تتداول صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ادّعاءً مفاده أن تونس هي الأقل مديونية على المستوى العالمي لصندوق النقد الدولي، وأوعزت ذلك إلى الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد منذ 25 يوليو/تموز 2021.
ونشر موقع تونيبيزنس مقالًا بعنوان "تونس تتصدر قائمة الدول الأقل ديونًا لصندوق النقد الدولي على مستوى العالم".
وأشار المقال أنّ تصنيفًا جديدًا لموقع “إنسايدر مانكي”، الذي يختص بإجراء التصنيفات والتحليلات المالية والاقتصادية، أدرج تونس في الترتيب العشرين عالميًا مع ديون إجمالية بلغت 1.14 مليار دولار. وأضاف أنّ القائمة ضمت أيضًا المملكة المغربية كإحدى الدول الأكثر تحملًا للديون لصالح صندوق النقد الدولي على الصعيد العالمي.
فما حقيقة هذا التصنيف؟
بالبحث وجد "مسبار" أنّ الادعاء المتداول مضلل ويحتوي على إثارة، إذ إنّ صندوق النقد الدولي لم يصنف تونس الدولة الأقل ديونًا عالميًا.
تونس في قائمة الدول العشرين الأكثر مديونية لدى صندوق النقد الدولي
يعود التصنيف المتداول إلى تقرير أصدره موقع "انسايدر مانكي"، الذي أوضح أنّه استخدم بيانات صندوق النقد الدولي حول إجمالي الائتمان المستحق للصندوق واستعمل أحدث بيانات الديون لكل دولة، حتى 21 مارس 2024، وقام بترتيب البلدان ترتيبًا تصاعديًّا للديون المستحقة، كما قام أيضًا بإدراج بيانات الناتج المحلي الإجمالي الحالية للبلاد من البنك الدولي، اعتبارًا من عام 2022 لتجميع قائمة البلدان العشرين الأكثر ديونًا لصندوق النقد الدولي.
وتبين أنّ تونس تحتل المرتبة الأخيرة في قائمة الدول العشرين الأكثر مديونية لدى صندوق النقد الدولي وليست الأقل مديونية في العالم، بديون مستحقة تبلغ 14, 1 مليار دولار فيما بلغ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 46.3 مليار دولار في عام 2022.
المديونة .. عبء على الاقتصاد التونسي
وفق أرقام وزارة المالية فإن التداين في تونس بلغ 80 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي سنة 2023 وهي نسبة مرتفعة وقياسية، ولئن تمكنت تونس من سداد جميع ديونها الداخلية والخارجية فإنها اضطرت للتداين من اجل سداد ديونها السابقة.
وبين الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أن استعمال حجم الدين لتصنيف الدول الأقل أو الأكثر تداينًا ليس له معنى، إذ إنه يفترض الأخذ بعين الاعتبار حجم البلد. كما لفت إلى أن المديونية في حد ذاتها ليست إشكالا إذا توجهت لغايات إنتاجية بينما في تونس يتم استعمالها لغايات استهلاكية خاصة منها سداد الأجور والدعم. بالتالي، لا يكون لهذه الديون انعكاسات إيجابية على المستوى الاقتصادي، وفقه.
ويضيف الشكندالي في حديثه لمسبار أن التداين يكون ناجعًا عندما تكون مردوديته أعلى من كلفة الدين ونسبة الفائدة. والمقصود بالمردودية هي نسبة النمو الاقتصادي، لكن في تونس نسبة النمو الاقتصادي ضعيفة جًدا وبالتالي من مصلحة تونس التداين من مؤسسات تعطي قروضًا بكلفة ضعيفة لكي لا يكون الفارق بين المردودية والكلفة كبير جدًا.
كما لفت الخبير إلى أن تونس على المستوى الداخلي بصدد التداين لسداد ديون أخرى.
هذا وتخوض البلاد مفاوضات من أجل الحصول قرض جديد من صندوق النقد الدولي. لكن رغم الاتفاق المبدئي بين الطرفين، فإنّ الإجراءات ما تزال معلقة بسب الشروط التي يفرضها الصندوق بشكل أساسي.
البلدان المديونة بشدة لصندوق النقد معظمها أفريقية
وفق موقع “انسايدر مانكي” فإنّ معظم البلدان المدينة بشدة لصندوق النقد الدولي (IMF) تنتمي إلى المنطقة الأفريقية. وبحسب تقرير صادر عن البنك الإفريقي للتنمية، تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لإفريقيا إلى 3.2 في المئة عام 2023 مقارنة بـ 4.1 في المئة عام 2022 بسبب أزمات اقتصادية متعددة. وتشمل "الصدمات" الاقتصادية التي تعرقل زخم نمو الاقتصاد الإفريقي الآثار الطويلة الأمد والتقسيم الجغرافي الاقتصادي بعد الجائحة، والنزاع بين روسيا وأوكرانيا، وعدم اليقين الجيوسياسي الأخير في الشرق الأوسط.
وقد أسفرت هذه العوامل الخارجية، بالإضافة إلى الاضطرابات السياسية الداخلية والسياسات النقدية والمالية الصارمة، عن تباطؤ معدلات النمو بوتيرة أبطأ مما كان متوقعًا. ومع ذلك، على الرغم من تراجع المتوسط في معدلات النمو في عام 2023، ظلت 15 دولة أفريقية، بما في ذلك جمهورية الكونغو الديمقراطية، وموريشيوس، ورواندا، وساحل العاج، وإثيوبيا، قوية بنمو اقتصادي يزيد عن 5 في المئة.
اقرأ/ي أيضًا
خبراء يشككون في أن تكون نسبة نمو 2.8 مؤشرًا إيجابيًا للاقتصاد التونسي
