توصلت منظمة ACLED غير الربحية، التي تتعقب العنف السياسي والاحتجاجات السياسية في جميع أنحاء العالم، إلى أن 97% من تظاهرات "الحرم الجامعي"، المنددة بالحرب الإسرائيلية على غزة، والتي وقعت في الولايات المتحدة منذ منتصف إبريل/نيسان الفائت، كانت سلمية، وأنّ 3% بالمئة منها شهدت أعمال عنف تمثلت في اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الشرطة، أو بين المتظاهرين ومؤيدين لإسرائيل.
وقد خلص تحليل شمل 553 مظاهرة في الحرم الجامعي الأميركي في جميع أنحاء البلاد، بين 18 إبريل و3 مايو/أيار، إلى أنّ أقل من 20 من مظاهرة من تلك التظاهرات تضمنت عنفًا شخصيًّا خطيرًا أو تلف للممتلكات، وفقًا لإحصائيات من مشروع بيانات موقع النزاعات المسلحة والأحداث (ACLED).
وخلال الفترة نفسها، وثقت المنظمة ما لا يقل عن 70 حالة من المداهمات الشرطية القوية ضد احتجاجات الجامعات الأميركية، والتي تشمل اعتقال متظاهرين واستخدام تكتيكات التشتيت، بما في ذلك استخدام المواد الكيميائية والعصي وغيرها من أساليب استخدام القوة للفض.
ووفقًا لبيانات المنظمة، فإن ما يقرب من نصف عدد احتجاجات الجامعات الأميركية، شهدت اشتباكات بين المتظاهرين وأفراد من الشرطة أثناء اقتحامهم مخيمات الاحتجاجات داخل الحرم الجامعي.
وقد نُظّمت تجمعات احتجاجية تضامنية مع غزة في جامعات مختلفة في جميع أنحاء الولايات المتحدة منذ إبريل الفائت، إذ أعرب الطلاب عن مطالبهم المتنوعة، وعلى رأسها وقف إطلاق النار في غزة، وسحب الاستثمارات من الشركات الإسرائيلية والشركات التي تزود قوات الاحتلال الإسرائيلي بالعتاد، وقطع العلاقات مع الجامعات الإسرائيلية. وقد ألهمت هذه التظاهرات الاحتجاجات الطلابية في جميع أنحاء المملكة المتحدة وأوروبا.
استدعاء رؤساء الجامعات للشرطة أدى إلى تفاقم الأحداث
دعا رؤساء العديد من الجامعات الشرطة إلى مداهمة المخيمات بالقوة، خاصة منذ يوم 18 إبريل الفائت، عندما اعتُقل 108 طالب/ة في جامعة كولومبيا وحدها. ولاحقًا اعتُقل أكثر من 2600 طالب/ة في أكثر من 50 حرمًا جامعيًا في الولايات المتحدة، وفقًا لما نشرته وكالة أسوشييتد برس.
وقال رؤساء الجامعات "إنّ الطلاب يعطّلون الحياة الجامعية، مما يهدد سلامة الطلاب، ويخلق بيئة خانقة ومخيفة. وأضاف رئيس جامعة جنوب كاليفورنيا كارول، قائلًا إن "إن هذا السياق سيؤدي إلى منحدر خطير جدًا".
كما انتقد الرئيس الأميركي جو بايدن أيضًا احتجاجات الجامعات المساندة لقطاع غزة، محذّرًا من أن "المعارضة يجب ألا تؤدي أبدًا إلى الفوضى"، وأنّ "الاحتجاجات العنيفة ليست فوق القانون".
وأضاف بايدن في الثاني من مايو أنّ "التخريب، التعدي، تكسير النوافذ، إغلاق الجامعات، إجبارها على إلغاء الدروس وحفلات التخرج. كل هذا ليس احتجاجًا سلميًّا، بل وتهديد الناس، تخويفهم، ونشر الخوف بينهم ليس احتجاجًا سلميًا".
وكشفت الدراسة التي أجريت على أكثر من 550 احتجاجًا في مختلف الجامعات الأميركية، حتى الثالث من مايو الجاري، عن حالتين من الأضرار طاولتا الممتلكات، واعتبرتا خطيرتين بما يكفي لوصف المظاهرة بعنيفة. الأولى عندما حطم طلاب في جامعة بورتلاند الحكومية الزجاج وأضرموا النار في الأثاث وأجهزة الكمبيوتر أثناء إشغالهم لمكتبة الحرم الجامعي. والثانية عندما كسر المتظاهرون في جامعة كولومبيا النوافذ أثناء عملهم في مبنى الحرم الجامعي، وكلا الحادثين حصلا في 30 إبريل الفائت.
وفي هذا الصدد، قالت كيران دويل، مديرة الأبحاث في منطقة أميركا الشمالية لدى المنظمة أنه "لا نعتبر الكتابة على الجدران أو الطلاء بالرش من الأمور التي تدل على مظاهر لاحتجاجات عنيفة".
وأضافت دويل إن الاحتجاجات السلمية هي تلك التي لا تنطوي على عنف جسدي خطير أو تسبب في أي تلف في الممتلكات، ويشتمل تعريفها للمظاهرة العنيفة على ظواهر منها "العنف الجسدي الذي يتعدى الدفع أو الضرب، أو تدمير الممتلكات الذي ينطوي على كسر للنوافذ أو ما هو أسوأ".
وبهذا التعريف، ظلت الغالبية العظمى من احتجاجات الحرم الجامعي الأميركية الأخيرة سلمية.
وشهدت 3% من احتجاجات الحرم الجامعي في الولايات المتحدة، أعمال عنف جسدي بين المحتجين المؤيدين للقضية الفلسطينية والمناهضين للاحتجاجات، بالإضافة إلى بعض الأضرار التي لحقت بالممتلكات أو مواجهات مع الشرطة.
اعتداء على مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في جامعة كاليفورنيا
وأبرز حادثة عنف وقعت في احتجاجات الجامعات الأميركية حتى الآن، هي تعرض مظاهرة تضامنية مع غزة في جامعة كاليفورنيا لوس أنجليس، إلى هجوم من قبل مجموعة من المتسللين المقنعين الذين حاولوا إغلاق المعسكر، حين اعتدوا على الطلاب باستخدام المقذوفات والألعاب النارية وأدوات كيميائية، وقد تصادمت المجموعتين لساعات، في حين تراجع مسؤولو إنفاذ القانون أو فشلوا في التدخل.
وجاء الهجوم الذي وقع في وقت متأخر من الليل في جامعة كاليفورنيا لوس أنجليس، عقب حالتين سابقتين من العنف الأقل خطورة في الجامعة نفسها، وفقًا للدراسة، بما في ذلك تقارير نشرت يوم 28 إبريل عن شجار بين المتظاهرين من كلا الجانبين.
وتضمنت حوادث العنف الأخرى التي وقعت أثناء احتجاجات حرم الجامعات الأميركية على "مناوشة" في الأول من مايو، وقعت بين متظاهرين مؤيدين لفلسطين وآخرين لإسرائيل في جامعة كاليفورنيا في بيركلي.
تسببت مداهمات الشرطة للاحتجاجات بخلق أجواء عنيفة في المخيمات
لم يركز جزء كبير من النقد العام للاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في الولايات المتحدة على العنف الجسدي، بل على الخطاب الذي استخدمه المحتجون، بما في ذلك المناقشات الحادة حول متى يعدّ النقد الموجه للحكومة الإسرائيلية أو لإسرائيل معاداة للسامية، وخطاب يحض على الكراهية، وما هو مدى تأثير هذه التظاهرات على الأمان العاطفي لدى الطلاب اليهود في الحرم الجامعي.
وقد أثار الأسبوع الفوضوي الذي انتهى في الثالث من مايو، والذي شهد شن حملات إنفاذ قانون في الجامعات في جميع أنحاء البلاد، مناقشات جديدة حول ما إذا كانت تدخلات الشرطة العنيفة تشكل استجابة مناسبة للاحتجاجات الطلابية في الحرم الجامعي.
يُشار إلى أنّ 3% من الاحتجاجات التي صنفتها الدراسة على أنها عنيفة، سببها شجار متظاهرين مع الشرطة التي اقتحمت مخيمات الاحتجاج. مثل حوادث في جامعة تكساس في أوستن يوم 24 إبريل، وفي كلية إيمرسون في بوسطن يوم 25 أبريل، وفي جامعة إلينوي في إربانا شامبين يوم 26 أبريل، وفي جامعة واشنطن في سانت لويس يوم 27 إبريل، عندما صرح مسؤولو الحرم الجامعي إن ثلاثة من ضباط الشرطة قد أصيبوا بمن فيهم فرد يعاني من "ارتجاج شديد" وآخر قد كسر إصبعه. وفي جامعة ويسكونسن بماديسون، في الأول من مايو، عندما أصيب جندي تابع للولاية بعد ضربه على الرأس بلوح تزلج.
وقالت دويل إنّ إحصائيات التظاهر في الولايات المتحدة الأميركية تستند إلى تحليل فريق البحث الخاص بها لمئات وسائل الإعلام المحلية والصحفيين المستقلين وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الموثقة، ويتم تحديث مجموعات البيانات بمعلومات جديدة فور ظهورها. وتتم مراجعة الأرقام للتأكد من اتساقها من قبل فريق للمنهجيات منفصل، وفي هذا السياق، قالت دويل إنّ تحليل ما إذا كان ينبغي تصنيف بعض حوادث الحرم الجامعي الأخيرة على أنها عنيف أم لا، لا يزال مستمرًا.
وكانت قد أظهرت دراسة أخرى للمنظمة، استندت إلى بيانات عن الاحتجاجات حتى يوم 26 إبريل، أفادت أن 99% من التظاهرات التي شارك فيها الطلاب كانت سلمية.
وبالنظر إلى جميع التظاهرات المتعلقة بالحرب على غزة في الولايات المتحدة منذ السابع من أكتوبر، وجدت المنظمة أن الشرطة قد تدخلت بقوة ضد التظاهرات المؤيدة لفلسطين التي تضمنت طلابًا، خمس أضعاف تدخلها ضد التظاهرات التي تضمنت طلابًا مؤيدين لإسرائيل، وفقًا لبيانات محدثة حتى الثالث من مايو. (تستند هذه الإحصائية إلى نسبة التظاهرات من كل نوع تدخلت فيها الشرطة بقوة، وليس إلى العدد الإجمالي للاحتجاجات).
اقرأ/ي أيضًا
اتهامات مضلّلة بمعاداة السامية تطاول الطلاب المحتجين في الجامعات الأميركية
ادّعاءات مضللة طاولت المظاهرات الطلابية الأميركية المنددة بالعدوان الإسرائيلي على غزة