انسحب جيش الاحتلال الإسرئيلي فجر يوم الاثنين الأول من إبريل/نيسان الجاري، من داخل مجمع الشفاء الطبي ومحيطه، بعد حصار واقتحام لمدة أسبوعين، أسفر عن وقوع مئات الضحايا والإصابات، إلى جانب اعتقال المئات من النازحين والكوادر الطبية، في حين عُثر على جثامين الضحايا ملقاة على الأرض في المجمع ومحيطه، ظهر على بعضها علامات التحلل. ومنع الاحتلال خلال فترة اقتحامه للمجمع الفرق الإغاثية من الوصول للمنطقة وتنفيذ عمليات إجلاء للمرضى.
رئيس أركان جيش الاحتلال يدعي عدم استهداف المدنيين في مجمع الشفاء
في 30 مارس/آذار الفائت، خلال الاقتحام لمجمع الشفاء قال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي إن العملية العسكرية "حققت هدفها وأدت إلى اغتيال قادة واعتقال مسلحين من الفصائل الفلسطينية"، وأضاف خلال اجتماعٍ عقده في المجمع مع جنود الاحتلال أن "العملية نُفذت بشكلٍ صحيح ومهنية ولم تستهدف الفرق الطبية أو المرضى".
يوضح "مسبار" في المقال التالي حقيقة ادعاء هاليفي بعدم استهداف الكوادر الطبية والمرضى.
شهادات تدحض ادعاء رئيس أركان جيش الاحتلال
خلافًا لما روج له رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي بشأن تفادي جيشه استهداف المدنيين والمرضى، وثقت قناة الجزيرة في 30 مارس الفائت، شهادة لناجٍ تمكن من الخروج من منزله القريب من مجمع الشفاء، أشار فيها إلى تعمد الاحتلال استهداف المنزل بعددٍ غير محدود من القذائف ما أدى إلى تدميره بالكامل، وتحدث عن ظروف الحصار الذي تعرض له وعائلته على مدى 12 يومًا، ما أسفر عن وفاة ابنته نتيجة الجوع والحصار، وكذلك شقيقه نتيجة استهدافه بطائرة استطلاع "زنانة" إسرائلية.
تقرير حقوقي عقب الانسحاب الإسرائيلي من مجمع الشفاء الطبي
وأشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقريره الصادر في الأول من إبريل الجاري، عقب انسحاب الجيش الإسرائيلي من مجمع الشفاء، إلى أن تقديراته الأولية تفيد بوقوع ما يزيد عن 1500 شخص ما بين قتيل وجريح ومفقود، نصفهم من النساء والأطفال، وقرابة 22 منهم من المرضى قُتلوا على أسرّة المستشفيات بفعل الحصار الإسرائيلي وتعمد حرمانهم من الرعاية الطبية والغذاء.
وبناءً على الإفادات الواردة للمرصد ومشاهداته، قال إنّ هنالك مئات الجثامين داخل المجمع وفي المنطقة المحيطة به، منها جثامين محترقة وأخرى مقطعة الرؤوس والأوصال.
وأضاف المرصد أن الجيش الإسرائيلي تعمد تفريغ المجمع من كوادره العاملة، وبخاصة الطبية، سواء بالإعدام أو بالاعتقال أو بالإجبار على النزوح، فيما يبقى مصير بعضهم مجهولًا حتى الآن.
استهداف الاحتلال للطواقم الطبية في المجمع بالقتل والاعتقال
كما أعلن الدكتور مروان أبو سعدة، استشاري الجراحة العامة ومدير إدارة مجمع الشفاء الطبي، في مؤتمر صحفي، عن خروج مجمع الشفاء الطبي عن الخدمة تمامًا بسبب الدمار الكبير الذي لحق مختلف أقسامه من تدمير وحرق وتفخيخ، عقب حصار واقتحام المجمع الأخير.
وأشار أبو سعدة في المؤتمر إلى وفاة عدد من أفراد الطواقم الطبية والنازحين، واعتقال آخرين ومنهم رئيس قسم العظام الدكتور مراد القوقة، ودكتور العظام مؤنس محسن، وكل من أطباء الجراحة العامة عصام رضوان وإلياس البرش، وأطباء العناية المركزة نهاد عابد وكمال كشتكو وغيرهم، في الاقتحام الأول والثاني.
وأضاف مدير إدارة مجمع الشفاء إن غزة باتت تفتقر إلى كوادر طبية لعلاج الجرحى، مُطالبًا بضرورة إنشاء مستشفى ميداني عاجل لعلاج الجرحى.
الاحتلال يستهدف الأطفال خلال اقتحامه مجمع الشفاء
كما نشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في 26 مارس/آذار الفائت، تقريرًا وثق فيه إعدام الجيش الإسرائيلي لـ 13 طفلًا، بإطلاق النار بشكل مباشر في مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة خلال عملية الاقتحام.
وقال المرصد، حينها، إنّ الجيش الإسرائيلي يرتكب جرائم مروعة خلال عملياته العسكرية داخل مستشفى الشفاء ومحيطه، بما في ذلك عمليات قتل وإعدام ويستهدف المدنيين الفلسطينيين.
كما شارك الأورومتوسّطي شهادات وإفادات متطابقة بشأن جرائم إعدام وقتل أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و16 عامًا، بعضهم أثناء محاصرتهم من قبل الجيش الإسرائيلي مع عوائلهم داخل منازلهم، وآخرين خلال محاولتهم النزوح في مسارات حددها لهم الجيش الإسرائيلي مسبقًا، بعد أن أجبرهم على النزوح من منازلهم وأماكن سكنهم.
وفي إفادة لمواطن يدعى إسلام علي صلوحة، من سكان محيط مجمع الشفاء، قال إن قوات إسرائيلية قتلت نجله الطفل علي (9 أعوام)، والطفل سعيد محمد شيخة (6 أعوام) أمام أعين عائلتيهما وسكان المنطقة، بعد استهدافهما بالرصاص الحي بشكل متعمد. وأضاف أن الآليات العسكرية واصلت إطلاق النار باتجاههم ما أجبرهم على متابعة السير وترك الطفلين غارقين بدمائهما في الأرض.
إعدام أكثر من مئتي فلسطيني نازح في مجمع الشفاء
من جهته، قال مدير المكتب الإعلام الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، في تصريحٍ لقناة الجزيرة إن المعلومات المتوفرة لديه تفيد بإعدام جيش الاحتلال أكثر من مئتي فلسطيني من النازحين المتواجدين داخل مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، واعتقال نحو ألف آخرين.
وأضاف الثوابتة أن جيش الاحتلال أقدم على إعدام خمسة أطباء وممرضين اثنين في المستشفى، فيما قام باعتقال بقية الطواقم الطبية.
بدورها، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، بإن جيش الاحتلال الإسرائيلي حاصر 107 من المرضى في مجمع الشفاء الطبي على مدى أسبوعين، وأشارت الوزارة إلى أن المرضى تم تجميعهم في مبنى تنمية القوى البشرية في ظروف غير إنسانية دون ماء ودون كهرباء ودون دواء. ومنع كافة المحاولات لإجلاء المرضى.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الفائت، استهدف الاحتلال مجمع الشفاء الطبي ومحيطه، واستهدفت الغارات الإسرائيلية مبانٍ قريبة من المجمع أدت إلى تهشم زجاج بعض الغرف، فضلًا عن سقوط سقف أحد الأقسام بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، ولم تكن هذه المرة الأولى لاقتحام الجيش للمجمع خلال العدوان الجاري، فقد اقتحم جيش الاحتلال مجمع الشفاء للمرة الأولى منتصف نوفمبر الفائت، بعد حصار دام لأيام مخلفًا المئات من الضحايا والأسرى. وفي هذا التقرير رصد مسبار أبرز المزاعم التي روج لها الاحتلال حول مجمع الشفاء الطبي.
اقرأ/ي أيضًا
ادعاءات كاذبة عن وجود مسلحين في مستشفى الإندونيسي لحظة قصف الاحتلال محيطه
التضليل مرتين: وسائل الإعلام الغربية لم تصحح الادعاءات التي ثبت زيفها عن مستشفى الشفاء