` `

هل ضللت المعارضة التركية الرأي العام تجاه أعداد اللاجئين؟

إسلام عزيز إسلام عزيز
سياسة
19 مايو 2023
هل ضللت المعارضة التركية الرأي العام تجاه أعداد اللاجئين؟
جاءت ادعاءات كليجدار أوغلو حول اللاجئين قبل الجولة الثانية (تويتر)

منذ أشهر وقبل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية الأخيرة التي جرت يوم 14 مايو/أيار الجاري، وأسفرت نتيجتها عن التوجه لإجراء جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية في 28 مايو الجاري، بين الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان مرشح تحالف الشعب، وكمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري ومرشح تحالف الأمة المعارض، لعدم حصول أي مرشح على أكثر من 50% من الأصوات.

وكانت قضية اللاجئين في تركيا وخاصةً السوريين، أحد الملفات الرئيسية الحاضرة بقوة في الحملات الدعائية للانتخابات، وتُنسب لأحزاب من المعارضة محاولة كسب الأصوات الرافضة لوجود اللاجئين على الأراضي التركية من خلال التأكيد في برامجهم على عودة اللاجئين إذا تسلمت هذه الأحزاب أو التحالفات الحكم، وعلى رأسها تحالف الأمة المعارض الذي تحدث مرارًا عن هذه القضية، وتحالف الأجداد "أتا" الذي رشح سنان أوغان في الانتخابات الرئاسية.

كليجدار أوغلو يدعي وجود 10 ملايين لاجئ غير نظامي في تركيا 

خرج المرشح الرئاسي كمال كليجدار أوغلو، في مقطع فيديو مصور نشره في حسابه على موقع تويتر، يوم الأربعاء 17 مايو الجاري، ودعا فيه أنصاره للذهاب إلى صناديق الاقتراع للتصويت له في الجولة الثانية، وفتح ملف اللاجئين مرة أخرى، واتهم الرئيس رجب طيب أردوغان بأنه سمح بدخول 10 ملايين لاجئ بطريقة غير شرعية.

وقال كليجدار أوغلو في كلمته "فليسمعني الجميع، لم نجد هذا الوطن في الشارع، ولن نتركه للعقلية التي جلبت 10 ملايين لاجئ غير نظامي.. حدودنا هي شرفنا". مؤكدًا أنه لن يترك البلاد للعقلية التي "تشاهد اللاجئين يعبرون الحدود كل يوم دون أن تحرك ساكنًا طمعًا في الأصوات المستوردة". وأضاف أوغلو "اليوم 10 ملايين لاجئ، وغدًا يصبحون 30 مليونًا".

ما هي أعداد اللاجئين في تركيا وحقيقة ادعاء كليجدار أوغلو؟ 

بحسب الأرقام الرسمية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن تركيا تستضيف نحو 3.7 مليون لاجئ، منهم ما يقرب من 3.6 مليون لاجئ سوري، إلى جانب ما يقرب من 320 ألف شخص من جنسيات أخرى.

وأوضحت المفوضية أن تركيا تواصل استضافة أكبر عدد من اللاجئين في جميع أنحاء العالم، حيث وصل عدد الأشخاص النازحين قسرًا في جميع أنحاء العالم بسبب الصراعات والعنف والاضطهاد إلى مستويات قياسية.

صورة متعلقة توضيحية

وبحسب آخر بيانات صدرت عن مديرية إدارة الهجرة التركية في إبريل/نيسان الفائت، فإن عدد السوريين المسجلين تحت وضع الحماية المؤقتة في تركيا انخفض بمقدار 37 ألفًا مقارنة بشهر مارس/آذار الفائت، وأصبح إجمالي العدد الحالي 3 ملايين و411 ألفًا، وعليه انخفض أيضًا عدد المسجلين السوريين بمقدار 125 ألفًا منذ بداية العام الجاري.

صورة متعلقة توضيحية

ويعيش قرابة 63 ألف سوري في مراكز الإيواء المؤقتة، أما النسبة الباقية فتعيش في أغلب المدن التركية، وفقًا لأرقام مديرية الهجرة.

صورة متعلقة توضيحية

وفي لقاء مع قناة الجزيرة مباشر، تحدث وزير الداخلية التركية سليمان صويلو، عن ادّعاء كليجدار أوغلو بوجود 10 ملايين لاجئ غير نظامي في تركيا، ونفى الأمر وأكد أنه كلام لا أساس له من الصحة، موضحًا أن "كليجدار أوغلو لا يعرف شيئًا عن الملف السوري" حسب قوله، مؤكدًا أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا حوالي 3 مليون و400 ألف.

تناقضات خطاب كليجدار أوغلو عن اللاجئين 

لاحظ “مسبار” اختلاف أسلوب كمال كليجدار أوغلو في حديثه الأخير عن اللاجئين، عن تصريحاته السابقة التي أدلى بها قبل الجولة الأولى من الانتخابات، إذ كان يتعهد بترحيل جميع السوريين من بلاده في غضون عامين إذا نجح وتولى السلطة، وكان يصف السوريين بالأشقاء، وأنه سيضمن لهم سلامة أرواحهم.

وفي تجمع جماهيري سابق له في ولاية أضنة جنوبي تركيا، في إطار حملته للانتخابات الرئاسية، قال كليجدار أوغلو "أنا ملتزم بوعدي؛ سوف أودع جميع أشقائنا السوريين إلى بلادهم في غضون عامين كحد أقصى". وأشار إلى أنه سينفذ هذا الوعد دون أن يمارس "أي عنصرية ومن خلال تلبية جميع احتياجات السوريين وضمان سلامة أرواحهم وممتلكاتهم، بتمويل من الاتحاد الأوروبي ومساهمة المقاولين الأتراك".

وفي التجمع الجماهيري نفسه ذكر كليجدار أوغلو عدد السوريين في تركيا الذي أعلنت عنه المؤسسات والحكومة التركية، وأكد أن الأرقام الرسمية تشير إلى وجود 3 ملايين و600 ألف سوري على الأراضي التركية.

وبعد المقطع الذي نشره يوم الأربعاء، عاد كمال كليجدار أوغلو مجددًا للحديث عن اللاجئين، وأعلن في كلمة أمام أعضاء حزبه في مقر حزب الشعب الجمهوري، يوم أمس الخميس، عن إعادة اللاجئين إلى بلادهم بمجرد فوزه في جولة الإعادة، يوم 28 مايو الجاري، وتوليه السلطة، قائلًا "أعلن هنا أنني سأعيد جميع اللاجئين إلى بلادهم بمجرد انتخابي رئيسًا"، وهو حديث يختلف مضمونه زمنيًّا عن خطاباته السابقة خلال حملته الانتخابية قبل الجولة الأولى، والتي أعلن فيها عودة اللاجئين بعد عامين إذا تولى السلطة.

كما تحدث مرة أخرى أيضًا، عن دخول 10 ملايين لاجئ إلى تركيا، وأضاف في كلمته "أردوغان، سمحت عن قصد بدخول 10 ملايين لاجئ إلى تركيا. بل إنك عرضت الجنسية التركية للبيع للحصول على أصوات مستوردة"، دون أن يقدم أدلة واضحة على ذلك.

سنان أوغان وأوميت أوزداغ والقوميين الأتراك الرافضين لوجود اللاجئين 

كانت القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية التركية، تشمل إضافة إلى أردوغان وكيلجدار أوغلو، المرشح عن تحالف الأجداد "أتا" القومي سنان أوغان، والمعارض التركي ورئيس حزب البلد محرم إنجه، الذي أعلن انسحابه لاحقًا من خوض السباق.

وتشير وسائل إعلام تركية وأجنبية إلى أنّ سنان أوغلو له مواقف عنصرية ضد الأجانب واللاجئين ويتفق في ذلك مع زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ الذي تعهد بإعادة اللاجئين لبلادهم "ولو بالقوة"، في حال فوز تحالفه بالانتخابات.

وترشح أوميت أوزداغ رئيس حزب النصر اليميني على مقعد في البرلمان، لكنه فشل في تحقيق ذلك بعد النتيجة المتدنية التي حصل عليها في الانتخابات. إذ لم يصل حزب النصر إلى النسبة التي تخوله دخول البرلمان، وهي 7 في المئة من الأصوات.

وعقب ظهور النتائج، قدم أوزداغ اعتذاره لناخبيه عن الخسارة، وعدم قدرته على ترحيل اللاجئين، وقال في حسابه على موقع تويتر "أعزائي أعضاء حزب النصر، أعتذر لكم جميعًا لعدم قدرتكم على تكريم روح أتاتورك، وقيادتكم للنصر بذكرى تأسيس جمهوريتنا، ونحن نتجه إلى الجولة الثانية".

وأضاف "لا أرى هذه النتيجة على أنها نجاح في بلد فيه 13 مليون لاجئ وهارب، وكان ينبغي الحصول على مزيد من الأصوات، لكن بعد أن أدلينا بأصواتنا، أصبح من الصعب جدًا على هؤلاء الـ13 مليون لاجئ وهارب العودة إلى أوطانهم".

ويعترف أوميت أوزداغ دائمًا بوجود 13 مليون لاجئ ومهاجر في تركيا، وهي أرقام لا تستند على أي مصادر رسمية وتتعارض مع الأعداد الرسمية التي تعلنها الدولة والمنظمات المعنية، كما هو مذكور في الأعلى.

هل يسعى كيلجدار أوغلو إلى كسب أصوات القوميين الأتراك؟ 

حصل سنان أوغان مرشح تحالف الأجداد القومي على نسبة 5.17% من أصوات الانتخابات الرئاسية، ويسعى للتفاوض مع طرفي الإعادة للحصول على بعض المكتسبات مقابل دعوته لأنصاره الذين انتخبوه في الجولة الأولى، بالتصويت لأحدهما في الجولة الثانية.

وأشارت مصادر عدة، أن التغير الذي حدث في خطاب كمال كليجدار أوغلو تجاه اللاجئين بعد انتهاء الجولة الأولى، والحدة الذي أصبح يستخدمها في تصريحاته بخصوص هذا الملف، هو بهدف الحصول على أصوات الأحزاب والحركات القومية التي صوتت لسنان أوغان في الجولة الأولى والرافضين لوجود اللاجئين، وكسبهم في المرحلة الثانية أمام أردوغان.

هل يمكن طرد وترحيل اللاجئين بسهولة كما تتعهد المعارضة التركية؟ 

وفقًا للاتفاقيات الدولية التي ترتبط بها تركيا وتلزمها بحماية اللاجئين، فإنه من الصعب إجرائيًّا تنفيذ تعهدات المعارضة بالترحيل الجماعي لكل اللاجئين في حال وصلوا إلى السلطة.

وحسب الأمم المتحدة، فإن دولة تركيا طرف في اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكول عام 1967، إذ يتصل الوضع القانوني للجوء في تركيا التي تشترط اشتراطات محددة لقبول "اللجوء" القانوني فيها، باتفاقية 1951 التي وقعت عليها وحصرت حق اللجوء الأوروبيين الذين غادروا بلادهم عقب الحرب العالمية الثانية، ثم عُدّلت تلك الاتفاقية ببروتوكول عام 1967 الذي تخلى عن ذلك القيد الجغرافي ليشمل اللاجئين من باقي الدول.

ولكن تركيا لم توقع على الصيغة النهائية لهذا البروتوكول، وأجرت عليه بعض التعديلات التي جعلت من اللجوء إليها من غير دول الاتحاد الأوروبي حقًّا أو وضعًا مؤقتًا أو مشروطًا، يتبعه إما إعادة توطين في بلد ثالث أو عودة طوعية إلى البلد الأصلي أو تغير الأوضاع في البلد الأصلي.

صورة متعلقة توضيحية

وتقوم تركيا بإصلاحات تشريعية ومؤسسية لبناء نظام لجوء يتوافق مع المعايير الدولية، وفقًا للمفوضية السامية. وفي إبريل 2013، أقر البرلمان أول قانون للجوء في تركيا، وهو قانون الأجانب والحماية الدولية، ودخل حيز التنفيذ في 11 إبريل 2014. ويحدد القانون الركائز الأساسية لنظام اللجوء الوطني في تركيا وأنشأت الدولة رئاسة الهجرة باعتبارها الكيان الرئيسي المسؤول عن صنع السياسات والإجراءات لجميع الأجانب واللاجئين في تركيا.

واعتمدت تركيا أيضًا لائحة الحماية المؤقتة في 22 أكتوبر 2014، والتي تحدد الحقوق والالتزامات جنبًا إلى جنب مع الإجراءات لمن منح الحماية المؤقتة في تركيا.

وبالتالي، لا يحمل السوريون في تركيا مثلًا الصفة القانونية التي تفيدها بكلمة "لاجئ"، والتي تفترض مجموعة من الحقوق كالتي تتوفر في حالة لجوء السوريين إلى الدول الأوروبية على سبيل المثال. ولكن يندرجون تحت صفة "الحماية المؤقتة" التي تُمنح للأشخاص الفارين من الظروف السيئة والصراعات في بلدهم، وهم معرضون للخطر في حال أُعيدو إلى بلدهم الأصلي. 

ومعنى الحماية المؤقتة أن لصاحبها الحق في البقاء في تركيا حتى يتم التوصل إلى حل أكثر أمانًا لوضعه، كما له الحماية من العودة القسرية إلى سوريا، وله كذلك التمتع بحقوقه واحتياجاته الأساسية.

صورة متعلقة توضيحية

والجدير بالذكر أن تركيا كانت عضوًا في اللجنة التنفيذية للهيئة الإدارية للمفوضية السامية، منذ إنشائها في عام 1958. وعلى هذا النحو، فقد كانت جزءًا من صياغة استنتاجات اللجنة التنفيذية، ولديها فرصة للتأثير بشكل جوهري على تفسير اتفاقية اللاجئين.

الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التركية ومواعيدها

انتهت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التركية، بعد منافسة قوية بين أردوغان وكيلجدار أوغلو لكن من دون أن ينجح أي مرشح في الحصول على أكثر من 50 في المئة من الأصوات وتأمين ما يكفي للفوز من الجولة الأولى.

ثم بدأت البلاد الاستعداد للجولة الثانية من الانتخابات لحسم السباق الرئاسي المقرر إجراؤها يوم 28 مايو الجاري.

وحصل رجب طيب أردوغان على 49.51 في المئة من أصوات الناخبين، ونال كمال كليجدار أوغلو 44,92​​​​​​​ في المئة، وحاز سنان أوغان على 5.17 في المئة، أمّا محرم إنجه فحصل على 0.44 في المئة.​​​​​​​

وأسفرت الانتخابات البرلمانية على حصول تحالف الشعب على 49.47 في المئة من مقاعد البرلمان، ونال تحالف الأمة على 35.02 في المئة.

المصادر:

Kemal Kılıçdaroğlu

TR99

unhcr

multeciler

euronews

الجزيرة مباشر

وكالة الأناضول

Ümit Özdağ

التلفزيون العربي

إرم نيوز

Kemal Kılıçdaroğlu

bbc

reuters

unhcr

reliefweb

دائرة الهجرة التركية

دائرة الهجرة التركية

fmreview

trtarabi

اقرأ/ي أيضًا

ماذا نعرف حتى الآن عن الفيديو المتداول حول تزوير الانتخابات التركية؟

ما حقيقة الادعاء بأنّ أردوغان صفع طفلًا خلال الإدلاء بصوته في انتخابات تركيا؟

اقرأ أيضاً

الأكثر قراءة