تستعد تركيا للجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بعد انتهاء الجولة الأولى بعدم تحقيق أي من المرشحين نسبة تتجاوز 50% من الأصوات. ومن المقرر أن تجري الجولة المقبلة في 28 مايو/أيار الجاري بين رجب طيب أردوغان وكمال كليجدار أوغلو.
يني شفق تكشف شبكة حسابات تدعم كليجدار أوغلو
قبل أيام من الجولة الأولى للانتخابات التركية، كشفت صحيفة يني شفق التركية في تحقيقٍ لها، عن ست شبكات لمتصيدين إلكترونيين، تدعم المرشح الرئاسي المعارض كمال كليجدار أوغلو، ظهر أنها تدير 121 حسابًا ويتابعها قرابة 40 ميلون شخصًا في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي. ووفقًا لنتائج التحقيق، تبيّن أن الشبكات نشرت محتويات مضللة تتعلق بسير العملية الانتخابية وبمواضيع أخرى.
وفقًا للتحقيق، نشطت الشبكات في الفترة التي اندلعت فيها الحرائق في الغابات التركية عام 2021، واستغلت تصدر وسم #HelpTurkey لتمرير دعايات مضللة. كما نشطت خلال كارثة زلزال 6 فبراير/شباط الفائت، عن طريق إعادة نشر محتوى متشابه بثته بالتعاون مع مواقع مراهنات غير قانونية، بهدف نشر الخوف والقلق عند الناس، وإثارة خطاب الكراهية ضد اللاجئين في تركيا.
وكشف التحقيق أن الشبكات تعمل على تبديل أسماء المستخدمين وتغيير المحتوى الخاصّ بها كل فترة، حتى لا يقتصر عملها على فئة محددة من الجمهور، إذ تهدف للوصول إلى الهياكل الديمغرافية المختلفة في تركيا.
ما طبيعة الشبكات التي كشفتها يني شفق؟
ذكرت الصحيفة في تحقيقها أنّ إحدى الشبكات التي تمّ تحديدها تتكون من 47 حسابًا ويتابعها أكثر من 10 ملايين مستخدم، وكشفت أنّ المدعو أوبيت بارتين ( Übeyit Bartın) هو من يديرها مع عائلته وأقاربه. ويعدّ أوبيت من داعمي كتلة المعارضة في الانتخابات، وناشط في حزب اليسار الأخضر، ومتهم لدى الدولة التركية بنشر دعاية لحزب العمال الكردستاني. ونشطت هذه الشبكة تحديدًا عقب زلزال تركيا الأخير وأثناء اندلاع الحرائق عام 2021 باستغلال وسم #HelpTurkey. كما رُصد نشاطها في نشر منشورات مضللة متعلقة بالانتخابات التركية، من شأنها التأثير على خيارات الناخبين.
إلى جانب هذا، رصدت الصحيفة شبكة أخرى تتألف من خمسة حسابات يديرها مستخدم يحمل اسم "Furkan Güngör"، ويتابعه أكثر من مليون مستخدم على مواقع التواصل، تبيّن أيضًا أنها نشطت بنشر محتويات مضللة أثناء جائحة كورونا وزلزال تركيا الأخير والجولة الانتخابية الأولى.
كما كشفت عن شبكة تتكون من 19 حسابًا ولديها أكثر من سبعة ملايين متابع، ومن بين الحسابات التي تم تعقبها حساب يحمل اسم @Tonyukuk، تبيّن أنّ من يديره داعم للمعارضة التركية يُدعى أليكان بيلجيك (Alican Bilgiç).
وتعمل الشبكة على نشر معلومات مضللة تحرّض ضد المهاجرين واللاجئين والجماعات العرقية المختلفة في تركيا. ويذكر التحقيق أنَّ نشاط الشبكة زاد بعد إعلان حزب الجيّد والحزب الشعوب الديمقراطيّ، دعمه للمعارضة التركية.
بالإضافة إلى حسابات أخرى تمّ الكشف عنها، تنشر معلومات مضللة وخطابات كراهية ضد اللاجئين، وتحرّض على العنف ضد المرأة وتعمل على زعزعة الأمن في الانتخابات التركية، كما وصفت الصحيفة.
دائرة الاتصالات التركية تطالب بتحقيق حول الشبكات
بعد نشر تحقيق "يني شفق" الذي يكشف وقوف شبكات إلكترونية على مواقع التواصل خلف كليجدار أوغلو، مرشح الانتخابات الرئاسية، تقدمت دائرة الاتصالات التابعة للرئاسة التركية بشكوى قضائية إلى النيابة العامّة التي فتحت تحقيقًا بالموضوع.
وورد في الشكوى، أنَّ بعض الحسابات الوهمية تنشر معلومات مضللة بشكلٍ ممنهج وعن قصد بهدف زعزعة الأمن والاستقرار في فترة الانتخابات، والتشويش على الناخبين وخياراتهم، مؤكدة أنَّ نشر المعلومات المُضللة يصنّف تحت بند الجرائم الإلكترونية التي تستدعي تدخلًا عاجلًا لمعاقبة المضللين.
وقد أصدرت النيابة العامة بدورها، بلاغًا أحالته إلى مديرية الأمن في أنقرة طالبت فيه تعقب المضللين والكشف عن هويتهم من أجل معاقبتهم.
اتهامات متبادلة بين أردوغان وكليجدار أوغلو
في في السابع من مايو الفائت، عرضَ أردوغان لمؤيديه مقطع فيديو يظهر فيه خصمه مرشح تحالف المُعارضة كمال كليجدار أوغلو، وهو يدعو الناخبين إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع، ثم تظهر مشاهد لزعيم حزب العمال الكردستانيّ، مراد قاريلان ((Murat Karayılan، يقف إلى جانبه عدد من المسلحين وفي الخلفية أغنية مرتبطة بحملة كليجدار الانتخابية. ثمَّ تظهر صورة المنافس المعارض في المقطع مرة أخرى.
واتهم أردوغان في لقاء عقده مع مجموعة من الشباب، يوم 12 مايو الجاري، خصمه أوغلو بأنه"مدعوم من قائد الجماعات الإرهابية"، إشارة إلى قاريلان، واستخدم مقطع الفيديو المشار إليه أعلاه، دليلًا لدعم قوله، إذ تساءل أردوغان حول إمكانية تصويت المواطنين لـ"هؤلاء الإرهابيين".
من جهته، قال كليجدار أوغلو إنَّ هذه المشاهد مزيفة، وتحيك المؤامرة ضده، متهمًا روسيا بالوقوف خلف فبركة هذه المقاطع باستخدام تقنية الزيف العميق، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي والتدخل في الانتخابات التركية.
وغرّد كليجدار أوغلو على صفحته باللغتين التركية والروسية: "أصدقائي الروس الأعزاء، أنتم وراء المونتاج والمؤامرات والمحتوى والأشرطة المزيفة العميقة التي تم الكشف عنها في هذا البلد". وأضاف "إذا كنتم تريدون استمرار صداقتنا بعد 15 مايو، اسحبوا أيديكم من الدولة التركية، ما زلنا نؤيد التعاون والصداقة".
روسيا تنفي اتهامات كليجدار بتدخلها في الانتخابات التركية
من ناحيته، نفى المتحدث الرئاسي الرسمي لروسيا، دميتري بيسكوف، اتهامات أوغلو بتصريح له في تاريخ 12 مايو الفائت، وأكّد أن لا علاقة لموسكو بمقاطع الفيديو التي يتمّ ترويجها على مواقع التواصل الاجتماعيّ، كما نفى تدخل روسيا في الشؤون التركية الداخلية أو الانتخابات التركية.
وقال دميتري إنَّ موسكو تعتز بعلاقاتها مع أنقرة، لأنها تتخذ موقفًا مسؤولًا للغاية. وتابع أنّ المعارضة التركية لم تقدم حتّى اللحظة أدلة حول تدخل روسيا في الانتخابات التركية، لأنَّ هذه الأدلة غير موجودة، وهي من نسج خيالها الخاصّ، وفقًا لقوله.
نتائج الانتخابات التركية
وبحسب الهيئة العليا للانتخابات التركية، حاز أردوغان على 49.51% من أصوات الناخبين، فيما حصل كليجدار أوغلو على 44.92 من الأصوات. أمّا سنان أوغان فقد نال 5.17% ومحرم إنجه الذي انسحب من الانتخابات، حصل على نسبة 0.44%.
ولم ينجح أي من المرشحين في نيل 50% من أصوات الناخبين خلال الجولة الأولى، لذلك تستعد البلاد لجولة ثانية وسط منافسة قوية بين المُرشحين أردوغان وكليجدار أوغلو، لحسم الانتخابات الرئاسية.
المصادر
اقرأ/ي أيضًا