نشرت حسابات على موقع التواصل الاجتماعي إكس، صورة ادّعت أنّها تُظهر أسلحة داخل إحدى الأنفاق في غزة، وأنّ النفق يوجد أسفل مستشفى تابع لمنظمة الصحة العالمية.
قاد البحث عن أصل الصورة، إلى حساب شخص يُسمّي نفسه على منصة إكس “غريغسي”، الذي تبين أنّه نشرها كتعليق له يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، على مقطع فيديو شاركه حساب إيلي ديفيد، الباحث والمحاضر الإسرائيلي في تقنيات التعلم العميق.
وكان الفيديو يُظهر كمية أسلحة ادّعى ديفيد أنّها تعود لحماس وأنّ جيش الاحتلال عثر عليها داخل مستشفى الشفاء بعد اقتحامه. وبدت الصورة مستوحاة من الفيديو نفسه حيث علّق عليها صاحبها ساخرًا "خدمات طبيّة طارئة".
وبالاطلاع على حساب غريغسي لاحظ مسبار أنّه عادة ما ينشر صورًا تبدو مصمّمة بالذكاء الاصطناعي لأغراض الدعاية الإسرائيلية.
أعاد ديفيد مشاركة الصورة لديه بعد 45 دقيقة من تعليق غريكسي، وقام بالإشارة إلى حسابه، باعتباره صاحبها.
ولاحظ مسبار أن غريغسي لا يشير إلى مصادر الصور التي ينشرها والأدوات التي استخدمها في إنتاجها.
مؤشرات على أنّ الصورة مولدة بالذكاء الاصطناعي
لمح مسبار وجود مؤشرات فنية على أنّ الصورة مولدة عبر برمجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ لاحظ عدة تشوهات وتناقضات وأخطاء في بنية الصورة، منها أنّ البندقية الموجودة في الزاوية اليمنى الداخلية أخذت شكلًا منحنيًا مطابقًا لانحناء الزاوية.
بالإضافة إلى وجود زوائد في بعض البنادق، مثل السبطانة في الجزء الخلفي من قطعة السلاح، كما أنّ لإحدى البندقيات قطعتي نيشان (عمود ضبط التصويب). وتظهر بعض قطع النيشان متصلة بالبندقية على نحو عشوائي وليس عمودي، كما أنّ مخزن الذخيرة ومقبض البندقية المحدّدة بالبرتقالي ليسا متوازيين، إذ يفترض أن تكون الأجزاء متوازية في المسار نفسه.
وانتبه مسبار إلى أنّ القطع المؤطرة باللون الأصفر غير مكتملة التصميم، وأنّ حجم الأشكال الناقصة متناسبٌ مع المساحة، أي أنّ القطع وُلّدت لملءِ الفراغات فحسب.
ولا تبدو أشكال الأسطوانات المدبّبة من الطرفين مطابقة لأي نوع من المعدات التسليحية، ولا أثر يدل على وجود حوامل وقطع ساندة، تسمح بتثبيت قطع الأسلحة بهذا الشكل المتناسق والمنظّم، إذ تبدو القطع كما لو أنّها ملتصقة بحائط النفق.
والصورة غير منطقية من نواحي أخرى، فسقف النفق ترابي، ما يعني أنّه غير مدعمٍ بأقواس خرسانية، وهو ما يتنافى مع معايير تشييد الأنفاق العسكرية، كما يدفع ازدحام الأرضية بشكل يتعذر معه التحرك في أرجاء المكان والتناسق المفرط في ترتيب القطع إلى التشكيك فيما إذا كانت الصورة حقيقة.
ولا تعكس الظلال الظاهرة في الصورة طبيعة الأجسام المصورة إذ تبدو متنافرة الشكل وعشوائية الاتجاه، كما أنّ الإضاءة متباينة من نقطة لأخرى، فيلاحظ وجود بقعة معتمة على نحو بازر أعلى الصورة، مما يشير إلى أنّها قد تكون مفبركة.
ويمكن الإشارة إلى بعض التشوهات في قطع الأسلحة، مثلما يظهر في الصورة أدناه، إذ يُلاحظ أنّ البندقية المحددة باللون البرتقالي مِعوجّة، في حين لدى المحددة بالأصفر قطعتين خشبيتين متلاحمتين (الدبشك stock)، كما أنّ شكل مخزني الذخيرة في البندقيتين المؤطرتين باللون برتقالي نفسه على الرغم من اختلاف طراز البندقيتين، بالإضافة إلى كون إحدى القطع رقيقة للغاية ورفيعة من المنتصف.
أساليب اكتشاف الصور المولّدة بالذكاء الإصطناعي
تعتمد التكنولوجيا الأساسية وراء ما يسمى تركيب الصور "القائم على الانتشار"، والتي توضحها مشاريع مثل Midjourney، وDall-E، وStable Diffusion، على آليات معقدة تنطوي على شبكات عصبية عميقة.
إحدى الأساليب لاكتشاف الصور التي أُنشِئت بواسطة الذكاء الاصطناعي هي تحليل الظلال داخل الصورة، وتحديد ما إذا كانت متسقة ومتوافقة مع مصدر الضوء الحقيقي. يمكن لهذه الطريقة أن تكشف عن التناقضات داخل الصور التي ينشئها الذكاء الاصطناعي، عندما لا تلتزم الظلال بالسلوك المتوقع للظلال في العالم الحقيقي.
كما يعد تحليل الانعكاس مؤشّرًا آخر للكشف عن الصور المولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي. تشمل هذه التقنية التحقّق مما إذا كانت الانعكاسات متّسقة في سيناريو العالم الحقيقي: عندما تنعكس الأشياء على سطح مستو، يجب أن تتقارب الخطوط التي تربط الجسم بانعكاسه عند نقطة تلاشي واحدة. في الصور الحقيقية، تتقارب هذه الخطوط تقريبًا عند نقطة واحدة، بينما تشير الانحرافات القوية إلى أنّه لا ينبغي الوثوق بالصورة.
إسرائيل تزعم اكتشاف أنفاق في غزة
يأتي تداول الادّعاء تزامنًا مع انتشار مزاعم إسرائيلية حول تمكن جيش الاحتلال من اكتشاف أنفاق تابعة لحركة حماس في قطاع غزة، وهو ما لم تستطع وكالة أسوشيتد برس التحقق بشكل مستقل من صحته، إذ قالت الوكالة إنّ إسرائيل سمحت لصحافييها بالدخول إلى غزة شريطة البقاء مع القافلة العسكرية الإسرائيلية طوال الجولة، التي تستغرق أربع ساعات، وأن تخضع جميع المواد للرقابة العسكرية قبل النشر، مضيفةً أنّه لا توجد طريقة أخرى أمام الصحفيين الأجانب للوصول إلى هذا النفق حاليًا.
اقرأ/ي أيضًا
هل تعود جثامين مقبرة خان يونس الجماعية لمقاتلين من حماس كما زعم إيدي كوهين؟
الصورة قديمة وليست من استهداف سفينة شحن إسرائيلية في المحيط الهندي
