نشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دورون سبيلمان، يوم أمس الثالث من ديسمبر/كانون الأول، مقطع فيديو من مقابلة له مع قناة سكاي نيوز، يوجه فيها المذيع له سؤالًا حول الخريطة التي نشرها الجيش الإسرائيلي لتقسيم قطاع غزة، والتي توضح المناطق التي يطالب الجيش بإخلائها، قائلًا كيف يمكن للمواطنين في غزة أن يطلعوا على الخريطة وهم لا يملكون الكهرباء لشحن هواتفهم والاتصال بالإنترنت؟
دورون سبيلمان: أهل غزة لديهم ما يكفي من الكهرباء لشحن هواتفهم
أجاب سبيلمان المذيع في المقطع المتداول بأن الجميع شاهدوا المئات من سكان غزة وهم يصورون مشاهد تسليم الأسرى خلال فترة الهدنة المؤقتة، إذًا فمن الواضح أنه لدى سكان القطاع ما يكفي من الطاقة لشحن هواتفهم عند تصوير رهائننا، هذه الطاقة نفسها التي سيستخدمونها للوصول إلى الخريطة وتنزيلها إلى هواتفهم والاطلاع عليها.
ولكن ما حقيقة هذه التصريحات؟ وهل يملك جميع سكان قطاع غزة إمكانية الوصول إلى الكهرباء كما يدعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي؟
إسرائيل تعلن قطع الماء والكهرباء والوقود عن قطاع غزة
تناقضت تصريحات سبيلمان الأخيرة، مع تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول التي قال فيها “فرضنا حصارًا شاملًا على قطاع غزة، قطعنا الكهرباء والماء والطعام والوقود”، مضيفًا “إننا نحارب حيوانات في هيئة بشر”.
وقد أكدت مؤسسة توزيع الكهرباء في غزة في حديث مع التلفزيون العربي يوم 11 أكتوبر الفائت، أي في اليوم الخامس من الحرب الإسرائيلية على القطاع، توقف عمل محطة الكهرباء بشكل تام، وانقطاع الكهرباء عن عموم القطاع وذلك بعد انقطاعات متكررة خلال الأيام الأولى من الحرب.
شهادات صحافيين غزيين عن كيفية شحن هواتفهم في الحرب
وللتثبت من ادعاء الجيش الإسرائيلي، بأن سكان القطاع لديهم ما يكفي من الكهرباء لشحن هواتفهم، تواصل مسبار مع عدد من الصحفيين في غزة، الذين أكدوا انقطاع الكهرباء عن كافة مناطق القطاع وأنهم يعتمدون على مولدات الطاقة الشمسية كي يشحنوا هواتفهم.
تواصل مسبار مع الصحفية هند الخضري والتي قالت إنه “بعد اليوم الثالث من الحرب على قطاع غزة تم قطع الكهرباء نهائيًا”، وأشارت إلى أن المواطنين والصحفيين يعتمدون بشكل كلي على على الطاقة الشمسية لشحن هواتفهم، لافتة إلى أنها موجودة فقط في بعض المؤسسات العامة مثل المستشفيات التي ما زالت تعمل رغم صعوبة الأوضاع فيها.
وزودت مسبار بصورة حديثة توثق شحنها ومجموعة من الصحفيين لهواتفهم النقالة من خلال مولدات الطاقة.
فيما زود الصحفي عبد الحكيم أبو رياش، مسبار، بمشاهد مماثلة كان قد وثقها في الشجاعية خلال أيام الحرب على قطاع غزة توضح طريقة شحن المواطنين هواتفهم، بالاعتماد على المولدات. مشيرًا إلى أن المواطنين من كافة المناطق يحاولون الوصول لأي مكان فيه مولد كهربائي أو طاقة شمسية لشحن هواتفهم.
وفي السياق، كان الصحفي محمد عوض قد نشر على حسابه في موقع انستغرام في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الفائت،مقطع فيديو يظهر تجمع عدد من المواطنين حول مولدات الطاقة لشحن هواتفهم.
وتواصل مسبار مع عوض الذي أشار إلى أنه التقط الفيديو في مستشفى ناصر في مدينة خانيونس، وأن الكهرباء ما تزال مقطوعة حتى لحظة تواصلنا معه، وأنهم يضطرون إلى التجمع في المستشفى نظرًا لوجود بعض المولدات لشحن هواتفهم والتواصل مع عوائلهم في المناطق الأخرى.
وهو ما أفاد به أيضًا المصور عمر الديراوي لمسبار، الذي يتواجد في مستشفى شهداء الأقصى بشكل دائم، ليس فقط لشحن هاتفه وإنما بسبب قصف منزله بالغارات الإسرائيلية على القطاع، مفيدًا بأن الشحن عن طريق المولدات عملية بطيئة جدًا وتحتاج إلى الوقت.
وينطبق الوضع ذاته على المناطق في أقصى جنوب قطاع غزة، في مدينة رفح، إذ تواصل مسبار مع الصحافي أحمد العرجا الذي قال إنه يضطر للانتظار قرابة 3 ساعات يوميًا حتى يستطيع شحن هاتفه في مسجد، نظرًا لوجود مولد للكهرباء فيه.
فيما أوضح الصحافي حمزة حماد لمسبار، الذي يتواجد حاليًا في شمالي القطاع، أنه يتم شحن البطاريات مؤخرًا، من خلال استخدام المولدات الصغيرة التي تعمل على الوقود ويتم شحن الهواتف من خلال هذه البطاريات. وأشار حماد إلى أن هذا الوقود هو الذي دخل مؤخرًا خلال الهدنة المؤقتة، مضيفًا أن هناك مناطق واسعة في القطاع لا يوجد فيها أي وقود أو حتى طاقة شمسية.
المهندس وليد صايل يتحدث لمسبار عن الكهرباء في غزة
وفي تصريح لمسبار، أفاد المدير التنفيذي لشركة كهرباء فلسطين المهندس وليد صايل، أن الكهرباء مقطوعة تمامًا عن قطاع غزة حاليًا ومنذ بدء الحرب، والمؤسسات الدولية تعلم ذلك.
وأضاف "إسرائيل كانت تحول ما مقداره 125 ميجا واط، قبل الحرب، فيما لم يتم تزويد محطة الكهرباء بوقود وقد توقفت عن العمل من قبل الحرب بيومين، وحتى يومنا هذا، لم يدخل لها أي لتر بترول.
وبخصوص استخدام أهالي القطاع هواتفهم، قال صايل بعض البيوت تستخدم الطاقة الشمسية والمولدات بشكل فردي بحكم وجود مشاكل في الكهرباء في غزة من قبل الحرب، إذ لم تكن الكهرباء التي تصل غزة تُغطي احتياجات المواطنين، لهذا منذ سنوات يُحاول المواطنين إيجاد حلول بديلة لسد حاجاتهم الأساسية".
أزمة الكهرباء في غزة
ويعاني القطاع من أزمة في الكهرباء منذ سنوات، إذ وثّقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وصول مستوى الطاقة الكهربائية والوقود في غزة إلى مستوى حرج، بصورة تهدد توفير خدمات أساسية، بما فيها الرعاية الصحية ومعالجة مياه الصرف الصحي وإمدادات المياه النقية. وقد أشارت في تقرير صدر في عام 2017، أن التيار الكهربائي يصل إلى سكان غزة، في أفضل الحالات، نحو 6 ساعات يوميًا فقط.
وتتفاقم الأزمة عند أي ارتفاع أو انخفاض يطرأ على درجات الحرارة بشكل ملموس، إذ أثرت درجات الحرارة في شهر يوليو/تموز الفائت على عدد ساعات قطع الكهرباء لتتجاوز 10 ساعات يوميًا، مقابل 5 ساعات يزود فيها القطاع بالكهرباء.
اقرأ/ي أيضًا
الفيديو يصوّر انقطاع الكهرباء عن المستشفى الإندونيسي وليس مزيّفًا كما ادّعت حسابات إسرائيلية
أوجه التضليل في مقابلة إيلون ماسك وبنيامين نتنياهو حول أحداث 7 أكتوبر
