قبل أن يقتحم الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، بذل الإسرائيليون جهودًا كبيرة لتصوير المجمع كمقر قيادة لحركة حماس، تخطط منه لهجماتها على إسرائيل. ومع ذلك، فإن الأدلة المقدمة حتى الآن لا تصل إلى حدّ إثبات تلك المزاعم، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة ذا غارديان البريطانية.
تلاعب القوات الإسرائيلية بأماكن وضع الأسلحة داخل مستشفى الشفاء
تذكر صحيفة ذا غارديان في تقريرها، أن مقاطع الفيديو التي نشرها الجيش الإسرائيلي تُظهر مجموعات متواضعة فقط من الأسلحة الصغيرة، وفي الغالب هي من بنادق الاقتحام.
وأن ذلك يمكن أن يشير إلى "وجود عسكري ولكن ليس النوع الذي تم تصويره في الرسوم المتحركة، التي قدمها الجيش الإسرائيلي قبل الاستيلاء على المستشفى"، إذ تُظهر الرسوم شبكة من الغرف المجهزة تحت الأرض. حتى مقاطع الفيديو التي تم أُنتجت حتى الآن أثارت تساؤلات وشكوك عديدة.
وأشارت الصحيفة إلى تحليل نشرته شبكة بي بي سي أظهر أن لقطات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، وهو يظهر اكتشافًا ظاهريًا لحقيبة تحتوي على سلاح خلف جهاز الرنين المغناطيسي، قد سُجّلت قبل ساعات من وصول الصحفيين الذين كان من المفترض أن يعرضها لهم.
وأنه في مقطع فيديو آخر عُرض لاحقًا، زاد عدد الأسلحة في الحقيبة بشكل مضاعف. وأن القوات الإسرائيلية ادعت أن المشاهد التي نشرتها تُظهر ما عثرت عليه في المستشفى وأن تلك المقاطع لم تخضع للتحرير الصحفي، وأنها صُوّرت في تسجيل واحد. ولكن تحليل بي بي سي وجد عكس ذلك وأنّ تلك المشاهد قد خضعت للتحرير. وهو ما كشفه "مسبار" في تقرير سابق حول مشاهد نشرتها شبكة فوكس نيوز خلال حضور مراسلها رفقة الجيش الإسرائيلي خلال الاقتحام، ومشاهد أخرى نشرها الاحتلال تُظهر وجدود تلاعب وتغيير في أماكن الأسلحة.
محاولة تقديم أدلة أخرى سيزيد من الشكوك بسبب ما عُرض حتى الآن
وأوضح تقرير ذا غارديان أن القوات الإسرائيلية تقول إنها لا تزال تفحص الموقع في المستشفى بعناية، وأظهرت مشاهد مستشفى الشفاء أن المرافق الرئيسية تقع في عمق تحت الأرض، وأنه من الممكن أن تكون قوات الاحتلال لم تصل إليها بعد، لذا قد يكون هناك المزيد في انتظار الكشف عنه، مؤكدة "لكن محاولة تقديم ما تم العثور عليه حتى الآن على أنه ذا أهمية، ستزيد من الشكوك حول ما قد يتم تقديمه لاحقًا".
إسرائيل بنت منطقة قاعدية واسعة في مجمع الشفاء خلال احتلالها غزة
وكشف التقرير أن هذه القضايا تثير تساؤلات حول مدى اعتماد العرض البصري تحت مستشفى الشفاء، على ما كانت تعرفه إسرائيل بالفعل، حيث بنى المهندسون الإسرائيليون منطقة قاعدية واسعة هناك في آخر مرة احتلت فيها إسرائيل غزة مباشرة، والذي استمرّ حتى عام 2005.
وتؤكد الصحيفة أن كل هذا يعتبر ذا أهمية وفقًا لاتفاقيات جنيف، التي تحظر العمليات العسكرية ضد المستشفيات ما لم تُستخدم "خارج واجباتها الإنسانية". وتنص هذه الاستثناءات، كما هو محدد في المادة 19 من الاتفاقية الرابعة في جنيف، على أنه "لا يعتبر وجود الأسلحة الصغيرة والذخيرة المأخوذة من هؤلاء المقاتلين والتي لم يتم تسليمها بعد إلى الخدمة المناسبة، بمثابة أعمال تضر بالعدو".
فشلت إسرائيل في تقديم الأدلة المطلوبة لتبرير اقتحامها الشفاء
صدّقت إسرائيل على اتفاقيات جنيف في عام 1951، وتزعم أنها تراعي مبدأ التناسب بموجب القانون الإنساني الدولي، لكن تقول ذا غارديان إن احترامها لتلك المبادئ أصبح محل شك بعد عملياتها الأخيرة.
ونقلت الصحيفة عن مي السعدني، محامية حقوق الإنسان، قولها "لقد فشلت إسرائيل في تقديم أي دليل قريب من مستوى الأدلة المطلوبة، لتبرير الاستثناء الضيق الذي بموجبه يمكن استهداف المستشفيات بموجب قوانين الحرب".
وأضافت السعدني "في الحالة النادرة التي يتم فيها رفع الحماية، سيتعين على إسرائيل أن توفر للمدنيين فرصة حقيقية للإخلاء، وحتى مع ذلك، فإن أي مدني يبقى في المستشفى بعد أمر الإخلاء سيظل محميًّا بموجب قواعد التناسب". موضحة "في كل مرحلة من هذا التقييم القانوني، فشلت إسرائيل إلى حد كبير. لقد قدمت صورًا ولقطات فيديو لا تتناسب على الإطلاق مع ادعاءاتها الأولية".
عدم وجود أدلة مقنعة جعل من الصعب تصديق الحجج الإسرائيلية
وتوضح ذا غارديان أن تفاصيل الهجوم الإسرائيلي على مستشفى الشفاء، له تأثير على المناخ الدولي الذي تخوض فيه إسرائيل حربها. وأن دول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا، قاومت الدعوات لوقف إطلاق النار على أساس أن "تصرفات إسرائيل تشكل دفاعًا مشروعًا عن النفس". لكن مع عدم وجود أدلة مقنعة بعد الهجوم، يجعل من الصعب متابعة هذه الحجة.
وسبق وفند "مسبار" الادعاءات الإسرائيلية بعد اقتحام مستشفى الشفاء، وعرض الأدلة الهشة التي نشرتها قوات الاحتلال وادعت فيها وجود مسلحين داخل المستشفى.
اقرأ/ي أيضًا
مؤشرات على فبركة إسرائيل فيديو لممرضة تدعي أنها تتحدث من داخل مستشفى الشفاء
الصورة لمجندين إسرائيليين يتفقدان طفليهما حديثي الولادة في إحدى المستوطنات وليست من مجمع الشفاء