` `

ماذا تعرف عن سياق الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس؟

عائشة غربي عائشة غربي
سياسة
1 أكتوبر 2024
ماذا تعرف عن سياق الانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس؟
تشهد تونس حملة انتخابية وسط انقسام سياسي وقانوني

تستعد تونس لإجراء الانتخابات الرئاسية في السادس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري داخل البلاد، وأيام 4 و5 أكتوبر بالخارج. ويعرف المسار الانتخابي الحالي مشاركة ثلاثة مرشحين فقط وهم العياشي زمال (مسجون بتهمة تزوير التزكيات)، وزهير المغزاوي عن حركة الشعب، والرئيس الحالي المنتهية ولايته قيس سعيّد. في المقابل عرفت الانتخابات الرئاسية عام 2019، قبول 26 مترشحًا وأقيمت على دورتين.

وتقام الحملة الانتخابية الحالية وسط مناخ سياسي وقانوني مضطرب، في ظل الصلاحيات الواسعة التي منحها الرئيس التونسي الحالي قيس سعيد لنفسه، مع مخاوف من تراجع الحقوق والحريات في البلاد، وضرب حرية الإعلام وإقصاء المنافسين وتأثير ذلك على نزاهة الانتخابات.

وقفة احتجاجية على إعلان الهيئة العليا للانتخابات استبعاد مترشحين للرئاسة في تونس في 2 سبتمبر 2024/ غيتي
وقفة احتجاجية على إعلان الهيئة العليا للانتخابات استبعاد مترشحين للرئاسة في تونس في 2 سبتمبر 2024 (Getty)

تأسيس الشبكة التونسية للدفاع عن الحقوق والحريات

وأعلنت عدد من الجمعيات والأحزاب التونسية، في الرابع من سبتمبر/أيلول الفائت، عن تأسيس الشبكة التونسية للحقوق والحريات، وهي شبكة مواطنية واجتماعية وسياسية، تهدف بحسب بيانها إلى "الدفاع عن قيم الديمقراطية وعن الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للشعب التونسي".

اتهمت الشبكة رئيس الجمهورية قيس سعيد، باستغلال الصلاحيات الواسعة التي منحها لنفسه من خلال دستور 2022، لنسف حرية التعبير والصحافة والسيطرة على القضاء وبث خطاب سياسي عنيف، متهما معارضيه بالخيانة والعمالة والارتماء في أحضان الخارج.

كما قالت إنّه يفسر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد استنادًا لنظرية المؤامرة للتغطية عن الارتجال وغياب الرؤية والسياسات العمومية الناجعة.

في المقابل يعتبر سعيّد نفسه في حرب على الفساد من أجل تطهير البلاد وإنقاذها من "العملاء والخونة"، ويحث الجميع على الانخراط في حربه التي أعلنها.

وتعد الانتخابات الرئاسية، الاستحقاق الانتخابي الثالث الذي سيجري في البلاد، منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن إجراءاته الاستثنائية بتفعيل وُصف بـ"المتعسف" للفصل 80 من الدستور التونسي لعام 2014، علق على إثره مجلس نواب الشعب المنبثق عن الانتخابات التشريعية لعام 2019، وأقال حكومة هشام المشيشي، وأصدر تشريعات بمراسيم رئاسية وصولًا إلى إصدار دستور جديد للبلاد عام 2022.

وعرفت تونس في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 ويناير/كانون الثاني 2023، انتخابات تشريعية لانتخاب مجلس نواب الشعب. بلغت نسبة المشاركة في الدورة الأولى 11.22 في المئة، فيما شارك 11.40 في المئة من الناخبين في الدورة الثانية.

وفي ديسمبر 2023، انطلقت الدورة الأولى من انتخابات "المجالس المحلية" لإرساء المجلس الوطني للجهات والأقاليم وهو الغرفة النيابية الثانية إلى جانب البرلمان، بعد حل المجالس البلدية في الثامن من مارس من العام ذاته. وأقيمت الدورة الثانية في الرابع من فبراير 2024.

الولاية العامة لهيئة الانتخابات على المسار الانتخابي

تعدّ الهيئة العليا للانتخابات أنّ لديها الولاية العامة على العملية الانتخابية دون سواها، عملًا بالفصل 134 من الدستور التونسي والفصلين 2 و3 من القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وينص الفصل على أن "تتولّى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إدارة الانتخابات والاستفتاءات وتنظيمها والإشراف عليها في جميع مراحلها، وتضمن سلامة المسار الانتخابي ونزاهته وشفافيته وتصرح بالنتائج". 

بلاغ لهيئة الانتخابات حول انطلاق الفترة الانتخابية أكدت فيه على ولايتها العامة للمسار/ موقع الهيئة
بلاغ لهيئة الانتخابات في 14 يوليو 2024 حول انطلاق الفترة الانتخابية أكدت فيه على ولايتها العامة للمسار/ موقع الهيئة

واستُبعدت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، من ضبط القواعد والشروط العامة التي يتعين على وسائل الإعلام التقيد بها خلال الحملة الانتخابية. 

ويغيب عن الاستحقاق الانتخابي الحالي إجراء مناظرة رئاسية بين المترشحين، على عكس الاستحقاق الانتخابي لعام 2019، حيث تناظر المرشحون للرئاسة بشكل مباشر.

كما ختم الرئيس التونسي قيس سعيد، القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء بعد تنقيحه والمصادقة عليه من طرف البرلمان التونسي، قبل أسبوع واحد من موعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في السادس من أكتوبر 2024.

وعارضت قوى مدنية وسياسية وقضائية هذا التنقيح، معتبرين أن من شأنه أن يهدد نزاهة الانتخابات، خاصة أنّه يسحب من المحكمة الإدارية البت في النزاع الانتخابي لصالح محكمة الاستئناف.
ويأتي هذا الإجراء بعد أن أقرت المحكمة الإدارية إعادة مترشحين للسباق الانتخابي رفضتهم هيئة الانتخابات. ولم تلتزم الهيئة بقرار المحكمة الأخير وقالت إنّه لم يراع الإجراءات القانونية المعمول بها، وهو ما اعتُبر تجاوزًا من الهيئة لصلاحياتها.

واعتبرت منظمات تونسية مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أنّ هيئة الانتخابات خرجت عن مبدأ الحياد في العملية الانتخابية، وأنّها متماهية مع توجهات الرئيس سعيّد.

تقرير مسبار حول قانونية سحب صلاحيات المحكمة الإدارية للبت في النزاع الانتخابي قبيل أيام من الانتخابات الرئاسية في تونس
تقرير مسبار حول قانونية سحب صلاحيات المحكمة الإدارية للبت في النزاع الانتخابي قبيل أيام من الانتخابات الرئاسية في تونس

المناخ السياسي في تونس منذ إعلان التدابير الاستثنائية في 25 يوليو

أعلن الرئيس التونسي في سبتمبر 2021، عن الأمر 117 المتعلق بالتدابير الاستثنائية، ومنح لنفسه صلاحيات واسعة، وعلق بموجبه أغلب أبواب الدستور التونسي، مع مواصلة تعليق جميع اختصاصات البرلمان ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، قبل أن يحله.

واعتبر، حينها، مختصون في القانون أنّ الإجراءات مخالفة للدستور، لكن مساندي الرئيس يعتبرونها دستورية.

وفي فبراير، استبدل الرئيس سعيّد المجلس الأعلى للقضاء المستقل بعد حله بمؤسسة مؤقتة تحت نفوذه. وفي يونيو/حزيران، منح نفسه صلاحيات، اعتبرت منظمة العفو الدولية أنّها غير قانونية، لعزل 57 قاضيًا تعسفيًا.

وفي إبريل/نيسان 2022 صدر في الجريدة الرسمية التونسية، المرسوم المتعلّق بتنقيح أحكام القانون الأساسي عدد 23 لسنة 2012 المتعلّق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات وإتمامها.

ويمنح التنقيح للرئيس صلاحية تعيين أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، كما يعين رئيس الجمهورية رئيس الهيئة من بين الأعضاء الثلاث للهيئات العليا المستقلة للانتخابات السابقة.

ويسحب التنقيح من المجلس التشريعي صلاحية اختيار المترشحين، وهو ما اعتبر ضربًا لاستقلالية الهيئة.

وفي مايو/أيار، كلف الرئيس سعيّد الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة، بصياغة دستور جديد للبلاد مع فرض “سرية المداولات” على عملها. وعقب نشر مشروع الدستور من قبل الرئيس تبرأ رئيس اللجنة الصادق بلعيد منه وقال إنّه لا يمت بصلة للنص الذي أنجزته الهيئة.

وأصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد مرسومًا لإجراء استفتاء وطني يوم 25 يوليو 2022، على مشروع دستور جديد، صوت عليه ما يقرب من 95 في المئة من الناخبين. ولم تتعد نسبة المشاركة فيه 30.5 في المئة من الناخبين المسجلين لدى الهيئة.

وقفة احتجاجية لمجموعة من الأحزاب التونسية المعارضة للاستفتاء على الدستور الجديد في يونيو 2022/ غيتي
وقفة احتجاجية لمجموعة من الأحزاب التونسية المعارضة للاستفتاء على الدستور الجديد في يونيو 2022 (Getty)

ويمنح الدستور الجديد للرئيس صلاحيات كبيرة في إطار نظام رئاسي، يسمح له بممارسة "الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة". وللرئيس صلاحية تعيين رئيس الحكومة وأعضائها وإنهاء مهامهم. وإلى جانب الحصانة "لا يسأل رئيس الجمهورية عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه".

وفي 13 سبتمبر 2022، صدر المرسوم عدد 54 لسنة 2022، يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال. وبينما تقول السلطة إن المرسوم تمّ إصداره لمكافحة انتشار الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعي يرى حقوقيون أنه أداة لضرب حرية الرأي والتعبير وسجن المعارضين.

وفي فبراير 2023، اعتقلت السلطات في تونس شخصيات من المعارضة بتهمة التآمر على أمن الدولة، قالت منظمات محلية ودولية بأنها إيقافات تعسفية. 

واعتبرت الجهات ذاتها، عدم الإفراج عنهم، بعد انقضاء مدة الاحتفاظ القانوني بهم في السجن المحددة بـ 14 شهرًا، "احتجازًا تعسفيًا وانتهاكًا لحق المعتقلين السياسيين في التماس الحرية".

اقرأ/ي أيضًا

كيف يؤثر تحيز وسائل الإعلام على صدقية المسار الانتخابي في تونس؟

ما قانونية سحب صلاحيات المحكمة الإدارية لصالح الاستئناف قبيل أيام من الانتخابات الرئاسية في تونس؟

الأكثر قراءة