الادّعاء، إنّما تعود ملكيته إلى الدولة الفرنسية.

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية

تمثال الملك جوديا هو حاليًا ملك للدولة الفرنسية

ويشير متحف اللوفر الفرنسي في بطاقة الوصف الخاصة بالتمثال، والمنشورة على موقعه الإلكتروني، إلى أنه اكتُشف في منطقة تلو (جيرسو)، وهي مدينة سومرية قديمة وموقع أثري، يقع على بعد 25 كيلومترًا شمال غربي لكش في محافظة ذي قار جنوبي العراق.

وحدّدت بطاقة الوصف تاريخ صناعة التمثال ما بين 2120- 2110 قبل الميلاد، مشيرةً إلى أنّ فرنسا اشترت هذه القطعة الأثرية عام 1953، وهي مملوكة للدولة الفرنسية. يُذكر أنّ التمثال كان معروضًا في قسم الآثار الشرقية، وإنّ موقعه الحالي هو متحف اللوفر في مدينة أبو ظبي.

هذا ويبلغ ارتفاع تمثال الملك جوديا 107 سنتيمترًا، وعرضه 36.5 سنتيمترًا، أما السماكة فهي 25 سنتيمترًا.

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية

المتحف العراقي ينشر صورة للملك جوديا

ونشر المتحف العراقي على حسابه في موقع فيسبوك يوم 12 نوفمبر 2017، صورة لتمثال الملك جوديا، وأوضح المتحف أنّ التمثال يصور الملك في وضعية الصلاة مرتديًا قبعة ملكية وأنّ يديه متشابكتان على مستوى الخصر.

صورة متعلقة توضيحية

وهذا ليس التمثال الوحيد للملك جوديا في متحف اللوفر الفرنسي، إذ نشر المتحف صورًا لتماثيل للملك وهو جالس، بالإضافة إلى صورةٍ له بوضعية الوقوف مع وجود كتابات باللغة المسمارية على كل من التمثالين.

صورة متعلقة توضيحية
صورة متعلقة توضيحية

آثار عراقية في متحف اللوفر

بالإضافة إلى تماثيل جوديا، يحتوي اللوفر على العديد من اللقى والألواح والتماثيل العراقية من سومر ومدينة أكاد، وتوجد فيه مسلة النصر التي أقامها نرام سين ملك أكاد للاحتفال بالنصر على البرابرة.

ومن المحتويات ألواح آشورية تضم جزءًا من مسلة حمورابي التي تعدّ أحد أهم الآثار القانونية في العالم، ويبلغ ارتفاعها 2.25 مترًا.

كما تُعرض في اللوفر لوحة جدارية تعود إلى القرن 18 قبل الميلاد، لتنصيب زمري ليم، وتمثال أبيه إيل، الذي يعود إلى القرن 25 قبل الميلاد، وعثر عليه في مملكة ماري القديمة، فضلًا عن قطع نفيسة عليها نقوش مسمارية.

كما يحتوي اللوفر على مسلة سرجون الأكادي، وتماثيل وكنوز الملك البابلي نبوخذ نصر، وتمثال آلهة عشتار المزين بالذهب والياقوت ذي الرخام الأبيض، والثيران المجنحة للآشوريين، وكذلك فيه أوان متعددة من شتى العصور ومنها العصر الإسلامي، ومعظم الآثار العراقية موجودة في قاعة مخصصة لها في اللوفر.

صورة متعلقة توضيحية

تهريب الآثار العراقية بدءًا من القرن التاسع عشر

وتذكر مصادر تاريخية عدّة أنّ فرنسا استطاعت الاستحواذ على قطع أثرية لافتة في العراق، خاصة في الفترة التي كان فيها العالم الفرنسي باول أميل بووتا، قنصلًا لبلاده في الموصل، إذ تمكّن من شحن تلك الآثار إلى البصرة ونقلها بالبواخر إلى بلاده. 

واشتهر بووتا بعثوره على مجموعة قيّمة من الآثار لمدينة نينوى القديمة عاصمة الأشوريين، عامي 1843 و1844، ومنها الثورين المجنحين الموجودين في المتحف البريطاني، واللذين تم تسليمهما إلى الباحث الإنكليزي لايارد.

كما أنّ نائب القنصل الفرنسي في ولاية البصرة وعالم الآثار إرنست دو سارزيك تمكّن من اكتشاف مواقع هامة تعود إلى الحضارة السومرية، بعد حصوله في  عام 1877 على الموافقة لإجراء التنقيب من الوالي ناصر باشا زعيم عرب المنتفق. لينقل جزءًا مما اكتشفه إلى باريس.

اتهامات لمتحف اللوفر في أبو ظبي بعرض آثار مسروقة 

بعدما عرض متحف اللوفر في أبو ظبي مقتنيات أثرية عراقية عند افتتاحه، أشار البعض إلى أن هذه الآثار سُرقت وبعضها  فُقد بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وهناك من طالب بتشكيل لجنة لاسترجاع هذه الآثار.

فيما قال مسؤول بمكتب رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي إنّ "بغداد لا يمكن أن تجزم بأن القطع الأثرية العراقية الموجودة في متحف اللوفر أبو ظبي، هي نفسها التي سرقت من العراق أو أنّها مستنسخة على طريقة المتاحف الجديدة بالمنطقة، كجانب توضيحي لحقب زمنية موغلة بالقدم، وهناك احتمال آخر أنهم استعاروها من باريس".

متحف اللوفر في أبو ظبي

استغرق بناء متحف اللوفر في مدينة أبو ظبي نحو عشر سنوات، ويضم نحو 600 قطعة دائمة العرض، بالإضافة إلى 300 قطعة أخرى تنص الاتفاقية بين اللوفر في باريس وأبو ظبي على عرضها لفترة مؤقتة بغرض الاستعارة.

وأعلنت الإمارات وفرنسا تفاصيل المشروع في عام 2007، وكان من المقرر الانتهاء منه وافتتاحه في عام 2012، إلا أن تأخر البناء وتجهيز الانشاءات بسبب ارتفاع أسعار النفط وقتها، أجّل افتتاحه قرابة خمسة أعوام.

 

المصادر:

Heritage

Archeologie

Britannica

Getty images

Louvre

Oust France

Fanack

المتحف العراقي

الجزيرة

القدس العربي

العربي الجديد

بي بي سي عربية

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة