عقب مقتل ثلاثة من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي، وإصابة ضابط برصاص شرطي مصري قُتل أيضًا في إطلاق نار فجر أمس السبت الثالث من يونيو/حزيران، عند معبر العوجة الحدودي، أعلن الجيش المصري أنه يُجري تحقيقًا بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي للوصول إلى حقيقة ما حدث. إثر ذلك انتشرت العديد من المعلومات غير الدقيقة في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
ماذا حدث على الحدود المصرية الإسرائيلية؟
في البداية، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ عنصرًا من قوات الأمن المصري أطلق النار وقتل اثنين من جنوده أثناء قيامهم بتأمين نقطة عسكرية على الحدود المصرية في ساعة مبكرة من صباح يوم السبت، بعد أن نجحت القوات الإسرائيلية في إحباط محاولة تهريب خلال الليل.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنّ تسلسل الأحداث بدأ نحو الساعة الثانية والنصف من صباح يوم السبت، عندما أحبط الجنود الإسرائيليون محاولة كبيرة لتهريب المخدرات عبر الحدود، والتي تضمنت وضع سلالم على طول السياج الحدودي، وأضاف المتحدث ريتشارد هيشت، أنّهم استولوا على شحنة تقدر بنحو 400 ألف دولار.
وعند قرابة الساعة الثامنة صباحًا، عندما فشل الجنود الإسرائيليين المتمركزين في نقطة حدودية في الرد على المكالمات عبر اللاسلكي، ذهب قائد عسكري إلى مكان الحادث وعثر على جثتي جنديين وجندية. وقال الكولونيل إنّ المزيد من الجنود وصلوا لإجراء عمليات تفتيش في المنطقة، وفي فترة الظهر تعقّبوا مشتبهًا به في الأراضي الإسرائيلية. وفي تبادل لاحق لإطلاق النار، قُتل جندي إسرائيلي ثالث، كما كان المشتبه به يرتدي زي حرس الحدود المصري، وأصيب ضابط صف إسرائيلي بجروح طفيفة في الاشتباك.
وأوضح الجيش الإسرائيلي أنه لم يتضح كيف عبر الضابط المصري السياج الحدودي، بينما الجنود يقومون بتفتيش المنطقة، مشيرًا إلى أنّ التحقيق في الحادث يجري بتعاون كامل ووثيق مع الجيش المصري.
في المقابل قال المتحدث باسم الجيش المصري، في بيان، إنّ أحد أفراد القوات الأمنية المكلفة بتأمين الحدود، اخترق السياج الأمني أثناء مطاردة مهربي المخدرات، فجر يوم السبت، وأضاف أنه شارك في تبادل لإطلاق النار أدى إلى مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين، وقُتل فرد من الأمن المصري نفسه. ولم يوضّح البيان المصري الساعات الفاصلة بين محاولة التهريب وعملية إطلاق النار التي تحدّث عنها الجيش الإسرائيلي.
وقدّم الجيش المصري في بيانه "خالص التعازي لأسر القتلى"، مشيرًا أنه اتخذ كافة إجراءات البحث والتفتيش والتأمين للمنطقة، والإجراءات القانونية حيال الواقعة.
بيان للجيش المصري عن حادث الحدود المصرية الإسرائيلية
وبعد ساعات من البيان الأول، نشر المتحدث العسكري المصري، بيان آخر قال فيه إنّ الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي المصري، أجرى اتصالًا هاتفيًّا بوزير الدفاع الإسرائيلي يواف جالانت، لبحث ملابسات الحادث وتقديم واجب العزاء فى ضحايا الحادث من الجانبين والتنسيق المشترك، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلًا. ولم يوضح البيان أيّ معلومات أخرى أيضًا.
تحقيق إسرائيلي عن حادث الحدود المصرية الإسرائيلية
وبينما يستمر التحقيق الميداني بين الجيش المصري والإسرائيلي الذي لم يُعلن عن تفاصيله بعد، أعلنت وسائل إعلامية إسرائيلية اليوم الأحد الرابع من يونيو، عن تفاصيل جديدة للعملية، قالت إنها جاءت ضمن تحقيق جديد، يكشف عن وقائع مختلفة للحادث.
وقال التحقيق إنّ الشرطي المصري نفّذ الهجوم وفق خطة مدروسة جيدًا وعرف المنطقة بحكم عمله كحارس حدود مصري دائم فيها، مضيفًا "كان الشرطي المصري يعرف المنطقة جيدًا، وكان يعرف بالضبط مكان تواجد المقاتلين الذي أطلق عليهم النار، حتى أنه أعدّ مخبأً لنفسه لمواصلة البقاء داخل الأراضي المحتلة لمدة طويلة".
وأضاف التحقيق أنّ الشرطي المصري لم يتسلل من فجوة في السياج الحدودي بل دخل من معبر طوارئ مخصص لمرور القوات إلى الجانب المصري من الحدود عند الحاجة، وموضّحًا أنّه مشى كيلومترات عدة، حتى وصل إلى النقطة التي دخل منها إلى الأراضي المحتلة.
وكشف التحقيق أنّ الشرطي المصري، الذي لم تكشف السلطات عن هويته حتى اللحظة، كان يحمل بندقية كلاشينكوف قديمة وبحوزته ستّة مخازن ذخيرة وسكاكين استخدمها لقطع الأصفاد الموضوعة على بوابة معبر الطوارئ وعبر منها. مؤكدًا أنه تم العثور أيضًا على نسخة من القرآن إلى جانب سلاح الجندي المصري، مشيرًا إلى احتمالية تنفيذ العملية وفق "دوافع دينية" من الشرطي.
ونشر موقع واينت الإسرائيلي صورة للسياج الحديدي، قال إنّها تُظهر الفتحة التي عبر منها الشرطي إلى الناحية الأخرى من الحدود.
صحيفة معاريف تنشر تفاصيل جديدة عن حادثة معبر العوجة
أشار المعلّق العسكري لصحيفة معاريف طال ليف رام، إلى أنّ الجندي المصري قطع مسافة خمسة كيلومترات من موقعه إلى السياج الحدودي، وهو يحمل على ظهره حقيبة فيها معدات، وضمنها مخازن ذخيرة وسكينتَي كوماندوز قطع بواسطة إحداها الأسلاك التي تسد فتحة الطوارئ الحدودية، التي يستخدمها الجيشان المصري والإسرائيلي في تجاوز الحدود.
وكشفت معاريف ضمن تقريرها أنّ الشرطي المصري أطلق النار وقتل الجنديين ليا بن نون وأوري يتسحاق إيلوز، ثم خطّط لمسار تسلل له ودرس الموقع وعرف كيف يصل إلى تلك النقطة، ووصل إلى مكان يبعد قرابة 150 مترًا من المدخل الذي أوصله إلى الأراضي المحتلة، ثم أطلق النار على الجنود في نقطة الحراسة في الساعة السادسة صباحًا تقريبًا.
وأشارت الصحيفة إلى أنّه تم الإبلاغ عن سماع أصوات طلقات نارية قرابة الساعة السادسة، لكن الأمر لم يلق اهتمامًا خاصًا، لأن سماع الطلقات النارية في هذه المنطقة أمرٌ شائع. وفور إدراك مقتل شخصين، تم التعرف على الشرطي بصاروخ مضاد للدبابات على بعد نحو كيلومتر ونصف وتقرر الاقتراب منه ومحاولة الاتصال به.
وأوضح التقرير أنّ الشرطي استخدم الحجارة الكبيرة وأعد لنفسه مأوى، وخلال المواجهة الأولى بعد حلول الساعة الحادية عشرة بقليل، أطلق الشرطي النار على الرقيب أول أوهاد دهان، من مسافة نحو 200 متر، ثم قتلته القوات الإسرائيلية بعد ذلك.
لم يُعلن عن نتائج التحقيق في حادث الحدود المصرية
وقالت وسائل إعلامية إسرائيلية إنّ الجنديين اللذين قتلا أولًا قرب الحدود لم يطلقا النار من أسلحتهما، مضيفة أنه "يبدو أنّ منفذ العملية فاجأهما"، قبل رصد مطلق النار داخل الأراضي الإسرائيلية والإعلان عن مقتل الجندي الثالث وإصابة ضابط آخر خلال الاشتباكات التي وقعت خلال ملاحقة المهاجم داخل الأراضي الإسرائيلية، والتي أسفرت أيضًا عن مقتله.
وذكرت مصادر إسرائيلية أنّ الجيش الإسرائيلي يشتبه بأنّ هناك مسلحًا آخر هرب إلى داخل الأراضي المصرية خلال العملية.
ونقلت مصادر عن هيئة البث الإسرائيلية، قولها إنّ المصريين بعثوا برسائل لإسرائيل بأنهم لا يعلمون بنيّة الشرطي، ولا صلة لهم بالحادث.
تعليق نتنياهو على حادثة معبر العوجة
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عملية مقتل الجنود الإسرائيليين الثلاثة على يد فرد الأمن المصري بأنه "هجوم إرهابي"، وطالب بتحقيق شامل مشترك مع مصر. مضيفًا "بعثت إسرائيل رسالة واضحة للحكومة المصرية، ونتوقع أن يكون التحقيق المشترك شاملًا ومفصلًا".
ولم تُعلن مصر عن أي تفاصيل أخرى حول الحادث غير بيانات المتحدث العسكري، كما لم يُعلن عن الموعد المتوقع لصدور التحقيق المشترك مع إسرائيل حول العملية.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هاليفي، اليوم الأحد، إنّ التحقيق في الواقعة سينتهي خلال أسبوع.
من هو محمد صلاح منفّذ عملية الحدود المصرية؟
ومحمد صلاح، هو المجنّد المصري الذي نفذ العملية في معبر العوجة على الحدود المصرية، وأسفرت عن مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين يوم السبت الثالث من يونيو الجاري.
وتصدّرت وسوم عدّة تخص المجند المصري الذي قُتل خلال الاشتباكات مع الجنود الإسرائيليين، قائمة الوسوم الأكثر تداولًا في موقع تويتر، مثل وسم #جندي_مصري ووسم #البطل_الشهيد.
هذا وأعلنت إسرائيل أنّها سلّمت جثمان محمد صلاح إلى السلطات المصرية.
خريطة الحدود المصرية الإسرائيلية
ويفصل بين مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة جدارٌ حدوديٌّ بدأت إسرائيل بناءه في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2010، وانتهت من تشييده في ديسمبر/كانون الأول عام 2013، بعد تحديثه وتزويده بكاميرات ورادارات وكاشفات حركة، ويبلغ طول الجدار 246 كيلومترًا بين مدينة رفح المصرية شمالًا وحتى مدينة إيلات جنوبًا، بتكلفة بلغت نحو 450 مليون دولار.
المصادر:
اقرأ/ي أيضًا
الفيديو ليس للجندي المصري الذي قتل على الحدود وهو يغني قبل مقتله
صورة السياج الحدودي بين مصر وإسرائيل قديمة وليست لاختراقه خلال الاشتباكات الأخيرة