عبر الرئيس التونسي قيس سعيّد عن رفضه تدخل جهات خارجية في الشأن المحلي التونسي، عقب البيانات وردود الفعل الدولية التي صدرت على خلفية اعتقال رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي.
واعتقلت قوة أمنية تونسية رئيس حركة النهضة والبرلمان التونسي المنحل راشد الغنوشي، بتاريخ 17 إبريل/نيسان الجاري، على خلفية تصريحات أدلى بها خلال مداخلة له في اجتماع سياسي لجبهة الخلاص الوطني (المعارضة) حذر فيها من أنّ إقصاء أي مكون سياسي في البلاد هو مشروع حرب أهلية.
الرئيس التونسي يرفض التدخل في شؤون بلاده
استنكر الرئيس التونسي قيس سعيّد انزعاج عدد من العواصم أو الجهات الخارجية تجاه القرارات الداخلية في البلاد.
وقال خلال إشرافه على جلسة عمل حول الاستشارة الوطنية المتعلقة بإصلاح التربية والتعليم، بتاريخ 20 إبريل الجاري، "لماذا أوّلا يعبرون عن انزعاجهم؟ والحال يتعلق بالدعوة إلى حرب أهلية، وتم تطبيق القانون من قبل قضاة شرفاء".
وزاد "هل تم اعتقال شخص من أجل رأي أبداه، أو من موقف اتخذه؟".
وتساءل الرئيس التونسي "ما معنى أن يعربوا عن انزعاجهم؟ لماذا لم ينزعجوا يوم تم ذبح 13 جنديًّا في شهر رمضان عند الإفطار؟ مضيفًا "في ذلك الوقت لم ينزعجوا".
وزاد "لماذا لم ينزعجوا بنفس هذه الدرجة من الانزعاج بعد تفجير حافلة الأمن الرئاسي؟، مؤكدًا "لم ينزعجوا".
مقارنة التفاعل الدولي من اعتقال الغنوشي والعمليات الإرهابية
عاد "مسبار" إلى أبرز الردود الدولية حول اعتقال الغنوشي، ليتحقق من خلالها إن كانت قد عبرت عن انزعاجها من العمليتين الإرهابيتين التين ذكرهما الرئيس التونسي أم لا، ووجد أنّ تصريح الرئيس التونسي مضلل وغير دقيق، إذ إنّ الأطراف الدولية التي عبرت عن رأيها من اعتقال راشد الغنوشي، كانت قد أدانت العمليات الإرهابية التي ذكرها مسبقًا.
يُشار إلى أنّ العملية الأولى التي ذكرها الرئيس التونسي تعود إلى 16 يوليو/تموز 2014، قُتل فيها 15عسكريًّا تونسيًّا في هجوم إرهابي نفذته كتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة، في نقطتي مراقبة تابعتين للجيش التونسي في جبل الشعانبي، على الحدود التونسية -الجزائرية. وقد عرفت تونس هجومًا إرهابيًّا مشابهًا في جبل الشعانبي أدى إلى مقتل ثمانية جنود وتشويه جثثهم من قبل الإرهابيين عام 2013.
أما العملية الثانية فوقعت يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015، قُتل فيها 12 أمنيَا في تفجير انتحاري لحافلة تابعة للحرس الرئاسي في العاصمة تونس.
الموقف التركي
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حوار له مع قناة تي آر تي يوم 18 إبريل الجاري “الإدارة الحالية في تونس أوقفت أخي الغنوشي. لم نتمكن بعد من التواصل مع السلطات في تونس عبر الهاتف لكننا سنواصل محاولة الوصول إليهم”.
وأضاف "وفي حال تمكنا من الحديث معهم، سنخبرهم بأننا لا نرى هذا مناسبًا".
وبالبحث حول تفاعل السلطات التركية مع العملية الإرهابية التي أودت بحياة الجنود التونسيين تبين أنّ وزارة الخارجية التركية، ندّدت بالهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة 14 عسكريّا، حينها، وأصاب آخرين بجروج.
وفي بيانها حول العملية الإرهابية التي استهدفت حافلة الأمن الرئاسي قالت الخارجية التركية "ندين بشدة التفجير الذي استهدف حافلة تقل الأمن الرئاسة التونسي".
وأضافت "رحم الله من فقدوا أرواحهم في هذا الهجوم الإرهابي الشنيع، ونعبر عن تعازينا لأسرهم وللشعب التونسي الشقيق". واعتبرت أنه “في هذه الفترة الحرجة عندما يبني الشعب التونسي أسس تونس الديمقراطية والحرة والمزدهرة، لدينا ثقة كاملة في أنه سيقضي على التهديد الإرهابي”.
وأكدت أنّ تركيا ستواصل دعم تونس في كل مجال تحتاجه.
موقف الاتحاد الأوروبي
قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، يوم 18 إبريل الجاري، إن الاتحاد" يتابع بقلق بالغ آخر المستجدات في تونس، خاصة إيقاف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الليلة الفائتة والمعلومات المتعلقة بإغلاق مقر الحزب في تونس". واعتبر أنّه يُضاف إلى سلسلة من الاعتقالات التي شملت المعارضة السياسية في البلاد.
وبالعودة إلى بيانات الاتحاد الأوروبي في علاقة بالعمليات الإرهابية، وجد "مسبار" أنّه بعد عملية حافلة الأمن الرئاسي، أعربت الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية فريدريكا موغريني، عن “تضامن الاتحاد الأوروبي الكامل مع السلطات والشعب التونسيين” وعن خالص التعازي لأسر الضحايا.
وقالت إنّ الاتحاد الأوروبي "يقف إلى جانب تونس أكثر من أي وقت مضى". موضحة أنّه "منذ هجمات باردو وسوسة، قمنا بتعزيز تعاوننا في مكافحة الإرهاب، وزيادة دعمنا لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها البلد".
وأكدت أنّ الاتحاد "لن يدخر أي جهد لضمان نجاح الانتقال الديمقراطي الذي يطمح إليه التونسيون".
موقف الولايات المتحدة الأميركية
قال مكتب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، بتاريخ 19 إبريل الجاري، إنّ "إيقاف الرئيس السابق لمجلس نواب الشعب راشد الغنوشي وإغلاق مقر حزب النهضة وحظر اجتماعات بعض الجماعات المعارضة – وإيحاء الحكومة التونسية بأن هذه الإجراءات تستند إلى تصريحات علنية – هي إجراءات تمثل تصعيدًا مقلقًا من قبل الحكومة التونسية ضد من تتصورهم خصومها".
وبالعودة إلى حادثة عام 2014، اتضح أنّ الولايات المتحدة أدانت "بشدة" الهجوم الإرهابي الذي وقع بالقرب من ولاية القصرين في تونس والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 14 جنديًّا تونسيًّا".
وأوضحت الخارجية أنّ الولايات المتحدة ستستمر في دعم جهود الحكومة التونسية لمكافحة تهديد الإرهاب، لأنّها "تدرك أنه فقط في بيئة آمنة ومستقرة، ستكون تونس الديمقراطية قادرة على المضي قدمًا في الاتجاه الإيجابي".
كما أدانت الولايات المتحدة "بشدة" الهجوم الإرهابي الذي استهدف حافلة تقل عناصرًا من الأمن الرئاسي في تونس.
وذكر بيان الخارجية أنّ الولايات المتحدة "قدمت المساعدة في التحقيق الذي تجريه السلطات التونسية". وأكدت "مواصلة دعمها للشعب التونسي في سعيهم لبناء مستقبل ديمقراطي وازدهار لبلادهم".
موقف الحكومة الألمانية
أعربت الحكومة الألمانية عن "قلقها البالغ حيال التطورات السياسية الداخلية في تونس". وقال نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية فولفغانغ بوشنر في برلين يوم 19 إبريل الجاري، إن "القبض على السياسي المعارض راشد الغنوشي جزء من سلسلة مثيرة للقلق من اعتقالات لممثلين عن المعارضة التونسية وصحفيات وناشطين في هذا العام".
وبالبحث وجد "مسبار" أن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أدان الهجوم على حافلة الأمن الرئاسي في تونس عام 2015.
وقال شتايمناير في بيان له "هذا الهجوم ضد أفراد من قوات الأمن التونسية هو هجوم جديد على استقرار المجتمع التونسي ودستوره الديمقراطي".
وأضاف "نحن نقف إلى جانب الشعب التونسي ونفكر في أسر العديد من الضحايا، هذا يعزز إصرارنا على دعم استقرار تونس وأمنها بكل الوسائل الممكنة".
موقف المملكة المتحدة
قال وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المملكة المتحدة، لورد أحمد، في تغريدة له نشرها في حسابه على موقع تويتر بتاريخ 18 إبريل الجاري، إنّ "الاعتقالات في تونس، بما فيها اعتقال راشد الغنوشي، والقيود المفروضة على المعارضة الشرعية تقوض مساحة التعددية السياسية في البلاد".
وتحقق “مسبار” من الموقف البريطاني من العمليات الإرهابية التي ذكرها سعيّد، ووجد أنّ لندن أدانت الهجوم الإرهابي على عناصر من الجيش التونسي عام 2014، على لسان وزير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا توباياس إلوود.
وقال الوزير البريطاني حينها، "صُدمت وحزنت لسماع نبأ سقوط قتلى وجرحى بين قوات الأمن التونسية في منطقة جبل الشعانبي... "أدين هذا الاعتداء الجبان وأؤكد صمود المملكة المتحدة إلى جانب الحكومة التونسية والشعب التونسي في مكافحتهم للإرهاب".
وفي عام 2015، أدانت المملكة المتحدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي بتونس العاصمة.
وفي بيان نشرته سفارة المملكة في تونس، أدان رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كامرون الاعتداء.
وأكد فيليب هامند وزير الخارجية البريطاني، "وقوف بريطانيا إلى جانب تونس ودعم قواتها الأمنية التي تكافح الإرهاب".
اقرأ/ي أيضًا
انتقائية وتضليل: أبرز الادعاءات التي رافقت اعتقال راشد الغنوشي
ما حقيقة اكتشاف حقول نفط وغاز في البحر بين تونس وليبيا؟
المصادر