إعداد: أشرف جهاد وخلود رضا.
بدأت الاشتباكات بين الجيش السوادني وقوات الدعم السريع يوم السبت 15 إبريل/نيسان الجاري، وسط اتهام كلّ طرف للآخر ببدء الهجوم على مقار تابعة للطرف الآخر.
وفي ليلة الاثنين 17 إبريل، تضاربت الأنباء حول حقيقة ما يدور في مطار مروي، إذ انتشرت أخبار من طرفي الصراع تفيد بالسيطرة على المطار، وبات وسم مطار مروي على منصة تويتر من أهم مصادر الأخبار لمتابعي الشأن السوداني. ولكن، ما إن تجاوزت الساعة الواحدة والنصف صباحًا حتى تصدرت نتائج البحث على الوسم تغريدات بصيغة "منى زكي تحتفل بالعيد السبت في الخرطوم برفقة المتحدث العسكري قبل مغادرتهما إلى مطار مروي في السودان".
وسم مطار مروي
محتوى هذه التغريدة غزى الوسم خلال وقت قصير، إذ غردت مئات الحسابات الرسالة نفسها بصياغات مختلفة ووصل معدّل النشر خلال الساعات الأولى إلى أكثر من 10 تغريدات في الدقيقة، الأمر الذي صعّب على متابعي الوسم الوصول إلى أي أخبار متعلقة بالاشتباكات.
لم تتوقف هذه التغريدات المتشابهة عن الانتشار طوال الليلة، ورصد "مسبار" استمرارها حتى الساعة الثامنة صباحًا من يوم الاثنين.
ولكن، هل كان هذا التفاعل حقيقيًا أم تقوده حسابات وهمية؟
حلّل "مسبار" نحو 50 حسابًا نشر تلك التغريدات، ووجد مؤشرات تدلّ على أنّ التفاعل على وسم مطار مروي قادته روبوتات آلية وليست حسابات لأشخاص حقيقيين.
وروبوتات تويتر هي حسابات آلية تغرّد وتتابع المستخدمين وتعيد نشر التغريدات، ويمكن استخدامها لأغراض تجارية للترويج لمنتج أو خدمة، كما يجري استخدامها لنشر حملات مضللة (بروباغندا).
وتقدّر منصة تويتر نسبة الحسابات الآلية بأقل من 5% من إجمالي عدد مستخدميها، ويُسمح بوجودها بشرط إفصاح الحساب بأنه آلي، وهو شرط لم يتوفر في أي من الحسابات التي تم تحليلها.
حسابات بنشاط مشبوه تقود التفاعل على وسم مطار مروي
وجد "مسبار" أنّ 24 حسابًا من التي جرى تحليلها، لم تنشر سوى التغريدة الدوّارة، ولم تغرّد قبلها بأي شيء. كذلك، لم ينشط 15 حسابًا منذ عشر سنوات. وتراوح عدد تغريدات هذه الحسابات بين تغريدة إلى ثلاث تغريدات كأقصى حد. فيما تضمن 11 حسابًا أكثر من ثلاث تغريدات، لكنّ أي منها لم يهتم بالشأن السوداني قبل ذلك.
تغريدات بلا معنى تستخدم وسم مطار مروي
تضمّنت تغريدات عدة أخطاء بالصياغة وتبديلات في مواقع الكلمات، جعلت التغريدة تبدو بلا معنى أو بمعنى مشوه.
وتلجأ الحسابات الآلية إلى إعادة إنتاج التغريدة بصيغ مختلفة، في محاولة للتهرب من اعتبارها محتوى مزعجًا (Spam) من قبل منصة تويتر لكي تتجنب تعليق نشاطها. إلا أنّ اختلاف الصياغة في هذه الحالة أدى إلى إنتاج محتوى غير مفهوم.
معايير المحتوى المزعج على تويتر
وبالرجوع إلى معايير المحتوى المزعج (Spam) في منصة تويتر، وجد “مسبار” أنّ التغريدات المكررة والمتشابهة، تصنّف على أنها تغريدات غير مرغوب بها، وتعدّها المنصة شكلًا من أشكال التلاعب بالمستخدمين يهدف إلى التأثير سلبًا على تجربتهم على المنصة.
تغريدات عن مطار مروي بلغات مختلفة وبالكلمات المفتاحية نفسها
اعتمدت الحسابات اللغة العربية كلغة رئيسة في نشر التغريدة، إلا أنه وخلال البحث تبيّن أنّ حسابات تنشر باللغة الإنجليزية، نشرت مضمون التغريدة الدوارة نفسها ولكن أبقت على الكلمات المفتاحية باللغة العربية.
وأظهرت مراجعة الحسابات المشاركة في نشر التغريدة الدوارة أنّ حسابًا واحدًا فقط استخدم اللغة العربية في تدوينات سابقة. في حين أنّ بقية هذه الحسابات (24 حسابًا)، إما لم تغرّد من قبل، أو أنها لم تغرّد بالعربية سابقًا (25 حسابًا).
ومن الجدير بالذكر، أنّ الحسابات التي استخدمت لغات أخرى تضمنت أيضًا أخطاء واضحة في الكتابة أو الصياغة، كما هو موضح بالصورة أدناه. فيما اكتفى حسابٌ بين تلك الحسابات بتغريدة "Hiii" منذ عام 2012.
تحليل أداة بوتوميتر (Botometer)
استعان “مسبار” بأداة بوتوميتر والتي تستخدم لفحص صدقية الحسابات، فهي تصنّفها كحسابات حقيقية أو آلية بناءً على تحليل نشاطها، وتم تأكيد النتيجة بأنّ الحسابات التي حللها “مسبار” هي حسابات آلية ولا تعود لأشخاص حقيقيين. وانحصرت درجات الحسابات بين 3 و5 درجات. وتشير درجة 1 إلى أنّ الحساب حقيقي، أما درجة 5 فتعني أنه آلي.
استخدام كلمات مفتاحية غير ذات صلة بمطار مروي
ولاحظ “مسبار” أنّ الحسابات الوهمية أرفقت التغريدة الدوارة بكلمات مفتاحية مرتبطة وغير مرتبطة بالأحداث، لزيادة فرص وصول التغريدات لمتابعي تويتر، وزيادة التفاعل مع الحسابات. وتنوعت هذه الكلمات المفتاحية بين كلمات ذات دلالات عسكرية ودينية وفنية.
ولاقت هذه الكلمات المفتاحية رواجًا في مواقع التواصل يوم نشر التغريدات نتيجة الاهتمام بالأحداث الأخيرة في السودان، وترقّب ليلة القدر ومتابعة مسلسلات رمضان.
مطار مروي السوداني وبداية انتشار الوسم
لاحظ “مسبار” أنّ التغريدات الدوارة انتشرت بين الواحدة والنصف والثامنة من صباح يوم الاثنين 17 إبريل.
رجوعًا إلى مساء يوم 16 إبريل، أعلن الجيش السوداني استعادة السيطرة على مطار مروي، وبدأت حسابات مؤيدة للجيش السوداني بتداول أخبار عن الحدث. ولكن سرعان ما تجددت الاشتباكات في محاولة من قوات الدعم السريع لاستعادة المطار.
طوال هذه الفترة، نشطت الحسابات الآلية بنشر التغريدة الدوارة على وسم مطار مروي، مع تضمينها الكلمات المفتاحية المتصدرة للبحث في منصة تويتر آنذاك.
وتوقفت التغريدات الدوارة نحو الساعة الثامنة صباحًا يوم الاثنين 17 إبريل، أي قبل ساعتين من إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مطار مروي.
وهكذا انتشر الوسم والتغريدات الدوّارة حول مطار مروي، وترافق مع المعارك الدائرة حول المطار بين الجيش وقوات الدعم السريع، وانتهى رواجه مع إعلان قوات الدعم السريع حسم المعركة والسيطرة عليه.
المصادر
اقرأ/ي أيضًا
أخبار مضللة حول احتجاز جنود مصريين في السودان خلال الاشتباكات الأخيرة