تحولت شبكة الإنترنت في عصرنا الحالي إلى بيئة خصبة لأنواع الاحتيال المختلفة، وعلى وجه الخصوص، الاحتيال المالي. وينتهج هذا النوع من الاحتيال خططًا تهدف إلى خداع الأفراد أو المنظمات للحصول على أموالهم، أو بياناتهم المالية.
يجعل ذلك فهم طبيعة المحتوى المضلّل والأساليب التي يستخدمها المحتالون أمرًا ضروريًّا لحماية النفس من الوقوع ضحية الاحتيال.
يستعرض هذا المقال الأنواع المختلفة من المحتوى المضلّل المستخدم في الاحتيال المالي، والأساليب النفسية الموظّفة لخداع الأفراد، بالإضافة إلى استراتيجيات التعرف على أنماط الاحتيال وطرائق تجنبها.
أنواع الاحتيال المالي على الإنترنت
يمكن أن يتّخذ الاحتيال المالي على الإنترنت أشكالًا عديدة، تشمل كلٌّ منها على تكتيكات واستراتيجيات فريدة. فيما يلي بعض الأنواع الأكثر شيوعًا:
التصيد الاحتيالي (Phishing)
طبيعة الاحتيال: يحدث الاحتيال عن طريق انتحال شكل منصة أو موقع ويب أو عنوان بريد إلكتروني لاستدراج الأفراد وإقناعهم بإدخال معلوماتهم الشخصية في خانات وهمية.
الطريقة: تتم باستخدام عناوين URL وروابط وشعارات وتصميمات مواقع مشابهة للمواقع الأصلية، وذلك لإقناع الأفراد بأصالتها واستدراجه لإدخال معلوماته المهمة في خانات زائفة قبل تحويلها إلى الجهة المسؤولة عن عملية الاحتيال.
الاحتيال بالتنكر (Spoofing)
طبيعة الاحتيال: يأخذ الاحتيال بالتنكر شكل رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية الزائفة، التي تبدو صادرة عن مصادر موثوقة مثل البنوك، المتاجر الإلكترونية، أو منصات التواصل الاجتماعي. ويهدف ذلك إلى سرقة المعلومات الحساسة مثل أسماء المستخدمين، وكلمات المرور، أو تفاصيل بطاقات الإئتمان.
الطريقة: يتم الاحتيال بالتنكر وعن طريق خلق شعور بالإلحاح، التهديد غير المباشر، أو الخوف لدى الأفراد، لدفعهم إلى النقر على رابط أو تحميل مرفق ما.
الاحتيالات الاستثمارية (Investment Scams)
طبيعة الاحتيال: ترسل جهات الاحتيال رسائل نصية أو رسائل بريد إلكتروني أو تجري اتصالات هاتفية، تدعو فيها الأفراد للمشاركة في خطط استثمار وهمية (عقارية، مالية، أو خطط فائدة وتقسيط)، تدرّ عوائد ربحية جيدة. ويطمئن المحتالون الضحايا إلى عدم وجود أخطار تذكر لتلك الاستثمارات لإغرائهم وإقناعهم بالاستثمار.
الطريقة: تستخدم جهات الاحتيال أسماء شركات زائفة، شهادات وهمية، أرقام عشوائية، أو حتى رسائل مجهولة المصدر للترويج والتواصل. كما تستخدم تلك الجهات أساليب الضغط العالي على الأفراد، كالتواصل المتكرر والمستمر لإقناعهم بالاستثمار.
في بعض الأحيان، تقوم الجهات الأكثر احترافية بالاحتيال عن طريق تقديم "الأرباح" فعليًا من حين إلى آخر، باستخدام الأموال التي قدّمها مستثمرون تعرضوا للخداع. وتُرسل أرباحٌ صغيرة كل فترة لاستدراج وتحفيز مستثمرين جدد على إيداع أموالهم، ولإضفاء الصدقية على المشروع وتجنب إثارة الشكوك.
وعادة ما يُلغي المحتالون التواصل بعد فترة، ويمسحون جميع البيانات ويفرون بالأموال المسروقة من جميع المستثمرين. وتُعرف تلك الطريقة بمخطط بونزي (Ponzi Scheme)، وتعود تلك التسمية لمحتال إيطالي شهير يُدعى تشارلز بونزي، استخدم الطريقة ذاتها للاحتيال على ضحاياه.
يمكن لوعي الفرد أن يلعب دورًا في تجنب الوقوع في مصيدة الاحتيال، إذ تلعب الأخطاء المطبعية (التي عادةً ما تكون مقصودة لتجنب رقابة الحكومات) دورًا أساسيًا في التعرف على رسائل الاحتيال (مثل P0-st بدلًا من Post في الصورة أدناه).
الأساليب النفسية المستخدمة للإيقاع بالأفراد
يستخدم المحتالون مجموعة متنوعة من الأساليب النفسية للتلاعب بالأفراد وإيقاعهم في شباكهم. ويمكن لفهم هذه الأساليب أن يساعد في كشف الاحتيال وتجنبه.
- خلق شعور بالإلحاح والآنيّة ورفع الخوف لدفع الأفراد لاتخاذ إجراء فوري، عن طريق التهديدات المبطنة، مثل رسائل الاحتيال التي تدّعي أنّ حسابك البنكي سيغلق ما لم تتخذ إجراءً فوريًا أو خلال وقت قصير.
- استخدام السلطة لكسب الثقة: تتنكر جهات الاحتيال أحيانًا بهيئة مؤسسات كبيرة موثوقة أو كيانات ذات سلطة، وتستخدم لذلك الغرض أسماء شركات حقيقية معروفة أو صفات تُكسِبها السلطة، مثل "البنك المركزي" أو "بنكك الشخصي" أو "فريق دعم واتساب".
- استخدام معلومات شخصية لكسب المزيد من الثقة: قد تصل أحيانًا معلوماتنا الشخصية إلى أطراف ثالثة (مثل رقم هاتف، الاسم، العمر وشهر الميلاد، أو المهنة، إلخ) عن طريق ما نشاركه من معلومات عن أنفسنا على وسائل التواصل الإجتماعي. تستغل جهات الاحتيال تلك المعلومات عند التواصل معنا، كوسيلة لتعزيز الثقة من خلال إضفاء الطابع الشخصي على المحادثة. يزيد ذلك فرص إقناع الفرد بمشاركة معلوماته الحساسة.
- الدليل الاجتماعي والشهادات الكاذبة: قد تستخدم جهات الاحتيال شهادات مزورة ومراجعات وهمية لإضفاء الصدقية على ما تروّج له. كما قد تستخدم شهادات مرئية، كلامية، صوتية أو مطبوعة، من "مستثمرين راضين" عن أداء الشركة وعن أرباحها، بالإضافة إلى أسماء خيالية أو وجوه كرتونية في عرض شهادات التوصية، وفيديوهات مسروقة من شركات أخرى.
طرق التعرّف على الاحتيال المالي وتجنبه
يمكن للوعي بالأساليب المستخدمة من قبل المحتالين أن يقلّل بشكل كبير خطر الوقوع ضحية للاحتيال المالي.
التحقق من المصدر: تحقق دائمًا من شرعية المرسل أو الموقع وابحث عن تفاصيل الاتصال الرسمية للجهات التي تتواصل معك، وتحقق منها عبر قنوات موثوقة ورسمية.
فحص عناوين URL بعناية: مرّر المؤشر فوق الروابط لرؤية عنوان URL الفعلي قبل النقر، وانتبه إلى الأخطاء الإملائية البسيطة أو الأحرف الإضافية في عناوين الروابط.
استخدام برامج الأمان: قم بتثبيت وتحديث برامج مكافحة الفايروسات ومكافحة التصيد الاحتيالي بانتظام، واستخدم ملحقات المتصفح التي تنبهك إلى المواقع التي يحتمل أنّها تتبع لمتصيدين.
التعليم والتوعية: كن على دراية بالأنواع الشائعة من الاحتيال، وتكتيكات الاحتيال وشارك المعلومات مع أصدقائك ومقرّبيك لزيادة الوعي.
تأمين المعلومات الشخصية: استخدم كلمات مرور قوية وفريدة للحسابات المختلفة، ولا تستخدم كلمة السر نفسها عبر كافة منصاتك.
الشك في العروض غير المرغوب فيها: كن حذرًا من العروض التي تبدو جيدة جدًا لدرجة يصعب تصديقها.
الإبلاغ عن النشاط المشبوه: أبلغ عن محاولات التصيد الاحتيالي وعن المواقع الزائفة للسلطات أو المنصات ذات الصلة، وقم بإخطار البنك أو المؤسسة المالية إنّ كنت تشتبه في أنّ معلوماتك قد تعرضت للقرصنة.
اقرأ/ي أيضًا
كيف تساهم مجهولية الهوية عبر الإنترنت في انتشار الأخبار الزائفة؟
الاستراتيجيات النفسية للإعلام الإسرائيلي: تركيز على كسب التعاطف وتضليل الرأي العام